أخبار العراق
حقوق الإنسان

النساء يثرن الذعر لدى النظام الإيراني في انتفاضتهن التاريخية

فريق عمل المشارق

تواصل النساء الإيرانيات احتجاجهن على الحجاب الإلزامي منذ 16 أيلول/سبتمبر. [مواقع التواصل الاجتماعي]

تواصل النساء الإيرانيات احتجاجهن على الحجاب الإلزامي منذ 16 أيلول/سبتمبر. [مواقع التواصل الاجتماعي]

كتب على قبر الشابة مهسا أمينيالتي كانت تبلغ من العمر 22 سنة، "إنك لم تموتي. سيصبح اسمك رمزا".

أدرك أحباء مهسا أن موتها لن يذهب سدى وقد أثبتت التطورات ذلك. فأدى رحيل الشابة إلى اندلاع أكبر احتجاجات تشهدها إيران منذ الحركة الخضراء عام 2009، وهو أمر غير مسبوق في البلاد منذ الثورة الإسلامية التي جرت في البلاد عام 1979.

ويصف العديد من المحللين الانتفاضة الحالية في إيران والتي انطلقت بعد مقتل أميني يوم 16 أيلول/سبتمبر، وهي من سكان سقز في محافظة كردستان، بأنها حركة نسوية.

وفي الوقت الذي أجج فيه عدد من القضايا الخطيرة التي يواجهها الإيرانيون يوميا الاحتجاجات المستمرة، إلا أن وفاة امرأة شابة خلال احتجازها من قبل "شرطة الأخلاق" بسبب ما اعتبرته "حجابا غير ملائم"، يبقى في قلب الانتفاضة.

النساء الإيرانيات يتظاهرن منذ 16 أيلول/سبتمبر على نطاق واسع احتجاجا على الحجاب الإلزامي. [مواقع التواصل الاجتماعي]

النساء الإيرانيات يتظاهرن منذ 16 أيلول/سبتمبر على نطاق واسع احتجاجا على الحجاب الإلزامي. [مواقع التواصل الاجتماعي]

قتلت حديث نجفي البالغة من العمر 20 عاما، على أيدي قوات الأمن الإيرانية أثناء الاحتجاج في 25 أيلول/سبتمبر. [مواقع التواصل الاجتماعي]

قتلت حديث نجفي البالغة من العمر 20 عاما، على أيدي قوات الأمن الإيرانية أثناء الاحتجاج في 25 أيلول/سبتمبر. [مواقع التواصل الاجتماعي]

وفي تحد رمزي تشهده جميع أنحاء البلاد، تقوم النساء بإحراق حجابهن الذي فرضه النظام عليهن منذ عام 1979.

وفي خطوة رمزية أخرى للمطالبة بحقهن في التصرف بأجسادهن وبحرياتهن الشخصية، أقدم بعض النساء أيضا على قص شعرهن وسط هتافات الحشود.

ويوما بعد يوم، تطول لائحة الدول التي تدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان خلال الاحتجاجات.

ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، قتل ما لا يقل عن 76 شخصا في حملة القمع الإيرانية التي نفذت خلال 11 ليلة من الاضطرابات التي اندلعت عقب وفاة أميني.

أكثر شجاعة وجرأة وصراحة

وتعد الاحتجاجات المتواصلة وواسعة النطاق غير مسبوقة في إيران، إذ أن دافعها الأساس الذي ما يزال يتصدرها هو الحرية الشخصية للمرأة.

ومع الانتفاضة الجديدة، تجد الجمهورية الإسلامية نفسها أمام هجوم على أحد مبادئها الأساسية. فشكّل الحجاب الإلزامي للمرأة أسلوبا أساسيا استخدمته لإبقاء النساء صامتات ومعاملتهن كمواطنات من الدرجة الثانية.

وكانت أبرز وسيلة علنية لقمع النساء وتقييد حضورهن الاجتماعي، فرض الحجاب عليهن وفرض "قواعد لباس" إلزامية عليهن اتباعها.

واليوم، تشكل أعمال التحدي التي تقوم بها النساء مثل الكشف عن شعرهن أو قصه وحرق حجابهن، عقابا للنظام عبر إبادة السلاح نفسه الذي استخدمه لإسكاتهن وتقييدهن.

وأثبت الجيل الأصغر من النساء الإيرانيات اللواتي لم يولدن حتى في زمن الثورة الإسلامية، أنهن أكثر شجاعة وجرأة وصراحة من أمهاتهن.

فتمردن على قواعد اللباس التي فرضها النظام والتي ازدادت صرامة خلال الأشهر الماضية في ظل عهد الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الأخيرة مقاطع فيديو لنساء قاومن عندما أمرن بأن يغطي حجابهن شعرهن بالكامل، أو صرخن وقاومن أثناء دفع شرطة الأخلاق النسائية بهن إلى شاحنات الشرطة من أجل "التحدث إليهن" .

ووسط الاحتجاجات الحالية، أعلن العديد من طلاب الجامعات والأساتذة الإيرانيين عن إضرابهم وعدم مشاركتهم في الفصول الدراسية، وشمل ذلك الدراسة عبر الإنترنت.

وفي مؤشر واضح على ذعر النظام، تم بأمر من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حظر تطبيقي المراسلة واتساب وإنستغرام، وكلاهما يحظى بشعبية كبيرة في إيران.

وصدرت أوامر للشركات التي تقدم خدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة بوقف الخدمة. وبدون الشبكات الافتراضية الخاصة، يكون الوصول إلى الإنترنت على جهاز الكمبيوتر أمرا مستحيلا في إيران.

واشتكى العديد من الشركات الإيرانية من أن تعطيل الإنترنت الذي أمرت به الدولة يؤدي إلى تعطيل كبير، لكن فضلت طهران مواصلة قطع الإنترنت حتى ولو كان الثمن مزيدا من الضرر على الاقتصاد المتعثر أصلا.

وفي المقابل، لا يزال الشباب الإيراني ولا سيما الشابات منهم، يقاومون ويتحدون.

’المرأة، الحياة، الحرية‘

يُذكر أن الاحتجاجات السابقة التي شهدتها في إيران وحتى آخر سلسلة من التظاهرات الكبرى في عام 2019، اندلعت بسبب قضايا اقتصادية أو سياسية. فجاءت انتفاضة العام 2019 نتيجة زيادة مفاجئة وكبيرة في أسعار الوقود.

أما الحركة الخضراء عام 2009، فاندلعت على خلفية ما وصفه الشعب الإيراني على نطاق واسع بـ "الانتخابات المسروقة"، إذ أدت إلى نتيجة مثيرة للجدل منحت الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ولاية ثانية.

وكانت مشاركة الشباب والنساء نشطة للغاية في الحركة الخضراء الإيرانية. ولكن حتى الأسبوع الماضي، لم تشهد إيران يوما على مدى العقود الأربعة الماضية سلسلة احتجاجات محورها النساء وحقوقهن، وبمشاركة كبيرة من الرجال الداعمين للمرأة.

ونشر العشرات من الشخصيات المعروفة بينهم ممثلين وموسيقيين وخصوصا لاعبي كرة القدم، تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي تدين عملية قتل أميني وقمع النساء الإيرانيات.

وفي خطوة داعمة للاحتجاجات، واصل نجم كرة القدم علي كريمي تصريحاته المناهضة لقمع النظام، رغم ما تلقاه من تحذيرات مزعومة من الحرس الثوري الإيراني.

فبحسب صفحات كريمي على مواقع التواصل الاجتماعي، هدد الحرس الثوري أيضا باعتقاله ومصادرة ممتلكاته.

وفي 27 أيلول/سبتمبر، أفادت الأنباء أن قوات الباسيج صادرت فيلا تابعة له في لافاسان بطهران، لكنها أعادتها إليه بعد فترة وجيزة في ظل الغضب الشعبي الذي أثاره الخبر.

وخلعت العديد من الممثلات المعروفات في إيران الحجاب في مقاطع فيديو أو صور نشرنها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتستمر هذه الموجة رغم تهديد وزير التوجيه الإيراني بمنعهن من التمثيل، إذ قال إنهن "بحاجة إلى إيجاد عمل في مكان آخر".

وفي خطوة تسلط الضوء مجددا على انتهاك حقوق المرأة، يبقى الشعار الأساسي غير المسبوق للاحتجاجات المتواصلة في إيران: "المرأة، الحياة، الحرية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500