بعيدا عن ضوضاء اعتراضات الفصائل المسلحة والأحزاب الخاسرة في الانتخابات العراقية، يتحرك المستقلون الفائزون بهدوء لتشكيل مظلة تجمعهم.
وحقق المرشحون المستقلون لأول مرة مكاسب لافتة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى جانب ممثلي الحراك الاحتجاجي الشعبي الذي انطلق في البلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وقد ولدت هذه السلالة الجديدة من المرشحين السياسيين من رحم حراك مجتمع مدني سئم من الفساد الذي لطالما شوه العمل السياسي العراقي ومن النفوذ الكبير لإيران في بلادهم.
وتعكس نتائج الانتخابات التي تأكدت في 30 تشرين الثاني/نوفمبر، رغبة الناخب العراقي في منح المستقلين الفرصة لتحقيق ما يطمح له من إصلاحات جذرية.
وتكشف أيضا رغبة الناخب في معاقبة القوى التقليدية والأجنحة السياسية للميليشيات بسبب فسادها وتقويضها لاستقرار العراق.
ʼمجموعة متكاتفة ومنسقةʻ
هذا وقد فاز المستقلون بـ 41 مقعدا من إجمالي 329 مقعدا في البرلمان.
ومن بين المستقلين الفائزين حسين عرب الذي يقود اليوم هو وزملائه في تحالف العراق المستقل الذي فاز بـ 15 مقعدا، نشاطا لتكوين جبهة تضم كل المستقلين.
وقال في حديث للمشارق "نعمل حاليا كمجموعة متكاتفة ومنسقة لتشكيل جبهة جامعة لكل المستقلين تكون بمثابة قوة سياسية نشطة في البرلمان الجديد".
وأضاف "سيكون لدينا نظام داخلي وبرنامج عمل وأولويات في المرحلة المقبلة لنحقق طموحات العراقيين في الإصلاح والتغيير... ونكون محط ثقتهم وعلى قدر المسؤولية التي منحوها لنا من خلال أصواتهم".
وتابع أنه سيكون للتكتل الجديد "ثقل وتأثير كبيرين باتجاه تشريع القوانين ووضع القرارات التي تخدم مصالح أبناء الشعب وترفع عنهم معاناتهم بالإضافة لمراقبة الأداء الحكومي".
وقد بدد عرب المخاوف من احتمال انضمام بعض المستقلين للكتل البرلمانية المرتبطة بالأحزاب السياسية.
وأكد أن "هذه ستكون بمثابة خيانة لصوت الناخب العراقي".
وأوضح "سنبقى مستقلين، قرارنا عراقي وانتماؤنا فقط للعراق ولن نخضع لأية ضغوط أو مساومات أو املاءات خارجية".
وحذر مقتدى الصدر الذي حازت كتلته على أكبر عدد أصوات في الانتخابات خلال لقائه بعدد من المرشحين المستقلين الفائزين يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، من مخاطر محاولات "شراء المستقلين"، داعيا لحمايتهم.
وشدد عرب على أن "هناك بعض الأحزاب التي تسعى لاستمالتهم [المستقلين] إما بالمال أو الترهيب بهدف الاستحواذ على أصواتهم".
وأشار إلى أن "ما يجري الآن هو تعدٍ على أصواتهم لإخراجهم وإعطاء أعضاء الأحزاب الخاسرين الفرصة للاستيلاء على تلك المقاعد في البرلمان".
ويأتي ذلك فيما تواصل الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران والتي تعرضت لخسارة مدوية في الانتخابات، تصعيد مواقفها الرافضة للنتائج وحّث أنصارها على مواصلة الاحتجاج بالقرب من المنطقة الخضراء في بغداد.
وقد اشتبكت هذه الجماعات في الأسابيع الماضية مع قوات الأمن في هذه المنطقة.
الآمال معقودة على المستقلين
ولفت الباحث في الشأن السياسي جبار المشهداني إلى نية الخاسرين في الانتخابات القيام بأي شيء لفرض إراداتهم السياسية، مشيرا إلى أن الضغط على المستقلين والهيمنة على أصواتهم أو ابتزازهم أمر غير مستبعد.
وأكد المشهداني خلال حديثه للمشارق على أن "الكتل السياسية التقليدية ربما ستتحد لمنع المستقلين من تأسيس كتلة كبيرة معارضة تقود حراكا تصحيحا داخل مجلس النواب".
وشدد "لكن على القيادات المستقلة مقاومة كل العوائق المحتملة واثبات حضورها وتأثيرها وعدم الخضوع للأحزاب والقوى المسلحة".
ونوّه بأن "الآمال معقودة على كل المستقلين ونشطاء حراك تشرين الذي دخلوا المعترك السياسي... للوقوف متحدين وليكونوا مشرعين فاعلين يراقبون الحكومة بكفاءة".
ووفق المشهداني، فإن هناك آمال في أن ينجحوا في لعب دور إيجابي يشجع بقية النواب على الانضمام لهم وبناء كتلة موحدة يمارس أعضاؤها مهامهم باستقلالية وبدون أية املاءات حزبية أو فئوية.