أكد مسؤولون عراقيون في محافظة الأنبار أن سبب عدم استقرار مدينة القائم الحدودية يعود إلى الانتشار المتزايد للميليشيات التابعة لإيران.
وشهدت القائم في 29 كانون الأول/ديسمبر استهداف 3 غارات جوية أميركية لجماعة مسلحة موالية لإيران، وذلك ردا على هجوم صاروخي نفذ ضد قاعدة عسكرية عراقية في كركوك أسفر عن مقتل مقاول مدني أميركي.
وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها استهدفت مخابئ أسلحة أو مراكز قيادة ومرافق تحكم مرتبطة بكتائب حزب الله في غرب العراق وشرق سوريا.
وبعد بضعة أيام، أسفرت ضربة أميركية استهدفت مطار بغداد الدولي عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
وقال مسؤولون محليون إن الميليشيات المدعومة من إيران في القائم تشمل إلى جانب كتائب حزب الله، حركة النجباء وكتائب الإمام علي وسرايا الخراساني وكتائب سيد الشهداء وكتائب جند الإمام.
وأضافوا أن هذه الميليشيات حولت المنازل الخاصة في الأحياء السكنية بالقائم إلى مقرات ومخابئ للأسلحة، الأمر الذي منع الأهالي النازحين من العودة إلى المدينة.
تواجد كثيف للميليشيات
وعزا أحد المسؤولين في قضاء القائم النسبة القليلة من العائدين إلى المنطقة الذين نزحوا جراء أفعال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إلى تواجد هذه الميليشيات.
وقال إن الميليشيات تدخلت في حياة الأهالي وارتكبت اعتداءات بحقهم، كما فرضت قيودا على حرياتهم الشخصية.
وذكر المسؤول لديارنا أن عدد عناصر الميليشيات بات اليوم يفوق عدد السكان في بعض أنحاء المدينة.
وأضاف أن الميليشيات صادرت المنازل لاستخدامها الشخصي وحولت بعضها إلى مستودعات أسلحة في أحياء مجمع الفوسفات والمعلمين والجمرك والأطباء.
وتابع أنه مع أن عناصر داعش فقدوا تواجدهم ونفوذهم في المدينة، إلا أن هذه المنطقة لا تزال غير آمنة وغير مستقرة بسبب الميليشيات المتواجدة فيها منذ نحو سنتين وتلك التي تدخل عبر الأراضي السورية.
وإن القائم المقابلة مباشرة للحدود مع مدينة ألبو كمال السورية، تعتبر نقطة عبور أساسية إلى سوريا.
وأشار المسؤول إلى أن الميليشيات متواجدة حاليا في 29 موقعا داخل القائم، هذا من دون ذكر ثكناتها ومواقعها عند أطراف المدينة.
وحذر قائلا إنه في حال استمرار هذا الوضع، فسيفوق عدد عناصر الميليشيات عدد الأهالي المتواجدين في المنطقة.
وبدوره، قال الشيخ محسن عبيد العيساوي أحد وجهاء المدينة لديارنا إن الميليشيات متواجدة فعليا بأوامر إيرانية، وإلا فلا داعي لوجود الآلاف منها في مدينة صغيرة تنعم بالأمان منذ عامين.
ولفت إلى أن تواجدها يعود إلى الموقع الاستراتيجي للقائم، قائلا إن المدينة الحدودية شكلت نقطة عبور للميليشيات الداعمة للنظام السوري وقد أصبحت محورا لها.
وفي هذا السياق، قال خبراء لديارنا إن تواجد الميليشيات التابعة لإيران يدعم هدف إيران ببسط سيطرتها على مناطق أساسية على طول الحدود السورية والعراقية، وهدفها النهائي المتمثل بإنشاء طريق بري إقليمي.
عدم استقرار يمنع عودة الأهالي
وقال العيساوي إن آلاف العائلات النازحة من القائم قد اختارت البقاء في إربيل وبغداد والرمادي وفي مخيمات النزوح حتى، بدل العودة إلى مدينة يعتبرونها غير آمنة.
وذكر أن العديد من أهالي القائم يرغبون بالعودة، إلا أنهم لا يشعرون بالأمان نظرا لتواجد الميليشيات المدعومة من إيران.
وأضاف أنه يسهل رؤية هذا الانتشار، لافتا إلى أن بعض عناصر الميليشيات يلصقون صور المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي على سياراتهم أو صدورهم.
وقال "غادرت المدينة ومثلي كثيرين وما زلنا نسمع قصصا عن تلك الميليشيات التي تستبيح المدينة كما استباحت الحدود العراقية السورية من قبل"، مشيرا بذلك إلى محاولات التهريب الموثقة.
ومن جانبه، قال النائب عن تحالف القوى يحيى المحمدي إن وجود الميليشيات المسلحة داخل المدن العراقية وعلى مداخلها، هو انتهاك لأمر سابق صدر من الحكومة.
وأوضح أن هذا الأمر نص على ضرورة إخراج قوات الحشد الشعبي من المدن وإبعادها عن مناطق التماس للمواطنين، قائلا إن "هناك شكاوى من التصرفات التي تُمارس من بعض عناصر تلك الفصائل المسلحة".
وروي علي العاني وهو من سكان القائم، كيف غادر المدينة مع أسرته قبل أسابيع بسبب ما يصفه بالمضايقات الممارسة من الميليشيات التابعة لإيران.
وأضاف لديارنا أن المدينة نعمت بالأمان في ظل غياب تنظيم داعش طوال أشهر طويلة، إلا أنها تواجه اليوم خطرا جديدا تمثله الميليشيات، ولم تعد مكانا آمنا للعائلات.