على الرغم من نفي النظام السوري الاتهامات التي صدرت بشأن إنشائه محرقة للتخلص من جثث المعتقلين الذين قتلوا في سجن صيدنايا العسكري، إلا أن معتقلين سابقين أكدوا لديارنا أن تجربتهم تدفعهم إلى عدم استبعاد مثل هذه الاتهامات.
وكانت الولايات المتحدة قد كشفت في منتصف شهر أيار/مايو عن صور التقطت عبر الأقمار الصناعية في مطلع 2015، وظهر فيها ما بدا أنه محرقة أنشأها النظام السوري في أكبر سجن في سوريا.
وأظهرت الصورة ثلجاً يذوب على أحد الأسطح وأنظمة تهوية كبيرة مرفقة بمجمع خارج دمشق، وهي صور تدعم على ما يبدو ما ادعته مجموعات معنية بحقوق الإنسان بأن صيدنايا هو مركز تصفية، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي هذا السياق، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيوارت جونز "منذ عام 2013 عدّل النظام السوري أحد أبنية سجن صيدنايا العسكري ليصبح قادراً على احتواء ما يعتقد أنها محرقة للجثث".
واعتبر أن ذلك قد يكون "محاولة للتغطية على حجم عمليات القتل الجماعي التي تُجرى في صيدنايا".
واتهمت منظمة العفو الدولية النظام بتنفيذ "سياسة إبادة" في السجن.
وفصّل تقرير صدر عن المنظمة الرقابية بعنوان "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا"ما حصل من إعدامات جماعية ممنهجة بين عامي 2011 و2015.
وكشف التقرير أنه كان يتم إخراج حتى خمسين معتقلاً من زنزاناتهم مرة على الأقل كل أسبوع لمحاكمات تعسفية وكان يتم ضربهم ثم شنقهم "في منتصف الليل وفي سرية تامة".
وقال جونز إنه بحسب منظمة العفو الدولية، قتل بين خمسة آلاف و11 ألف شخص بين عامي 2011 و2015 في سجن صيدنايا فقط.
ʼدخول إلى جهنمʻ
وأكدت شهادات معتقلين لبنانيين سابقين في سجون صيدنايا وتدمر والمزّه اتهامات منظمة العفو الدولية، وقال هؤلاء لديارنا إنهم لا يستغربون الاتهامات الموجهة إلى النظام.
وذكر عضو جمعية جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ريمون سويدان الذي اعتقل لمدة خمس سنوات بين 1993 و1998 في سجن المزّه مع شقيقه ميشال بتهمة "التحريض" على النظام، أن "الاعتقال في سوريا ليس نزهة بل هو دخول في عالم المجهول إلى جهنم".
وأكد أن "أسلوب التعذيب لا ولن يخطر على بال أي كائن بشري، والسجّانون ينامون ويحلمون بطرق التعذيب من البلانكو أو بساط الريح أو الكرسي الكهربائي".
وأضاف "تخيّل كيف نستيقظ في منتصف الليل ويُنادى على الشخص المطلوب بإسمه الثلاثي مع اسم والدته فيخرجونه من الغرفة وقد لفّوا عينيه بمنشفة ويخرجوننا جميعاً إلى ساحة الإعدام ونحن راكعون وأيدينا على رؤوسنا نشاهد الإعدام كأننا في كلوزيوم روماني ".
وتابع سويدان "سمعت حتماً بإقامة محرقة في سجن صيدنايا لكن الأهم أن يسمع السياسيون في داخل وخارج [سوريا] بهذه المحرقة".
ʼأبشع أنواع العنفʻ
ووصف رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن المعاملة في السجون السورية بأنها " شديدة القسوة ولا تليق بإنسان".
وأوضح لديارنا "يتعرّض الأسرى والمعتقلون لأبشع أنواع العنف" ويشمل ذلك "الضرب والتعذيب والشتم والإهانة والحرمان من النوم والطعام".
وقال إن "السجّانين السوريين هم وحوش كاسرة لا تعرف الرحمة ويستخدمون أساليب الضرب والقتل والتعذيب والدماء والتجويع والعطش".
وتابع أن "التعذيب يبدأ في الدولاب حيث يُضرب السجين 300 جلدة على رجليه العاريتين، وبعد ذلك يوضع على ʼالكرسي الألمانيʻ".
وشرح "توضع قاعدة الكرسي على ظهره ويدخل قضيبي الجوانب تحت إبطه وتشد الكرسي [بالحبال على ظهره] لكي تأخذ وضعها العادي، وفي هذه الحالة يمكن أن يكسر العامود الفقري للسجين أو تعطّل رئتاه".
وأشار إلى أنه في حالات أخرى، "يوضع السجين على السلّم وهو واقف ثم يرمى أرضاً وتكون ركبتاه وكوعاه بارزتين فتُكسَر أو تُطحَن".
وأضاف أنه أحياناً أيضاً يُكبّل المعتقل وتوضع في سرواله قطة صغيرة تؤذيه أثناء محاولتها الهرب. وفي بعض الحالات، يُعلّق المعتقل رأساً على عقب بواسطة سلسلة رافعة بحيث يفصل معصمه أحياناً.
وذكر أن المعتقلين المعلّقين رأساً على عقب "قد يصابون بانفجار في شرايينهم"، لافتاً إلى أن بعض السجناء عُلّقوا في سقف زنزانتهم لفترات طويلة من الوقت، الأمر الذي تسبب بشلل في أيديهم.
وتابع أن أعمال التعذيب الأخرى تشمل إجبار السجين على تناول فأر ميت أو عصافير ميتة أو صراصير، وإجباره على شرب البول وهو مغمض العينين.
وقال أبو دهن إن بعض السجّانين يجبرون السجين على سماع أصوات بكاء أطفال ونساء ليعتقد أنه يتم التحقيق مع أفراد عائلته، فيعترف بذنب لم يرتكبه.
يُذكر أنه بالرغم من الصور التي التقطت عبر الأقمار الصناعية والتقارير الموثوقة وقصص التعذيب والقتل والجراح في السجن التي رواها السجناء السابقون، نفى النظام الاتهامات المتعلقة بإنشائه محرقة للجثث، مؤكداً أنها "عارية من الصحة جملة وتفصيلاً".