قال مراقبون سوريون إن الحرس الثوري الإيراني ووكلاءه يطردون السكان المحليين في مناطق رئيسية من شرق سوريا، في محاولة لتوطيد وتوسيع نفوذ إيران فيها.
وعمدت الميليشيات الموالية لإيران إلى الاستيلاء على العقارات في دير الزور من أجل إقامة مستوطنات للميليشيات، وبناء مدارس ومراكز ثقافية يسعون من خلالها لتعزيز هيمنة إيران واستقطاب المجندين.
فمنذ طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من المنطقة أواخر عام 2017، سعت إيران إلى تعزيز نفوذها في مدينة دير الزور ومدينة البوكمال الحدودية ومدن أخرى شرقي سوريا، وإلى إخراج قوات التحالف وقوات سوريا الديموقراطية منها.
وقال مراقبون أنه لتحقيق هذه الأهداف، تم نشر قوات الحرس الثوري وحلفائه في المنطقة، بينهم حزب الله اللبناني وميليشيات عراقية وأفغانية وباكستانية.
وفي حديث لديارنا، أكد المسؤول في الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة المقدم هشام المصطفى، أن عناصر الميليشيات الموالية لإيران تنتشر في المناطق الشرقية الممتدة جنوب نهر الفرات من ريف الرقة وصولا لبلدة البوكمال في محافظة دير الزور.
وكشف أن انتشارهم يتركز في البادية السورية وفي مدينتي دير الزور والميادين ومحيطهما.
وذكر أن "هذه الميليشيات تعمل لتحقيق هدف رئيسيوهو إحداث تغيير ديمغرافي في جميع مناطق انتشارها، ولا يقتصر ذلك على دير الزور والبلدات المحيطة وانما يمتد أيضا إلى حمص وحماة ودمشق".
إجبار الأهالي على التخلي عن ممتلكلتهم
وأضاف المصطفى أن سكان المناطق المستهدفة يطردون من منازلهم ومن أراضيهم إما عن طريق الترغيب أو الترهيب.
وأوضح أن الميليشيات "تعرض أولا شراء العقارات بثمن أقل من قيمتها في السوق، وعندما يرفض طلبها، تلجأ إلى وسائل الترهيب".
ومن وسائل الترهيب هذه الخطف والاعتداء وحتى القتل أحيانا، "لإرغام أصحاب العقارات على التخلي عنها خوفا على أنفسهم".
وتابع المصطفى أن الميليشيات تستخدم أساليب مماثلة لتجنيد مخبرين من السكان المحليين، مستخدمة الضغط أو الإكراه أو المال لكسب تعاونهم.
ولفت المصطفى إلى أن إيران تحوّل أيضا المساجد في دير الزور إلى مراكز دينية أو ثقافية.
وفي أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، أعلن مسؤول الحرس الثوري الإيراني في دير الزور "الحاج عسكر"، أنه أمر بترميم خمس مدارس في البوكمال لصالح المركز الثقافي الإيراني، حسبما أعلنت مؤسسة صدى الشرقية الإعلامية السورية.
وصدر هذا الأمر بعد أن زار المسؤول الثقافي الإيراني في دير الزور "الحاج حسين" البوكمال برفقة أعضاء من السفارة الإيرانية في دمشق، وذلك لاستكشاف المشاريع إيرانية في المنطقة.
وأكد التقرير أن معلمين سوريين سيدرسون اللغة الفارسية بعد تلقيهم تدريبا في إيران، وذلك مع اعتماد منهاج دراسي وافق عليه المركز الثقافي الإيراني، معتبرا هذه الممارسات "خطوة جديدة في الغزو الثقافي الإيراني لدير الزور".
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، مضر حماد الأسعد، إن الإيرانيين يسيطرون على المدارس والمؤسسات التربوية كجزء من حملتهم الرامية "لنشر عقيدتهم والتأثير على تفكير الأطفال والمراهقين".
وذكر لديارنا أن الهدف الأخير هو جذب مجندين جدد للانضمام إلى صفوف الميليشيات الموالية لإيران.
إيران تسعى إلى ترسيخ نفوذها
وأضاف الأسعد أن إيران تسعى إلى تعزيز نفوذها في دير الزور من خلال الاستحواذ على عقارات في المحافظة، وغالبا ما تستخدم وسائل مشبوهة لتحقيق هذه الغاية.
ومن هذه الوسائل توجيه تهديدات إلى الأهالي تتضمن السجن بتهم كاذبة كالانتماء إلى داعش، ما أجبر بعضهم على بيع منازلهم.
وتحدث عن إنشاء تجمعات سكنية في المناطق الرئيسة يقطنها عناصر الميليشيات وأنصارهم، مؤكدا أن السكان المحليين يرفضون إلى حد كبير وجودهم وقد خرجوا في تظاهرات احتجاجية خلفت العديد من القتلى.
وأوضح الأسعد أن هذه الجماعات أشعلت الاضطرابات في المنطقة مشيرا إلى عدة حوادث قتل فيها عناصر الميليشيات رعاة وسرقوا ماشيتهم، آخرها كان قتل 12 راعيا وإصابة عدد آخر في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي في قرية دير الزور بحماة.
وأخيرا، لفت الأسد إلى أن هذه الميليشيات لم تشارك في معارك الإطاحة بداعش ، ولا يمكنها أن تنسب إلى نفسها الفضل في تحرير المدن السورية من التنظيم.