أكد سياسيون ومراقبون عراقيون على تصاعد حالة الامتعاض جنوبي العراق جراء استمرار استخدام إيران لميليشيا قوات الحشد الشعبي لتوسيع نطاق هيمنتها واستهداف المصالح الأميركية.
ويشير ذلك إلى انقسام في صفوف قوات الحشد الشعبي، بين الميليشيات التابعة للحكومة العراقية والسلطة الدينية في النجف من جهة، وبين من هم موالون لإيران وللحرس الثوري الإيراني من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الدينية بمدينة النجف حسين محمد الكاظمي، إن الحشد الشعبي تأسس بناء على فتوى دينية صدر في حزيران/يونيو 2014 عن المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني.
وأوضح لديارنا أن هذه الفتوى التي أصدرها السيستاني تدعو العراقيين إلى مواجهة التوسع السريع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ولكن تابع أن الميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري التي تتحرك تحت مظلة الحشد الشعبي، استغلت مشاركتها في الحرب على داعش لتعزيز نفوذها وسلطتها في العراق.
وعقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير الماضي، بدأت تتوسع رقعة الانقسام في صفوف ميليشيات قوات الحشد الشعبي.
وأضاف الكاظمي أن ميليشيات العتبات المقدسة التي يتحدر مقاتلوها من النجف وكربلاء، قد قطعت العلاقات مؤخرا مع قوات الحشد الشعبي، وذلك سعيا منها للابتعاد عن الميليشيات المدعومة من إيران والتابعة للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
وقد دمجت منذ ذلك الحين في القوات العراقية.
رفض هيمنة إيران
وتابع أن جماعات العتبات المقدسة شبه العسكرية "ترفض الدخول في مواجهة خاسرة مع الولايات المتحدة لصالح إيران وعلى أرض عراقية لا خاسر منها إلا العراق والعراقيين".
ولفت إلى وجود حالة امتعاض ملحوظة في النجف وكربلاء من "تحول [جزء كبير من الحشد] إلى أداة إيرانية سياسية ومسلحة لمواجهة الولايات المتحدة رغم معرفة الجميع أنها مواجهة لا فرص للربح فيها".
وأشار كذلك إلى الرد الأميركي على القصف الذي طال في آذار/مارس الماضي قاعدة التاجي الجوية شمالي بغداد حيث كانت القوات الأميركية والبريطانية متمركزة، وهو رد استهدف 5 مرافق للأسلحة تابعة لكتائب حزب الله المدعومة من إيران.
وقال إن حادثة التاجي كشفت أن إيران تستخدم الميليشيات التي تدعمها لخدمة مصالحها الخاصة وليس مصالح العراق.
وبدوره، قال زعيم حزب المستقبل العراقي انتفاض قنبر لديارنا إن الميليشيات تتلقى أوامر مباشرة من إيران، فعندما أرادت إيران تصعيد الوضع في العراق، نفذت الميليشيات ذلك.
ولفت إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران استهدفت السفارة الأميركية والقواعد التي تستضيف القوات الأميركية والشركات الأميركية بالبصرة والبغداد.
وقال "تحاول طهران اليوم عقد صفقة مع الولايات المتحدة والدخول بمفاوضات وتقديم تنازلات".
وأضاف أن النظام الإيراني يستخدم الميليشيات في العراق كبطاقة سياسية، وسيتخلى عنها في حال توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
انقسامات داخل الحشد الشعبي
وبدوره، قال عضو التيار المدني العراقي حسام الصفار لديارنا، إن الهجمات المنفذة على الولايات المتحدة وعلى التحالف الدولي من قبل الميليشيات المدعومة من إيران "ستؤدي إلى خسائر سياسية ومالية واقتصادية في العراق".
وأضاف أن تلك الميليشيات تدرك أنها "ستخسر أي مواجهة مع الأميركيين ولا مجال ولو 1 بالمائة لتحقيق نصر"، قائلا إن زعماء بعض ميليشيات الحشد الشعبي "وافقوا على زج مقاتليهم في المحرقة لصالح إيران".
وأشار إلى أن قوات الحشد الشعبي مقسمة بين جماعات كالعتبات المقدسة التي تتبع أوامر الحكومة العراقية والسلطة الدينية في النجف، والجماعات الأخرى الموالية لإيران.
وتابع أن هذه الجماعات الأخيرة "باتت مكشوفة أمام العراقيين على أنها أدوات إيرانية".
وأضاف أنه لذلك وحتى عندما استهدفت الولايات المتحدة مواقع الأسلحة، "أيدت غالبية العراقيين تلك الضربة واعتبرتها مهمة لإنهاء سلطة ميليشيات تهدد سلطة الدولة والقانون".