ألماتي -- حقق برنامج حكومة كازاخستان لمكافحة التطرف تقدما كبيرا خلال العام الماضي، إذ جمع بين الحملات الوقائية عبر الإنترنت وبرامج إعادة التأهيل التي تركز على المرأة والتي حققت نتائج إيجابية.
وفي مؤتمر صحافي في 7 أيلول/سبتمبر، تحدث رئيس لجنة الشؤون الدينية الحكومية يرزان نوكيجانوف بإسهاب عن بعض الطرق والاستراتيجيات التي تستخدمها الحكومة لمنع التطرف لدى المواطنين، وكذلك لنزع التطرف عن المتطرفين السابقين.
وقال إنه في النصف الأول من عام 2021، نشرت الحكومة عشرات الآلاف من الرسائل الوقائية والدعاية المضادة على الإنترنت، أي نحو ضعف ما قامت به العام الماضي.
وزعم نوكيجانوف أن هذه المنشورات غيرت آلاف الكازاخستانيين الذين خضعوا لغسل أدمغتهم من قبل الجماعات المتطرفة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وسلط الضوء بشكل خاص على نجاح برنامج مكافحة التطرف، الذي حقق نتائج إيجابية مع جميع النساء تقريبا اللواتي أعادتهن السلطات من مناطق الشرق الأوسط المنكوبة بالإرهاب كجزء من الرحلات المتعددة ضمن عملية جوسان (الشيح المر) بين عامي 2019 و2021.
جوسان زووم
ومنذ أكثر من عام، تقود مديرة مركز تحليل وتطوير العلاقات بين الأديان (تسارمو) في بافلودار، جولناز رازديكوفا، برنامجا واسع النطاق عبر الإنترنت لإعادة تأهيل النساء العائدات إلى الوطن.
وتسارمو هي واحدة من عدة منظمات غير حكومية في كازاخستان تعمل على إعادة تأهيل النساء المتطرفات السابقات.
وبسبب الوباء، ابتكرت المنظمة طرقا جديدة لمواصلة عملها بنجاح. ففي حزيران/يونيو 2020، أطلقت مشروع جوسان زوم، وهي مبادرة عبر الإنترنت للنساء العائدات إلى الوطن اللواتي يخضعن لبرامج إعادة التأهيل.
وأكدت الحكومة الكازاخستانية أن هناك 188 امرأة من بين أكثر من 700 كازاخستاني أعيدوا بين عامي 2019 و2021 من المناطق التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها في سوريا والعراق ضمن عملية جوسان.
وأضافت أن نحو 20 من هؤلاء النسوة يقضين أحكاما بالسجن "لذلك، لا يمكننا الوصول إليهن".
وساهم الحديث عن البرنامج في إبراز فعاليته والتعريف به. وقالت إن النساء اللواتي عدن إلى كازاخستان بمفردهن ويعجزن تاليا عن الوصول إلى موارد إعادة التأهيل الرسمية التي تساعد العائدين وفق عملية جوسان، تعرفن على برنامج جوسان زوم من المستفيدات منه وانضممن إليه.
وأدى ذلك إلى وصول عدد المشاركات فيه إلى 100 امرأة.
وأردفت رازديكوفا "أعتقد أن هذا الأمر يعتبر مؤشرا على مدى فعالية برنامجنا وأهميته".
مشاركة طوعية
وأوضحت رازديكوفا أن أحد شروط المشاركة في البرنامج هو أن تتطوع النساء للقيام بذلك، بمعنى يشاركن دون أن يكن قد أجبرن على الانضمام إلى مجموعة زوم.
وتابعت أنه توجد حاليا نحو 60 امرأة في برنامج جوسان زوم بعد أن أكملت 40 امرأة إعادة تأهيلهن منذ عام 2020.
وتابعت "من الصعب إبقاء الأشخاص متفاعلين على الإنترنت لمدة عام ونصف، لكننا نجحنا في القيام بذلك. وخلال الدورة، سُئلت النساء مرارا وتكرارا عما يرغبن في تعلمه وما إذا كانت هناك أية ثغرات في البرنامج، وتم تعديل جلسات البرنامج استنادا إلى أجابتهن".
والطلب الأكثر شيوعا الذي تلقته رازديكوفا يتعلق بعلم نفس الطفل وعلم الأعصاب ودراسة بعض الإعاقات كالتبول في الفراش والتأخر في الكلام والتلعثم عند الأطفال، نظرا لأن جميع النساء المشاركات هن أمهات وقلقات على أطفالهن.
ولفتت أمينة المظالم المعنية بحقوق الأطفال في كازاخستان، أروشان ساين، إلى أنها أجرت جلسة واحدة طرحت خلالها النساء أسئلة حول حماية الأطفال وتنظيم أعمال ترفيهية صيفية لهم.
"والسؤال الثاني الأكثر شيوعا هو حول علم نفس الأسرة، تليه أسئلة حول الصحة [ثالث أكثر الأسئلة شيوعا]".
وقالت رازديكوفا "لذلك قمنا بدعوة أطباء صحة عامة وأطباء أمراض نساء واختصاصيي أمراض معدية استشارتهم النساء".
وتمحور الطلب الرابع الأكثر شيوعا حول القضايا القانونية والاجتماعية. وأجاب مختصون من وزارة العمل والحماية الاجتماعية عن هذه الأسئلة، وناقشوا القواعد التي تحكم صرف المساعدة الاجتماعية المستهدفة: من يتلقى هذه الدفعات، وكم تبلغ، وما هي المستندات التي يجب على المتقدمين إبرازها.
لقاءات مع رجال الدين والعلماء
وعقدت النساء جلستين افتراضيتين عبر برنامج زووم مع مفتي كازاخستان الأعلى، نوريزباي كازهي تاجانولي.
وقالت رازديكوفا "لقد دعونا أيضا خبراء دوليين للانضمام إلينا. فعلى سبيل المثال، تحدث عالم دين من أوزبكستان، بختيار باباجانوف، عن الراديكالية والتطرف وخبرة بلاده في نزع التطرف".
وكانت هنالك مداخلة من إلينا زهيروخينا، وهي من مكتب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بيشكيك، أوضحت فيها الصلة بين الاتجار بالبشر والإرهاب.
وأشارت رازديكوفا إلى أن الجلسات تعقد يومي السبت والأحد، وتستقطب النساء العائدات في جميع أنحاء كازاخستان.
وتجري المكاتب الإقليمية للإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان ولجنة الشؤون الدينية الحكومية معظم عمليات إعادة التأهيل، على الرغم من أن النساء المستهدفات يتوزعن في جميع أنحاء كازاخستان.
وأضافت رازديكوفا "ما نقوم به هو إعادة تأهيل تكميلي للمجتمعات النسائية".
وأردفت أنه خلال الدورة، وجدت أن راديكالية هؤلاء النساء لا تنبع فقط من إيمانهن أو نفسيتهن ولكن أيضا من تعليمهن المحدود ونظرتهن الضيقة للعالم.
وقالت إن هذه الجوانب تحتاج بالتالي إلى معالجة.
وختمت رازديكوفا بالقول "لقد قمت بتهيئة التدريبات لتأخذ في الاعتبار عقلية المؤمنات المتدينات اللاتي لا يمكن التأثير عليهن بنفس التكتيكات التي نستخدمها مع شخص علماني. ونحتاج أيضا إلى مراعاة الفوارق بين الجنسين عند القيام بهذا العمل: من المسلم به أنك لا تصوّر النساء، وعليك الحفاظ على السرية التامة عند التعامل معهن وبناء علاقة ثقة معهن".