أخبار العراق
إرهاب

جموح عصائب أهل الحق يكشف الصراع المتزايد بين الميليشيات العراقية

فارس العمران

قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق يشارك في جنازة قائد جماعة شبه عسكرية العراقي أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في النجف يوم 4 كانون الثاني/يناير 2020. [حيدر حمداني/وكالة الصحافة الفرنسية]

قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق يشارك في جنازة قائد جماعة شبه عسكرية العراقي أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في النجف يوم 4 كانون الثاني/يناير 2020. [حيدر حمداني/وكالة الصحافة الفرنسية]

من خلال ممارساتها الأخيرة ومواقف التحدي التي اتخذتها، نأت ميليشيا عصائب أهل الحق بنفسها عن الميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق، مسلطة بذلك الضوء على الانقسامات الحادة بين وكلاء إيران ومحاولتها الهيمنة على تلك الميليشيات.

فقد سبق لقيس الخزعلي أن أعلن مرارا وتكرارا أن جماعته ستواصل هجماتها على الجنود الأميركيين، في تحد للأوامر وتجاهل واضح للمفاوضات التي تخوضها إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي.

ويدل موقفه هذا على أن عصائب أهل الحق ليست وكيلة للإيرانيين لكن مجرد حليفة لهم، وذلك رغم تأكيداته المتواصلة على ولائه "للولي الفقيه" ، وهو المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

ومنذ تأسيس الميليشيا عام 2006 على يد الحرس الثوري الإيراني، خدمت بنشاط أجندة إيران وانخرطت في أعمال عنف طائفية في العراق وسوريا ونفذت هجمات كثيرة استهدفت مصالح دولية.

عناصر من أتباع ميليشيا عصائب أهل الحق في مسيرة وسط بغداد في حزيران/يونيو 2017. [إعلام الحشد]

عناصر من أتباع ميليشيا عصائب أهل الحق في مسيرة وسط بغداد في حزيران/يونيو 2017. [إعلام الحشد]

لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الميليشيا تظهر على نحو متزايد درجة من الاستقلالية، حتى أنها أحيانا تخالف أوامر طهران، بحسب ما أوردت وكالة أسوشيتيد برس في 9 تموز/يوليو.

وأضافت الوكالة أن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني طلب من وكلاء إيران في العراق أثناء زيارة له إلى بغداد في حزيران/يونيو، أن يحافظوا على الهدوء إلى بعد المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.

لكن طلبه هذا قوبل بتحد لا سيما من الخزعلي، وقال الأخير بعد بضعة أيام من الاجتماع في تعليقات تليفزيونية إنهم سيستمرون في استهداف المصالح الأميركية دون أن يأخذوا بالاعتبار المفاوضات النووية.

وبعدما نأى بجماعته عن إيران، بات واضحا أن الخزعلي يطمح لفرض نفسه كزعيم لكل الميليشيات العراقية التي تعمل تحت عباءة إيران، إضافة إلى إزاحة منافسة العصائب الرئيسة، أي كتائب حزب الله.

وبناء على ذلك، ازداد التوتر بين جماعتي عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله بعد اتهامات متبادلة بالسعي للهيمنة والاستحواذ على المنافع.

وتسربت مؤخرا معلومات عن قيام عبد العزيز المحمداوي ("أبو فدك")، وهو قيادي بارز في كتائب حزب الله يشغل منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، بخفض حصة العصائب من أموال الهيئة.

وأثار هذا الأمر غضب العصائب التي تتهم كتائب حزب الله بالإخفاق في إدارة الهيئة الجامعة للميليشيات ومحاولة احتكار المناصب القيادية.

صراعات حول المال والنفوذ

وقال مراقبون إن ما يعرف بمحور المقاومة الإيراني يتصدع في ظل الصراعات الراهنة على المال والنفوذ والقيادة.

ويؤشر ذلك التصدع إلى نجاح سياسة النفس الطويل التي اتبعتها الحكومة العراقية لإضعاف الميليشيات التي تهدد سيادة الدولة.

وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي أحمد شوقي أن نهج الحكومة في التعامل مع الفصائل الولائية التي تتبع إيران كان يقوم دوما على مبدأ ضبط النفس وعدم الانجرار للصراعات التي تسعى تلك الميليشيات إلى إشعالها.

وحققت الحكومة تقدما كبيرا في تشديد الخناق على أنشطة الفصائل الخارجة عن القانون، وتعزيز دور الأجهزة الأمنية العراقية واستعادة هيبة الدولة.

لكن إلحاق الهزيمة بالجماعات المتحالفة مع إيران يحتاج لإرادة وقوة أكبر، إذ أن هذه الجماعات "ما تزال تواصل أعمالها التخريبية وتثير المشاكل وتفرض لغة السلاح"، بحسب ما أضاف شوقي.

ونوّه إلى أن إيران ربما طلبت من وكلائها التهدئة لأسباب تتعلق بمفاوضاتها النووية، "لكن يبدو أنها لا تملك اليوم السيطرة الكاملة عليهم كما كانت تفعل سابقا".

وأوضح أن الدليل على ذلك هو استمرار الميليشيات في الهجوم على المصالح الدولية بالعراق، مشيرا إلى أن إيران عاجزة عن رأب الصدع بين وكلائها في العراق بسبب الانقسامات الحادة بين الميليشيات على مراكز القوة والنفوذ والمال.

رسائل دعائية قبل الانتخابات

ويوم 11 أيلول/سبتمبر، استهدفت طائرتان مسيرتان مفخختان مطار أربيل الذي يخدم أيضا كقاعدة عسكرية لقوات للتحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش)، لكن الهجوم لم يتسبب في وقوع ضحايا.

وقال المراقب والمدون الإعلامي عمر الجنابي، إن الهجوم السابع من نوعه هذا العام يحمل دون شك بصمات فصائل موالية لإيران.

وأشار إلى أنه جاء بعد يوم واحد من إعلان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي عن وجود هدنة يفترض أن تستمر حتى نهاية العام الحالي، وهو الموعد المحدد لانسحاب الأميركيين من البلاد، وتتضمن إيقاف الهجمات عليهم.

والأعرجي هو عضو بارز في منظمة بدر التابعة لإيران.

وأوضح الجنابي أن مواصلة ميليشيات إيران، ومن بينها عصائب أهل الحق، للهجمات قد تكون تندرج في إطار توجيه "رسائل دعائية قبيل الانتخابات".

وأوضح أن الهجمات تأتي في إطار محاولة خداع جمهور الميليشيات "بشعارات المقاومة وإيهامهم بأنها قوية ويمكنها ملء الفراغ بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد".

لكن التوترات بين الميليشيات الإيرانية الرئيسة موجودة بالفعل وقد تصبح أعمق لا سيما مع اقتراب الانتخابات، مع محاولتها تحقيق مكاسب سياسية تخدم نفوذها على الأرض.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500