تخطت مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار تدريجيا حالة الدمار التي خلفها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال فترة سيطرته على المنطقة.
وفي أول دليل على انتعاش المنطقة بعد رحيل داعش، شهدت المدينة الشهر الماضي وصول أول قطار من بغداد بعد توقف خدمة سكك الحديد بين المدينتين العراقيتين الرئيسيتين طوال فترة خمس سنوات.
وقد أعلنت الشركة العامة لسكك الحديد في 19 تموز/يوليو إعادة تأهيل الشبكة بعد أن أقدمت داعش على تدمير بنيتها التحتية ومحطاتها.
وذكرت وزارة النقل بيان أنها قدمت رحلات مجانية للمسافرين من بغداد إلى الفلوجة من أجل "خدمة شعب الفلوجة الطيب".
تحسين صورة الفلوجة المشوهة
يُذكر أن الفلوجة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا من بغداد، كانت أولى المدن الرئيسية التي وقعت تحت سطوة داعش في 2014. وكان التنظيم يستخدم المدينة لإيواء المقاتلين الأجانب وكقاعدة لتنفيد الهجمات الإرهابية في مدن أخرى من الأنبار وفي العاصمة بغداد.
وحررت القوات العراقية بدعم من قوات التحالف الدولي، المدينة في حزيران/يونيو 2016 بعد معارك كثيفة دامت خمسة أسابيع. ولكن احتلال داعش للفلوجة شوّه صورة المدينة التي اعتبرت معقلا للتنظيم.
وقال قائم مقام الفلوجة عيسى الساير إن "الصورة التي يراها العالم عن الفلوجة هي صورة مغلوطة لا تمثل واقع المجتمع الفلوجي المسالم والكريم والمحب للخير والرافض لكل أشكال الإرهاب والعنف".
وأكد لديارنا أن مواطني المدينة وأبناء العشائر المحلية أصبحوا اليوم أكثر تواصلا مع السلطات المحلية والأجهزة الأمنية لتعزيز الاستقرار والأمن في المحافظة.
وأضاف "صارت مضافات ودواوين شيوخ العشائر تشهد العديد من الجلسات الحوارية مع المسؤولين المحليين لتعزيز الثقة المتبادلة وتنسيق المسائل الأمنية".
ʼالأولى في الانتفاض على المتطرفينʻ
وبدوره، قال رئيس مجلس عشائر الأنبار الشيخ عبد الوهاب السرحان لديارنا إن "على الجميع أن يتذكر أن الفلوجة كانت من أول المدن المنتفضة على الإرهابيين، بمن فيهم من كانوا يتحركون تحت شعار القاعدة".
وأضاف أنه في ذلك الوقت، ثارت العشائر على التنظيم في إطار ما كان يعرف بقوات الصحوة بين 2005 و2007.
وتابع أنه عندما انتشرت القاعدة في المدينة، رفض الشارع الفلوجي بمثقفيه والأكاديمين فيه وجود التنظيم ونشاطاته الإجرامية التي شوهت صورة المدينة الناصعة.
ولفت إلى أن غالبية العناصر الإرهابية ليست من أهالي الفلوجة أو من أبناء عشائرها، وقد وصل العديد منهم عبر الحدود السورية.
وقال إن هؤلاء العناصر يختبئون اليوم في خنادق في عمق الصحراء، مطالبا القوات الأمنية بملاحقتهم وطردهم من البلاد وتأمين الحدود.
وذكر "كيف يمكن أن نبرهن للعالم أن الفلوجة ومدن الأنبار الأخرى هي مدن رفضت الإرهاب بعد أن قدمت أكثر من عشرة آلاف مقاتل لمحاربة الإرهاب اليوم ضمن قوات الحشد العشائري، وباستخدام سلاحهم الشخصي البسيط".
وأضاف أن هذا العدد يضاف إلى السبعة آلاف مقاتل متطوع الذين شاركوا في حملة محاربة العناصر الإرهابية من دون مقابل.
ʼسند قوي لقوات الشرطةʻ
إلى ذلك، أكد قائد شرطة الفلوجة العقيد جمال الجميلي لديارنا أن المدينة "أصبحت اليوم مدينة نافرة للمعتقدات المتطرفة". ʼ
وقال إن البيئات الحاضنة لا تقتصر على توفير المأوى للعناصر الإرهابية وتحريضها، بل توفر أيضا بيئة مؤاتية فكريا لفكرهم المتطرف، مشيرا إلى أن الحال لم تعد كذلك في مدينة الفلوجة.
وذكر "لم يعد هناك من يحتضن أفكار [داعش] ويؤمن بها بعد ما لاقته المدينة من خراب ودمار على يد هؤلاء الإرهابيين".
وأكد أن المواطنين صاروا يبادرون بأنفسهم إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة أو أشخاص مشكوك بأمرهم، وتحولوا بالتالي إلى "سند قوي لقوات الشرطة".
وختم قائلا إن الفلوجة "عادت إلى واقعها المتحضر الذي حاول الظلاميون حجبه عن العالم".