أخبار العراق
انتخابات

هزيمة ساحقة للكتلة الموالية لإيران في الانتخابات العراقية

فارس العمران ووكالة الصحافة الفرنسية

مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية يطبعون نتيجة الفرز الإلكتروني للأصوات في أحد مراكز الاقتراع بمدينة الناصرية الجنوبية في محافظة ذي قار، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [أسعد نيازي/وكالة الصحافة الفرنسية]

مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية يطبعون نتيجة الفرز الإلكتروني للأصوات في أحد مراكز الاقتراع بمدينة الناصرية الجنوبية في محافظة ذي قار، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [أسعد نيازي/وكالة الصحافة الفرنسية]

تعرضت الأحزاب السياسية التي تمثل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران لهزيمة مدوية في الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر، مع توق الناخبين إلى انتعاش اقتصادي بدلا من عراضات القوة العسكرية.

ووفقا للنتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خسر الجناح السياسي لقوات الحشد الشعبي أي تحالف الفتح، أكثر من نصف نوابه البالغ عددهم 48 نائبا.

ولم يفز التحالف الذي يقوده هادي العامري سوى بـ 18 مقعدا في البرلمان المقبل، بعدما كان قد حظي في انتخابات العام 2018 بـ 45 مقعدا، وكانت الأولى التي يخوضها.

ويضم تحالف الفتح معظم الكتل الممثلة للميليشيات الموالية لإيران، وأبرزها كتلة بدر التي هي الجناح السياسي لمنظمة بدر، وكتلة الصادقون المرتبطة بميليشيا عصائب أهل الحق.

موظفو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق يجرون فرزا يدويا للأصوات عقب الانتخابات البرلمانية في المنطقة الخضراء ببغداد، يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر. [أحمد الربيعي/وكالة الصحافة الفرنسية]

موظفو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق يجرون فرزا يدويا للأصوات عقب الانتخابات البرلمانية في المنطقة الخضراء ببغداد، يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر. [أحمد الربيعي/وكالة الصحافة الفرنسية]

موظف في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يراقب عملية التصويت في مركز اقتراع في محافظة أربيل شمالي العراق، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [بعثة الأمم المتحدة في العراق]

موظف في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يراقب عملية التصويت في مركز اقتراع في محافظة أربيل شمالي العراق، يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [بعثة الأمم المتحدة في العراق]

وفي مؤتمر صحافي عُقد يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر، أكد المتحدث باسم التحالف وقائد ميليشيا كتائب جند الإمام أحمد الأسدي، رفض التحالف لنتائج التصويت.

ولم تحصد حركة حقوق التي أسستها كتائب حزب الله سوى مقعدا واحدا فقط، ما دفع بزعيمها حسين مؤنس لإعلان رفضه نتائج الانتخابات والتشكيك بعمليات احتساب الأصوات.

وبدوره، أصدر المتحدث باسم كتائب حزب الله أبو علي العسكري، بيانا طلب فيه من كل الميليشيات "الاستعداد لمرحلة حساسة"، في تصريح اعتبر تهديدا واضحا بالتصعيد.

وقال محللون إن النتائج تظهر فشل تحالف فتح في تلبية طموحات العراقيين السياسية، مع اتهام الناشطين المعارضين للميليشيات التابعة بأنها ملتزمة بولائها لإيران وبأنها تعمل كأداة قمعية.

إلى هذا، يُنظر إلى نواب تحالف فتح على أنهم يفتقرون إلى رؤية للتنمية الاقتصادية.

رفض من الشارع العراقي

ورأى الخبير في العلوم السياسية إحسان الشمري، أن سلاح التحالف شبه العسكري البالغ عدد عناصره 160 ألفا كان "سببا رئيسا" لضعف أدائه.

وأشار الشمري إلى أن علاقاته الوثيقة مع إيران والمناسبات العدة التي "ظهر فيها أنه فوق الدولة" أضرت أيضا بشعبيته.

ووفقا لمصدر من داخل المعسكر الموالي لإيران، وقع شجار بين قادة الفصائل شبه العسكرية وتبادلوا اللوم لجهة خوض الانتخابات بمرشحين متنافسين ما أدى إلى تشتت الأصوات.

وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "كل حزب من الأحزاب المختلفة حاول فرض مرشحه في الدائرة نفسها ما أسفر عن تشتت الأصوات".

ومن جهته، قال الشيخ مزاحم الحويت المتحدث باسم العشائر العربية في نينوى، إن على قادة الأحزاب التي تلاحق أجندة لصالح إيران تقبل حقيقة أنهم مرفوضون من الشارع العراقي.

وأضاف للمشارق أن خسارتهم المدوية في الانتخابات كشفت بوضوح هذه الحقيقة.

واعتبر أن "الحديث عن التصعيد هو محاولة للضغط والتغطية على الفشل الذريع الذي منوا به".

وتابع أن هذا أمر متوقع من الميليشيات التي تترصد أي فرصة لإثارة المشاكل، لافتا إلى أن الانتخابات الأخيرة اتسمت بالنزاهة والشفافية.

وذكر أن العراقيين صوتوا بكل حرية "وعاقبوا [من خلال أصواتهم] كل الميليشيات المسلحة المتفلتة التي ساهمت في إيذائهم والفاسدين الذين سرقوا ثرواتهم".

وأثنى على دور حكومة مصطفى الكاظمي في إتمام عمليات الاقتراع بصورة سلمية.

وعلى الرغم من أن نسبة المشاركة في الاقتراع كانت منخفضة إلى حد ما مع تسجيلها 41 في المائة فقط، أكد مراقبو الأمم المتحدة ومراقبون دوليون أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة.

منافسة الصدر

من جهة أخرى، حصلت الكتلة الصدرية التي يتزعمها رجل الدين الشيعي المعارض لإيران مقتدى الصدر، على أكثرية المقاعد النيابية بواقع 73 مقعدا من أصل 329.

وخاض الصدر الانتخابات بعد أن تراجع عن موقفه السابق المتعهد بمقاطعتها.

وحصلت كتلة تقدم وعلى رأسها رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي على 38 مقعدا، وحلت في المرتبة الثالثة كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بواقع 37 مقعدا.

ومن المتوقع أن يواجه الصدر الذي يبقى مبتعدا عن المحور الإيراني دون معاداته صراحة، منافسة شرسة من المتشددين الموالين لإيران والذين قد يعرقلون على أقل تقدير تشكيل الحكومة المقبلة.

وفي هذا الإطار، قال ريناد منصور من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية، إن "النتائج تعطي الصدر اليد العليا في وضع السياسيات والتفاوض عليها، لكن هذا الأمر لا يعتبر الوحيد المهم في هذا السياق".

وأوضح أن الكتلة شبه العسكرية "فقدت سلطتها السياسية بخسارتها مقاعد برلمانية، لكنها ما زالت تتمتع بسلطة الإكراه وستستغل هذه الورقة في عملية المساومة".

وعلى الرغم من "التهديد بالعنف" الضمني، قال منصور إنه لا يتوقع تصعيدا ولكنه حذر في الوقت عينه من أن "ذلك لا يعني أن كل طرف لن يلجأ إلى التهديد وأحيانا العنف... لإظهار أنهم يمتلكون قدرة استخدام هذه الأوراق".

خريطة سياسية جديدة

وفي الآونة الأخيرة، ساد شعور من الغضب في صفوف العديد من العراقيين حيال التدخل الإيراني، وقد عبّر الصدر عن هذا الشعور بعد الانتخابات.

وجاء هذا التعبير عبر مهاجمته "المقاومة"، وهو الاسم الذي تطلقه الجماعات المسلحة الموالية لإيران على نفسها.

وفي إشارة واضحة إلى الكتلة شبه العسكرية، قال إن "السلاح يجب أن يكون في يد الدولة ويحظر استعماله خارج هذا الإطار حتى لمن يدعي أنه من المقاومة".

ومن جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، إلى أن الأمور ستمضي بعد المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات نحو "رسم خارطة سياسية جديدة" في العراق تشكلها الكتل الكبيرة الفائزة بالانتخابات.

وقال للمشارق إنه على الرغم من توقع بعض العراقيل والتأخير، "ستشكل الحكومة في نهاية الأمر". وأضاف "نأمل أيضا وجود معارضة قوية تراقب وتعزز الأداء الحكومي".

وتابع أن على هذه المعارضة أن تضم مستقلين غير مرتبطين بأجندات حزبية، إضافة إلى ممثلين عن حركة الاحتجاج الشعبي.

وحاز المستقلون والحركات المنبثقة من تظاهرات تشرين كحركة امتداد على 15 مقعدا. ويرى الفيلي أن هذا الحضور ليس قويا بما فيه الكفاية لكنه "مؤثر ويعد مؤشرا على بداية التغيير والإصلاح".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500