أخبار العراق
أمن

الميليشيات في العراق تصعد هجماتها سعيا لزيادة الضغط السياسي

فارس العمران

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي يتفقد طفلا أصيب إثر سقوط صواريخ بالقرب من منزله يوم 25 كانون الثاني/يناير الماضي. [محمد الحلبوسي/فيسبوك]

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي يتفقد طفلا أصيب إثر سقوط صواريخ بالقرب من منزله يوم 25 كانون الثاني/يناير الماضي. [محمد الحلبوسي/فيسبوك]

تزامن القرار الذي اتخذه مجلس النواب العراقي هذا الأسبوع بتأجيل التصويت لانتخاب رئيس البلاد إلى أجل غير مسمى وإعادة فتح باب التسجيل لمرشحي الرئاسة، مع تكثيف الجماعات المدعومة من إيران هجماتها في البلاد.

وقال مراقبون إن الميليشيات تحاول فرض إرادتها السياسية بعد تعرضها لهزيمة مدوية في الانتخابات النيابية التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وكان مكتب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي قد أعلن الثلاثاء، 8 شباط/فبراير، عن "إعادة فتح باب التسجيل للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية" ابتداء من الأربعاء ولمدة 3 أيام.

ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من إلغاء مجلس النواب جلسة للتصويت وانتخاب رئيس جديد للدولة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، وذلك بعد أن أعلن العديد من الكتل والأحزاب السياسية الرئيسية مقاطعتها، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

القوات الأمنية في موقع انفجار قنبلة يدوية استهدفت منزل النائب عبد الكريم عبطان في 15 كانون الثاني/يناير الماضي. [عبد الكريم عبطان/فيسبوك]

القوات الأمنية في موقع انفجار قنبلة يدوية استهدفت منزل النائب عبد الكريم عبطان في 15 كانون الثاني/يناير الماضي. [عبد الكريم عبطان/فيسبوك]

الأضرار التي لحقت بطائرة مدنية عراقية بعد هجوم صاروخي على مطار بغداد الدولي في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، يُزعم أنه من تنفيذ الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران. [وزارة النقل العراقية]

الأضرار التي لحقت بطائرة مدنية عراقية بعد هجوم صاروخي على مطار بغداد الدولي في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، يُزعم أنه من تنفيذ الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران. [وزارة النقل العراقية]

وعلقت محكمة "مؤقتا" ترشيح أحد المرشحين الرئيسين وهو هوشيار زيباري الذي تولى مرات عدة حقيبة الخارجية سابقا، على خلفية اتهامات قديمة بالفساد بعد تقديم شكوى ضده.

وفي الوقت الذي تجري فيه مراجعة أهليته للترشح، أعلن حزبه تمسكه بترشيحه متوقعا صدور الحكم في غضون أيام.

وأعلن كل من الكتلة السياسية الأكبر التي يقودها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وتحالف السيادة بقيادة الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الحزب الذي ينتمي إليه زيباري، مقاطعة جلسة التصويت قبل بدئها.

ولم يعلن عن موعد جديد لعقد جلسة تصويت جديدة في البرلمان.

وجاء انحراف مسار الجدول الزمني السياسي لانتخاب رئيس دولة وتشكيل حكومة في العراق بعد الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي، وسط صراع سياسي داخلي.

أعمال عنف مرتبطة بالانتخابات

وقالت السلطات إن الجماعات المدعومة من إيران كثفت في الأشهر الأخيرة هجماتها، واستهدفت في أحدث هجوم صاروخي نفذته يوم 28 كانون الثاني/يناير مطار بغداد ملحقة أضرارا مادية به دون تسجيل إصابات بشرية.

وأعلنت دائرة الطيران المدني في بيان أن 6 صواريخ سقطت على مطار بغداد الدولي وألحقت "أضرارا كبيرة بمدرج وطائرتين مدنيتين".

ولم تعلن أي جماعة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم.

إلى هذا، استهدفت هجمات أخرى بالصواريخ والطائرات المسيرة السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد والتي تخضع لحراسة مشددة، ومرفقا دبلوماسيا أميركيا في المطار وقوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وهي متمركزة في قواعد عراقية.

وفي خضم التوترات الناشئة عن تشكيل حكومة جديدة، شهدت الأسابيع القليلة الماضية أيضا أعمال عنف استهدفت سياسيين وأحزاب عراقية واستخدمت في أغلبها القنابل اليدوية.

ومثل الهجوم الصاروخي التي نفذ في 28 كانون الثاني/يناير، نادرا ما يتم تبني مثل هذه الهجمات.

ولكن يجري دوما ربطها بالفصائل الموالية لإيران والتي تطالب برحيل القوات الأميركية التي ما زالت في العراق بناء على طلب الحكومة لمساعدة قوات الأمن في محاربة "الدولة الإسلامية" (داعش).

وشهدت انتخابات أجريت في تشرين الأول/أكتوبر خسارة تحالف الفتح معظم مقاعده، وهو الجناح السياسي لقوات الحشد الشعبي. وقد زعم التحالف أن الانتخابات زورت.

وتحاول كتلة الصدر التي حصلت على العدد الأكبر من المقاعد، تشكيل حكومة ائتلافية قد تضم فصائل سنية وكردية.

هذا وسقطت 3 صواريخ في 25 كانون الثاني/يناير بالقرب من منزل رئيس مجلس النواب السني الحلبوسي، بعد ساعات فقط من موافقة المحكمة العليا على إعادة انتخابه لهذا المنصب.

وقبل ذلك بأسبوع، ألقى شخص قنابل يدوية على منزل النائب السني عبد الكريم عبطان من حزب التقدم في بغداد.

رفض الاعتراف بالهزيمة

ومع عدم وجود حزب واحد يتمتع بالأغلبية المطلقة، سيفوز القائد الجديد على يد أي ائتلاف يتمكن من تشكيل الكتلة الأكبر عبر التحالف مع جهات متعددة، فينتخب رئيسا للعراق يعين بدوره رئيسا للوزراء.

وحمّل المحلل الأمني أعياد الطوفان الميليشيات الموالية لإيران مسؤولية أعمال العنف التي وصفها بأنها "أعمال إرهابية".

وأضاف أن مثل هذه الجماعات قد "فقدت صوابها" بعد هزيمتها في الانتخابات، "وتحاول عبر استخدام العنف والسلاح إيصال رسائل ضغط لتعويض ما خسرته من مقاعد ونفوذ سياسي".

ويشكل تصعيد الهجمات محاولة لمنع انبثاق تحالف سياسي بين الصدر وكتل من السنة والأكراد، حسبما ذكر الطوفان.

وأوضح أن تحالفا كهذا سيتيح للصدر تشكيل حكومة أغلبية، وذلك بمعزل عن تحالف قوى الإطار التنسيقي الذي خسر في الانتخابات.

ويضم هذا الأخير الأجنحة السياسية للجماعات المسلحة المدعومة من إيران مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، وتشكل جميعها تحالف الفتح.

وأكد الطوفان أن "ما يقوم به وكلاء إيران هو أمر خطير للغاية".

وأوضح أنهم "لا يريدون الاعتراف بالهزيمة ويحاولون التهديد بإرباك الأمن والإضرار بمصالح العراقيين وإدخال البلد في فراغ سياسي وأمني من أجل مصالحهم الخاصة".

وأكد الخبير الاستراتيجي سرمد البياتي للمشارق أن الاعتداءات الصاروخية الأخيرة هي "أعمال خطيرة تمس الأمن العام وتؤثر سلبا على سمعة البلد ومصالحه".

ودعا البياتي إلى "إبعاد [السلاح] عن دائرة التنافس والسجال السياسي وحفظ سيادة القانون والنظام".

وضع حد للفساد

وفيما تمضي الحكومة العراقية قدما مع التصديق على نتائج الانتخابات ودستورية الدورة البرلمانية الأولى، عرقلت أعمال العنف الأخيرة المفاوضات السياسية.

ورفض تحالف قوى الإطار التنسيقي شروط الصدر للاشتراك بالحكومة، وأبرزها إنهاء تفلت السلاح والميليشيات والحفاظ على هيبة الدولة واستقلالها وضمان عدم تبعيتها لأي طرف خارجي، في إشارة لإيران.

وأصر الصدر أيضا على رفع الغطاء عن القوى السياسية المتورطة بالفساد واستبعادها عن الحكومة الجديدة، وهي نقطة خلاف جوهرية، بحسب ما ذكره أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي.

وأوضح الفيلي للمشارق أنه "ربما لا توجد مشكلة في مسألة الاتفاق على تقويض السلاح المتفلت وتهديداته".

ولفت إلى أن "القضية الشائكة تبدو متعلقة بملف الفساد الذي قد يؤدي فتحه إلى وضع قوى وشخصيات سياسية في مرمى المساءلة القانونية".

واعتبر الفيلي أن الانفتاح السياسي مرهون "باقتناع القوى الخاسرة بأن الإصرار على مواقفها ورفض مخرجات الانتخابات سيجر على البلد مزيدا من الأزمات".

وقال إن على السياسيين "تغليب المصلحة الوطنية والذهاب مع الأغلبية لاستكمال الاستحقاق السياسي".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500