تتخذ وزارة الداخلية العراقية تدابير لمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي كأداة لنشر الدعاية المتطرفة والتأثير على المجتمع.
وأعلنت الوزارة يوم 29 كانون الثاني/يناير أنها أغلقت المئات من الحسابات والمنصات الإلكترونية العائدة، وغالبيتها لأعضاء في تنظيم داعش، تروج للشائعات المهددة للسلم.
وفي الوقت ذاته، تعكف الوزارة على إعداد برنامج توعوي شامل لتثقيف المواطنين حول مخاطر الأخبار المضللة والكاذبة.
التصدي للشائعات الخبيثة
وذكر مدير قسم محاربة الشائعات بوزارة الداخلية العقيد زياد محارب القيسي أن الوزارة تعمل منذ فترة طويلة على تحصين المجتمع من خطر الشائعات، ولا سيما تلك التي يروج لها الإرهابيون.
وقال في حديث لديارنا إن جهود الوزارة موجّهة بصورة أساسية لمحاربة الشائعات التي تنتشر عبر الفضاء الالكتروني وكذلك عن طريق وسائط الإعلام المختلفة أو بصورة مباشرة بين المواطنين.
وأضاف "عملنا في هذا الإطار يركز على استقصاء ورصد مصدر الشائعة بمساعدة الأجهزة الأمنية الأخرى كجهاز المخابرات والأمن الوطني ومن ثم وضع إجراءات التدخل اللازمة لإيقاف نشرها".
وتابع أنه "بالتنسيق مع وزارة الاتصالات، أغلقت وزارتنا خلال العام الماضي ما لا يقل عن 900 صفحة وحساب إلكتروني تستخدم أسماء وهمية وكانت تعتبر مصادر للشائعات المغرضة".
ووفق القيسي، فإن معظم هذه الحسابات عائدة لتنظيم داعش بالإضافة إلى "أعداء آخرين لا يريدون للبلد الاستقرار والتقدم".
وأوضح أن "الشائعات تتنوع بتنوع الغاية من ترويجها، فمنها ما يهدف إلى إثارة الفزع أو الإحباط وكسر الروح المعنوية، وهذه عادة ما يروج لها الإرهابيون مستخدمين مواقع الانترنت باعتبارها الوسيلة الأكثر تأثيرًا وانتشارًا".
وتابع أن من الأمثلة على هذه الشائعات بث أخبار كاذبة عن هروب سجناء من داعش أو وقوع بلدات بيد التنظيم أو اندلاع اشتباكات مع المسلحين وتكبد خسائر كبيرة في صفوف أفراد الأمن.
واستدرك أن هناك شائعات الهدف منها "تهديد السلم الأهلي وإرباك الأوضاع العامة بالبلد وتدمير الاقتصاد الوطني وخلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية".
رفع الوعي
وبموازاة ذلك الجهد، تنشط الوزارة أيضًا على رفع الوعي بين المواطنين.
وقال "لدينا برنامج عمل متكامل لتثقيف الناس بخطر الشائعات وحث المواطنين بكافة فئاتهم وشرائحهم على مكافحتها".
ونوّه إلى أن الوزارة "شاركت في إنشاء برامج توعية متخصصة في كافة الوزارات، كما دربّت وبالتعاون مع وزارة التربية 300 معلم ومرشد تربوي في بغداد لتثقيف طلبة المدارس".
وأكد أن "هناك منهاج تربوي أُعد بمشاركة نقابة المعلمين يشرح التأثيرات السيئة للشائعات ودورها في هدم المجتمعات، بالإضافة لنشر ملصقات وإعلانات في الشوارع والساحات العامة تحذر من نشر الشائعات".
بدوره، أشار طالب محمد كريم، نائب رئيس مركز الرافدين للحوار إلى أن تنظيم داعش "يعتمد كثيرًا على صناعة الشائعات في محاولة لجني مكاسب تخدم أهدافه التدميرية".
وقال في حديث لديارنا إن التنظيم يلجأ إلى "تسويق شائعاته عبر منافذ إلكترونية، وبصفة خاصة عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، للتأثير نفسيًا على أفراد المجتمع وعلى نطاق واسع".
وأضاف أن "الإرهابيين يستغلون منصات الانترنت أيضا لترويج فكرهم المتطرف حتى يتسنى لهم العودة مجددًا".
لكن تنظيم داعش يفقد هذه القدرة.
وذكر أنه "مع تطور المؤسسة الأمنية العراقية وتعاظم خبرتها في تعقب واستهداف شبكات وخلايا الإرهاب، فإن قدرة داعش على الاستفادة من تلك المنافذ أصبحت محدودة، كما أن الكثير من حساباته المروجة للشائعات والمنشورات الدعائية قد أغلقت".
وفي هذا الصدد، دعا "لتعزيز دور المؤسسات الاجتماعية في مناهضة الإرهاب ونشر الوعي داخل الأسر حول أهمية نبذ طريق التطرف وعدم الانسياق وراء الأكاذيب والشائعات والأفكار المضللة".
إغلاق الباب على تنظيم داعش
من جانبه، قال الخبير الأمني العراقي محمد رزاق الربيعي إن جهود محاربة الشائعات "إجراء ضروري لحماية المجتمع من المخاطر المحدقة به، وفي مقدمتها محاولات داعش المتواصلة لإيذاء الناس".
وشدد على أهمية "إغلاق الباب بوجه الإرهابيين وتدمير كل أدواتهم الإعلامية".
وأكد في حديثه لديارنا على أن إغلاق الصفحات المروجة للشائعات والأخبار المزيفة والفكر الداعشي "نشاط لا يقل أهمية عن العمليات العسكرية الراهنة لتتبع فلول الإرهاب والقضاء عليهم".