أدت عملية اغتيال الخبير العراقي المتخصص في الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي وعملية خطف الناشطة الألمانية هيلا مويس التي لحقت ذلك في بغداد، إلى تصعيد موجة غضب العراقيين من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وقد اتهمت هذه الميليشيات بصورة متكررة بتنفيذ سلسلة عمليات خطف واغتيالات في العراق منذ بدء المظاهرات الشعبية أواخر العام الماضي.
وعلى أثر الحادثين، لجأ العراقيون إلى المنتديات الإلكترونية للتعبير عن غضبهم من أذرع إيران وقد أطلقوا عليها أسماء تحقيرية مثل "عصابات رهبر" (في إشارة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي) و"أيتام سليماني" (في إشارة إلى القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني و"ذيول إيران".
وعبّر العراقيون عن غضبهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبر التكلم عن جرائم الميليشيات وانتهاك القانون وتقويض سلطة الدولة، إلا أن مراقبين قالوا إن الغضب في الشارع أكبر بكثير مما يتم التعبير عنه على شبكة الإنترنت.
ويشير التحقيق في اغتيال الهاشمي إلى تورط ميليشيا مسلحة مدعومة من إيران، حسبما ذكر أحد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية لديارنا طالبا عدم الكشف عن هويته.
وقال إن الهاشمي كان قد كشف تهديدا تشكله هذه الميليشيات على مستقبل العراق وأمنه واقتصاده.
وأضاف أن أجهزة الشرطة والاستخبارات تعمل على تحليل معلومات تشير إلى أن الهاشمي تلقى تهديدات جديدة من كتائب حزب الله.
وأشار إلى أن ثمة مؤشرات على تورط ميليشيا في عملية خطف مويس بداعي الابتزاز وإحراج الحكومة.
العراقيون يرفضون الميليشيات المدعومة من إيران
وفي هذا الإطار، قال عضو التيار المدني وأحد الناشطين في تنسيقيات ساحة التحرير ببغداد أحمد الساعدي، إن "الشارع العراقي تظاهر ضد الميليشيات الإيرانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي... من خلال موجة غضب وردود تبين مدى احتقارهم للميليشيات التي تتخادم مع الخارج ضد وطنهم".
وأضاف الساعدي لديارنا أن "تكرار عمليات قصف المنطقة الخضراء والمباني الحكومية وتهديد الأمن وتحدي القانون واغتيال أو خطف من يخالف الميليشيات أو يرفض التدخل الإيراني بات سمة الميليشيات التابعة لإيران".
ولفت إلى أن "الشارع العراقي اليوم بات يشعر أنه مهدد بمستقبله من تلك الميليشيات ويرفضها".
وقال إن "الناس في بغداد وجنوب العراق تحديدا ممن تعتبر الميليشيات أنها تدافع عنهم لأنهم من طائفتها، باتوا لا يعترفون بتلك الجماعات".
وأضاف أن العراقيين "يشعرون أنهم مدينون [وممتنون] لمن حارب داعش وضحى من أجل العراق، لا لمن باع نفسه لإيران".
وتابع أن الناس يفرقون جيدا بين من دافع عن وطنه وبين من حوّل هذا الشعار، أي الدفاع عن الوطن، إلى شعار للترويج لمصالح إيران.
ومن جهته، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي فؤاد علي إن "ولادة مصطلحات وتعابير تحقيرية في الحديث عن تلك الميليشيات... واتساعها في الشارع العراقي بات أمرا لافتا بالفترة الأخيرة".
وذكر لديارنا أنه إضافة إلى ذلك، إن الآلة الدعائية للميليشيات الموجهة إلى الشعب العراقي "لم تعد مقنعة ولا أحد يهتم لذلك".
لا فرق بين داعش والميليشيات
وقال علي إن "الفترة الحالية تشابه فترة افتضاح التنظيمات الإرهابية في شمال وغرب العراق [لحقيقتها] وكره الناس لهم ولشعاراتهم".
وأكد أن الغضب والمشاعر السلبية التي يصدرها العراقيون تجاه الميليشيات تتصاعد بشكل واضح، ووصلت الحال إلى أن الكثير من أفراد الميليشيات باتوا يخفون انتماءهم ويزعمون أنهم بجهاز أمني نظامي في حال لمسوا حقد الناس أو رفضهم التعامل معهم بالحياة اليومية العامة.
وقالت الناشطة النسوية إيمان عباس إن "أفراد تلك الميليشيات لا يتجاوز عددهم 40 ألف في أفضل الأحوال لكنهم مدعومين من إيران لذا يواجهون اليوم حالة رفض ولا ينظر إليهم كعراقيين أو مواطنين أوفياء لوطنهم بقدر ما أنهم أدوات".
وأضافت لـديارنا أن "نسبة الوعي تتصاعد مع تصاعد انتهاكات تلك المليشيات للقانون وتهديد الأمن".
وتابعت "يمكن القول إنه الآن وجه داعش الثاني في العراق لذا من الطبيعي أنه غير مرحب بهم".