بدأ البدو والرعاة الذي يعيشون حياة البدو في صحراء الأنبار بالقرب من الحدود مع سوريا، بالانتقال إلى أطراف بعض المدن العراقية في ظل شكاوى عن تعرضهم لمضايقات على يد الميليشيات المدعومة من إيران.
وقد نزح العديد من البدو عندما اجتاح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أراض شاسعة في الأنبار في منتصف العام 2014، وعادوا إلى المناطق الصحراوية بالمحافظة بعد أن طردت قوات الجيش العراقي والتحالف الدولي التنظيم منها في أواخر العام 2017.
والآن، قال بدو رحل ومسؤولون محليون لديارنا، إنهم أجبروا على الانتقال إلى أماكن أخرى مجددا، وكانت سبب ذلك هذه المرة الميليشيات المدعومة من إيران والتي تعمل تحت مظلة قوات الحشد الشعبي.
وقد تمركزت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، بينها كتائب حزب الله وحركة النجباء وسرايا الخراساني، وعززت وجودها في المنطقة المحاذية للحدود السورية منذ هزيمة داعش.
فاحتلت المنازل والممتلكات الخاصة في المنطقة الحدودية، وأقامت ثكنات ومواقع عسكرية ومستودعات أسلحة. وقد أثنت هذه الأفعال الكثيرين ممن نزحوا جراء أفعال داعش، عن العودة.
هذا وتعتبر القائم التي تقع مقابل مدينة ألبو كمال السورية، معبرا أساسيا مع سوريا. وقد شكلت المدينة الحدودية نقطة عبور للميليشيات الداعمة للنظام السوري وأصبحت محورا لها.
وأوضح خبراء لديارنا أن تواجد الميليشيات المدعومة من إيران في هذه المنطقة، يدعم هدف إيران النهائي بتشكيل طريق بري عابر للمناطق.
البدو يشتكون من المضايقات
وانتقل قسم كبير من البدو الرحل والرعاة مع خيامهم ومواشيهم إلى مناطق قريبة من مدن القائم وهيت والمحمدي، مؤكدين تعرضهم لمضايقات من قبل الميليشيات المسلحة.
وادعوا أن عناصر الميليشيات استولت أيضا على رؤوس ماشية وأبل وأتلفت خزانات المياه لمنعهم من العودة إلى مناطقهم، فضلا عن الاعتداء بالضرب على قسم منهم.
وبحسب تقارير إعلامية محلية، قامت الميليشيات بهذه الأفعال، بما في ذلك إجبار البدو على النزوح ومطالبتهم بالدفع بالأوراق النقدية أو الماشية بحجة أنهم يدعمون الإرهابيين.
وقال مسؤول محلي طلب عدم الكشف عن اسمه، لديارنا إنه تم مؤخرا تسجيل نحو 80 حالة نزوح من بدو ورعاة من صحراء الأنبار جراء المضايقات التي نفذتها الميليشيات التابعة لإيران.
وأضاف أن البعض تعرضوا للنهب وأجبروا على دفع الاتاوات، فيما تم الاعتداء بالضرب على آخرين ودمرت ممتلكاتهم.
وأضاف أن هؤلاء النازحين خيموا عند أطراف مدن الأنبار وتقدموا بشكاوى أمام الشرطة العراقية بشأن المضايقات التي واجهوها.
وتابع أن الإفادات تظهر أن الميليشيات المدعومة من إيران تهدف إلى "إخلاء تلك المناطق من أي تواجد مدني بغية ممارسة أنشطة غير قانونية ترتبط بإيران والنظام السوري".
الميليشيات تمارس ʼدورا تخريبياʻ
وفي هذا الإطار، قال العقيد محسن ستار العوادي من قيادة عمليات الجزيرة والبادية، إن القوات العراقية تلقت شكاوى مختلفة من بدو ورعاة حيال مضايقات وقضايا ابتزاز في مناطق بالقرب من القائم والرطبة والعناز.
يُذكر أن قيادة عمليات الجزيرة والبادية مسؤولة عن الحفاظ على أمن صحراء الأنبار التي تمتد حتى الحدود مع سوريا.
وقال العوادي لديارنا إن القوات العراقية ستنتشر في مناطق قريبة من أماكن تواجد البدو، من أجل تأمين الحماية لهم ومنع حدوث هجمات في المستقبل.
وفي فيديو تناقله ناشطون محليون عبر الإنترنت، ظهر زعيم في سرايا الخراساني وهو يصادر الأوراق الثبوتية لأحد البدو الرحل في الصحراء دون الكشف عن أي سبب.
وبدوره، ذكر الخبير في الشأن الأمني العراقي أحمد الحمداني أن المضايقات هي امتداد لمساعي الميليشيات المرتبطة بإيران في السيطرة على المنطقة الحدودية.
وأضاف لديارنا أن قضايا المضايقات المتكررة لا تشمل فقط البدو أو الرعاة، بل أيضا سكان القرى الحدودية.
ولفت إلى أن تلك الميليشيات تمارس دورا تخريبيا وتضيف عبء على قوات الأمن العراقية التي تسعى لتوفير الاستقرار في تلك المناطق.
ومن جانبه، قال السياسي العراقي طالب العيساوي لديارنا إن الاستراتيجية الإيرانية في العراق قائمة على استمرار حالة غياب الاستقرار في البلاد، "لأن الاستقرار يعني نزع آخر ذرائعها في التدخل بالشأن العراقي ووقف تأسيسها للميليشيات".
وأضاف أن إيران تريد السيطرة على المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، وقد ركزت على توسيع هيمنتها في تلك المناطق بواسطة الميليشيات.