أوردت وسائل الإعلام المحلية يوم الاثنين، 19 أيلول/سبتمبر، أن الشرطة الإيرانية استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة خرجت احتجاجا على وفاة شابة كانت قد اعتقلت من قبل "شرطة الأخلاق" التي تفرض قواعد صارمة للملبس.
وأفادت وكالة فارس للأنباء أن الشرطة اعتقلت نحو 500 متظاهر تجمهروا في سنندج عاصمة محافظة كردستان.
وكان قد أعلن عن وفاة مهسا أميني، 22 عاما، التي تنحدر من بلدة صغير في محافظة كردستان، يوم الجمعة في طهران بعد بقائها ثلاثة أيام في غيبوبة عقب اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق التابعة للنظام أثناء زيارتها العاصمة. وقد وري جسدها الثرى يوم السبت في سقز.
وكتب على شاهد مدفنها "أنت لم تموت؛ اسمك سيصبح رمزا".
واحتجز عدة أشخاص أثناء التظاهر أمام مستشفى كسرى في طهران حيث توفيت أميني، كما اعتقل كثيرون غيرهم في كردستان أثناء الاحتجاج في عطلة نهاية الأسبوع.
وأكدت أسر عدة عدم معرفتها بمكان احتجاز أبنائها، حسبما أفادت وسائل إعلام أجنبية.
وقالت وكالة أنباء فارس إنه "عقب الجنازة، غادر بعض الناس المكان في حين ظل آخرون وشرعوا في ترديد شعارات تطالب بإجراء تحقيقات مسهبة في أبعاد الحادثة".
وأضافت أن "المحتجين تجمهروا بعد ذلك أمام مكتب المحافظ ورددوا المزيد من الشعارات، لكن تفرقوا حين أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع".
وأفادت الوكالة أن بعض السكان قذفوا مكتب المحافظ بالحجارة.
وأشارت صحيفة اعتماد إلى أن "الناس صدموا وغضبوا مما حدث لمهسا أميني"، مضيفة أن البلاد عانت "من حالات متعددة من العنف على يد شرطة الأخلاق".
واحتشد أيضا عدد كبير من طلاب الجامعة احتجاجا على ممارسات شرطة الأخلاق.
وذكرت تقارير أن بعض الشركات في مدن محافظة كردستان أغلقت أبوابها كنوع من الاحتجاج.
وبعد وفاة أميني، زعمت الشرطة أنه لم "يحدث أي تلامس بدني" بين الضباط والضحية.
لكن "معظم المحتجين لم يقتنعوا بهذا التفسير"، حسبما قالت وكالة فارس عن متظاهري يوم الأحد.
"فكثير منهم مقتنعون أن مهسا توفيت جراء التعذيب".
دعوات لكبح جماح 'شرطة الأخلاق'
هذا وأججت وفاة أميني الدعوات لكبح جماح أفعال شرطة الأخلاق ضد النساء اللاتي يشتبه في انتهاكهن لقواعد الملبس السارية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وكانت شرطة الأخلاق، وهي الجهة المسؤولة عن إنفاذ قوانين قواعد الملبس الصارمة بالنسبة للنساء، ولا سيما ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، قد واجهت انتقادات متزايدة في الأشهر الأخيرة بسبب استخدامها المفرط للقوة.
وفي شهر تموز/يوليو، حظرت شرطة الأخلاق على النساء ارتداء المعاطف التي لا تغطي الركبتين والسراويل الضيقة والجينز الممزق وأيضا الألوان الزاهية.
ويوم الاثنين، قال رئيس شرطة طهران، الجنرال حسين رحيمي، إن المرأة خالفت قواعد الملبس وإن زملاءه كانوا قد طلبوا من أقاربها أن يحضروا لها "ملابس لائقة".
غضب عارم
هذا وأثارت وفاة أميني موجة من الانتقادات من قبل الشعب ووسائل الإعلام الإيرانية، ونشر الكثير منها قصتها على صفحاتها الأولى.
لكن بعض وسائل الإعلام الأكثر انحيازا للنظام عمدت إلى الرد.
وفي هذا الإطار، اتهمت صحيفة إيران اليومية المملوكة من الدولة الخصوم بـ "استغلال مشاعر الشعب عبر استخدام حادث مؤسف لتحريض الأمة على الحكومة والرئيس"، في حين زعمت صحيفة كيهان أن "الشائعات والأكاذيب" تزايدت بصورة كبيرة.
في هذه الأثناء، توجه مخرجو أفلام وفنانون ورياضيون وشخصيات سياسية ودينية إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من شرطة الأخلاق سواء داخل البلاد أو خارجها.
وعلى موقع تويتر، حصل الهشتاغ #مهسا_أميني حتى منتصف يوم الأحد على ما يقرب من 1.5 مليون تغريدة.
وطالب الرئيس السابق محمد خاتمي السلطات بـ "وضع حد للأفعال المخالفة للقانون والمنطق والشريعة"، و"تقديم الجناة للعدالة".
بدروه، شجب آية الله العظمى أسد الله بيات زنجاني، وهو رجل دين ينظر إليه على أنه قريب من الإصلاحيين، شجب ما أسماها أفعال "غير مشروعة" و"غير قانونية" وراء "هذا الحادث المؤسف".
وقال إن "القرآن يمنع بوضوح استخدام القوة" لفرض القيم الدينية والأخلاقية.