شنت القوات العراقية خلال الشهر الماضي عشرات العمليات المكثفة التي استهدفت فلول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) المختبئين في الجحور الجبلية والصحراوية والأدغال.
وقال قادة عسكريون ومحللون لديارنا إن "حرب الاستنزاف" التي روج لها قائد داعش أبو بكر البغدادي العام الماضي، ومحاولات التنظيم لخداع أتباعه قد انهارت في وجه تلك العمليات.
وشاركت القوات الأمنية في حملات واسعة النطاق، بما في ذلك حملة تكملة عملية "أسود الجزيرة" في 16 و17 أيار/مايو في الصحراء الغربية.
كذلك، نفذت المرحلة الثانية من عملية "أبطال العراق، نصر السيادة من 2 إلى 4 حزيران/يونيو في جنوبي غربي كركوك، وأطلقت القوات العراقية المرحلة الثالثة في شمالي وشرقي العراق.
وفي هذا الإطار، ذكر قائد عمليات سامراء اللواء الركن عماد الزهيري إنه وجه قواته مؤخرا لتنفيذ سلسلة عمليات ضد فلول داعش، و"ضيقنا الخناق كثيرا على فلول العدو وأحبطنا مخططاتهم".
وأضاف لديارنا في 18 حزيران/يونيو أن فلول داعش "حاولوا التحرك ضمن خلايا صغيرة في قرى خالية من السكان والقيام ببعض العمليات الإرهابية، لكننا نتعقبهم دائما ونقوم بقتلهم أو اعتقالهم".
وأشار إلى أن العمليات العسكرية "استنزفت ما لدى الإرهابيين من موارد وقطعت طرق مواصلاتهم التي اعتمدوا عليها في هجماتهم".
وشدد "لدينا اليوم إمكانات وتقنيات عالية لرصد تحركات هؤلاء الإرهابيين ولا سيما الذين يأتون من قرى ومناطق نائية كحوض العظيم والعيث والصلابخة، حيث نتدخل سريعا ضدهم ونستهدفهم في الحال".
تفكيك الآلة الترويجية لداعش
وبدوره، قال عماد علو وهو مستشار في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات إن العمليات الأمنية المتلاحقة "دمرت محاولات الانفتاح العملياتي للتنظيم الإرهابي".
وأضاف لديارنا أن هذه العمليات "مؤثرة للغاية في صفوف العدو نظرا لتركيزها على أهداف إرهابية مشخصة بدقة عبر الدعم الاستخباري، وأيضا تمشيطها لمساحات شاسعة ذات طبيعة جغرافية صعبة".
وقد نتج عن العمليات "قتل واعتقال أعداد كبيرة من الإرهابيين وتدمير أنفاق وكهوف ومراكز مراقبة وتخطيط بالإضافة لمستودعات ذخيرة وأسلحة".
وأشار علو إلى أن الضغط العسكري "نسف الزخم الإعلامي للتنظيم ومساعيه لشد أزر أتباعه عبر الترويج لمفهوم حرب الاستنزاف واستنفار المعنويات في إصداراته المرئية الأخيرة ومن بينها فيديو ʼفضرب الرقابʻ الصادر مؤخرا".
وقد احتوى هذا الفيديو على سلسلة مقاطع مصورة تظهر هجمات مختلفة نفذها عناصر داعش في الأسابيع الماضية.
هذا وأعاد المتحدث باسم داعش أبو حمزة القرشي في كلمة صوتية له نشرت نهاية أيار/مايو الفائت، الكلام الذي روجه التنظيم في الأشهر الماضية عن فيروس كورونا (كوفيد-19) بالإشارة إلى أن هذا الأخير هو "جندي أرسله الله للطواغيت" وأنه "عقاب إلهي".
وأوضح علو أن إقحام الوباء في رسائل داعش الإعلامية يأتي في إطار جهود التنظيم الرامية إلى "استثارة العواطف الدينية لعناصره والعبث بعقولهم وتضليلهم لكي ينشط عملياتهم الإرهابية".
وتابع "هذا ما حصل نوعا ما في أماكن هشة أمنيا قبل أن يتعرضوا لاحقا لانتكاسة جديدة على أيدي قواتنا".
مقتل واعتقال العشرات من عناصر داعش
وفي هذا الإطار، ذكر الخبير الأمني عدنان الكناني وهو مسؤول متقاعد في جهاز مكافحة الإرهاب، أن أي مراهنات من داعش على الجائحة الوبائية سرعان ما تبددت، نظرا للعمليات الأمنية التي استهدفت التنظيم الإرهابي.
وقال لديارنا "فالقوات الأمنية التي تدربت على أداء مهماتها في حماية المواطنين تحت أقسى الظروف ذهبت لتكثيف عملياتها العسكرية ولم تمنح التنظيم فرصة التقاط الأنفاس واستجماع قدراته البشرية واللوجستية، كما كان يأمل".
وأكد الكناني أن "الأنشطة العسكرية الأخيرة والتي اشتركت فيها قطعات مختلفة، كانت منسقة بدرجة عالية ومؤثرة في صفوف التنظيم".
هذا وقتل العشرات من عناصر داعش في ضربات جوية نفذت لدعم العمليات التي استهدفت الأوكار وعدة أنفاق في جبال مخمور وحمرين ووادي الشاي ومناطق أخرى، بالإضافة إلى تدمير خطوط الدعم اللوجستي في الحضر والبعاج وتكريت وصحراء الأنبار.
كذلك، ألقت الاستخبارات العراقية في الأسابيع الثلاثة الأولى من حزيران/يونيو القبض على 27 إرهابيا متورطين بتنفيذ عدة جرائم.
وأشار الكناني إلى أن داعش فقدت منذ فترة طويلة القدرة على شن هجمات واسعة، ونشاطاتها اليوم "مجردة من الطابع النوعي إذ تصنف كعمليات كر وفر بائسة ليس فيها سوى التهويل الإعلامي".