حذرت جهات مختصة من تحول الأطفال المقيمين في مخيم الهول السوري إلى "قنابل موقوتة" بسبب تعرضهم لخطر التطرف، وذلك جراء تربيتهم تحت مظلة الأفكار المتطرفة وفي ظروف قاسية.
وأوضحوا أن العديد من النساء اللواتي تنتمين إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في المخيم يواصلن غرس الفكر الرديكالي في أذهان أطفالهن وغيرهم من الأطفال.
وحول هذا الموضوع قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في إحاطة يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر، إن "هناك نحو 34 ألف طفل تحت سن 12 في مخيم الهول، أكثر من 120 منهم غير مصحوبين بعائلاتهم أو مفصولين عنها ويعيشون في مركز رعاية مؤقتة داخل المخيم".
وأضاف أن ظروف الحياة في هذا المخيم "صعبة بكل المقاييس"، كاشفا أنه خلال الأشهر الأخيرة "أعرب العاملون في المجال الإنساني عن قلقهم من تدهور الحالة الأمنية في المخيم نتيجة لتصاعد أعمال العنف فيه".
من جهتها، أكدت العاملة في قسم الإغاثة بالهلال الأحمر الكردي في مخيم الهول، نرمين عثمان، أن المشاكل التي يتعرض لها أطفال مخيم الهول هي من أخطر المشاكل التي يواجهها العاملون في النشاط الإغاثي والاجتماعي في المخيم.
وأشارت إلى أن الأطفال ينقسمون إلى ثلاث فئات، تضم الأولى الذين يعيشون مع عائلاتهم وهم من أطفال عناصر داعش أو المتعاونين معهم او من العائلات التي ما تزال محتجزة في المخيم.
أما الفئة الثانية فتضم الأطفال الذين يعيشون في المخيم مع أمهاتهم لأنهم فقدوا أباءهم، وغالبية هؤلاء هم من عناصر التنظيم القتلى أو الهاربين، فيما تضم الفئة الثالثة الأطفال اليتامى الذين عثر عليهم في المناطق التي حررت من داعش.
وقالت عثمان لديارنا، إن المنظمات العاملة في المخيم تبذل قصارى جهدها لخلق بيئة مناسبة للأطفال. "إلا أن ضعف التقديمات ومحدودية الموارد ، يقفان حجرة عثرة أمام تقديم المساعدة اللازمة لهذا العدد الكبير من [الأطفال]".
وأضافت أن المدارس لا تستوعب كل الأطفال، ولا مجال لضمهم جميعا إلى الأنشطة اليومية التي تجري في المخيم.
عقول صغيرة طيّعة
بدورها، اعتبرت أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة، باسمة حسني، أن الأطفال في الهول هم "قنابل موقوتة تعدها نساء [داعش] المتواجدات في المخيم".
وأوضحت أن "الأطفال حتى سن 18 يحتاجون إلى مدارس وبيئة اجتماعية طبيعية، ودون ذلك ستكون إعادتهم إلى مسار الحياة الطبيعية صعبة جدا مع تقدمهم في العمر".
وأشارت إلى ضرورة أن تحظى هذه المسألة باهتمام دولي كون هؤلاء الأطفال ينتمون لجنسيات عدة، ولأن إعادة دمجهم في المجتمة "عملية صعبة تتطلب تمويلا كبيرا".
وتابعت حسني أن "هذا أمر لا تستطيع دولة لوحدها إو إدارة مخيم الهول القيام به على الاطلاق".
ووفقا لليونيسف، يعيش في مخيم الهول نحو 40 ألف طفل يتحدرون من أكثر من 60 دولة.
وأوصت حسني بأن يتم إرسال هؤلاء الأطفال إلى دولهم الأم ليخضعوا تحت إشراف منظمات دولية لعلاج يزيل ترسبات التطرف من عقولهم ويعيد تثقيفهم من جديد، إذ من المهم جدا إخراجهم من البيئة الصعبة التي يعيشون فيها.
ولفت إلى أن "أدمغة الأطفال في المراحل العمرية المبكرة تكون قابلة لامتصاص الأفكار التي تغذى عقولهم بها، وبالتالي فإن بقاءهم تحت سيطرة النساء المتطرفات، حتى لو كن أمهاتهم، سيدفع بهم في نهاية المطاف إلى التطرف وتبني الأفكار الشاذة".
وكانت القوات الكردية التي تدير المخيم قد طالبت مرارا الدول الأم باستقبال المقاتلين الأجانب وعائلاتهم.
وباستثناء استقبال الأيتام، تلكأ العديد من الدول في الاستجابة لهذا المطلب.
وفي هذا السياق، تم يوم الاثنين، 26 تشرين الأول/أكتوبر، ترحيل أربعة أطفال ألبان من مخيم الهول بناء لطلب الحكومة الألبانية.
أما الناشط الاعلامي والاجتماعي عمار صالح، فقال إنه من خلال تغطيته لمخيم الهول وعمله فيه مع إحدى المنظمات الإنسانية والاجتماعية، شاهد من كثب تصرفات نساء تنظيم داعش هناك.
وكشف لديارنا "أنهن يمنعن أطفالهن وأطفال نساء كثيرات من حضور الفعاليات الترفيهية والاجتماعية والدراسية التي تقام في المخيم، وذلك لإبقائهم تحت سيطرتهن".
وبدلا من ذلك، يزرعن أفكار داعش المتشددة في عقول الأطفال لإنشاء جيل جديد من عناصر داعش، خصوصا أن العديد من النساء ما زلن تؤمنن بهذه الافكار.
ووفقا لصالح، غالبا ما تعمد هؤلاء النسوة إلى ترهيب النساء الأخريات واستخدام العنف ضدهن بهدف السيطرة على الأطفال.