أكد خبراء تحدثوا إلى موقع ديارنا أنه عبر انتزاع دابق من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وجّهت قوات التحرير ضربة قوية أثرت على معنويات التنظيم وجهوده الرامية إلى إظهار صورة عن خلافة قابلة للبقاء، وذلك نظراً للدور المهم الذي كانت تلعبه المدينة السورية في جهود التنظيم الترويجية.
وقد ورد اسم دابق مرات عدة في الأحاديث النبوية كموقع المعركة المنتظرة بين المسلمين و"الروم"، وهو مصطلح يُستخدم لغير المؤمنين. وقد استخدمت داعش هذا التنبؤ منذ إنشائها عام 2014 كموضوع متكرر في تسجيلاتها المصورة وبياناتها الترويجية للمساهمة في دعم شرعية خلافتها المزعومة وحملة التجنيد التي أطلقتها.
وقالوا إنه بالرغم من الجهود التي بذلها التنظيم للتقليل من أهمية هزيمته الأخيرة، إلا أن خسارة المدينة ذات الأهمية الرمزية سيكون لها تأثير معنوي مهم جداً في معركة القضاء على داعش في سوريا والعراق.
في هذا السياق، قال المحلل الاستراتيجي اللواء المتقاعد في الجيش المصري المتخصص بالجماعات الإرهابية يحيى محمد علي، إن "تنظيم داعش دأب طيلة السنوات الثلاث الماضية على إحلال بلدة دابق بمكانة رفيعة".
وأضاف لديارنا أنه من خلال حملتها الترويجية، سعت داعش إلى تحويل دابق من مجرد بقعة جغرافية عادية "إلى رمز هام جداً".
وأوضح أن التنظيم قام بذلك بشكل خاص "بهدف إضفاء الشرعية لوجوده وأعماله الإرهابية"، لافتاً إلى أن المدينة "لا قيمة كبيرة أو حقيقية لها من الناحية العسكرية أو الاستراتيجية".
وتابع أنه نظراً لرمزيتها الكبيرة، تُعتبر خسارة دابق "ضربة موجعة للتنظيم" سيكون لها أثرها الكبير في مستقبل الحرب على التنظيم، ولا سيما في ما يتعلق بجهود التجنيد التي يبذلها ومعنويات مقاتليه.
وأوضح أن "تحرير البلدة يترافق مع خسائر سابقة للتنظيم في سوريا كبلدات منبج وجرابلس والبدء بعملية تحرير الموصل في العراق.
وقال "فلا يمكن فصل ما يجري على الأرض على الإطلاق، وبالتالي فإن أولى نتائج تحرير دابق ستكون من دون شك في الموصل التي يتم الحشد لتحريرها من قبل القوات العراقية وقوات التحالف الدولي".
محاولات من داعش للتقليل من أهمية خسارته
من جانبه، قال مدير قسم الإعلام الجديد في مركز ابن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية في مصر مازن زكي، إن مدينة دابق تقع جنوب الحدود التركية على بعد نحو 35 كيلومتراً من مدينة حلب.
وذكر لديارنا أنها جزء من ناحية أخترين الإدارية في منطقة أعزاز، التي تشهد انحساراً لسيطرة التنظيم فيها على حساب الفصائل المعارضة المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر.
ومنذ ظهورها عام 2014، تستخدم داعش دابق بشكل مكثف في أدبياتها وتسجيلاتها المصورة الترويجية، والتي يشمل الكثير منها تسجيل صوتي يعود إلى 2004 لأبو مصعب الزرقاوي، الزعيم السابق للقاعدة في العراق.
ويقول الزرقاوي في التسجيل "ها هي الشرارة قد انقدحت في العراق، وسيتعاظم أوارها... حتى تحرق جيوش الصليب في دابق".
وقال زكي "ومن ثم قام تنظيم داعش بإعادتها [إعادة دابق] إلى الواجهة بعد السيطرة عليها في شهر آب/أغسطس من العام 2014، فباتت أيقونة هامة من أيقونات التنظيم".
وأضاف أن التنظيم أصدر حتى مجلة بالاسم نفسه باللغة الإنجليزية، روّجت فيه بشكل مكثف لمعركة قادمة هي "المعركة الفاصلة بين المسلمين والكفار" في المدينة.
واعتبر أنه منذ هزيمته في دابق، حاول التنظيم التقليل من أهمية خسارته للمدينة عبر نشر أخبار تفيد بأن ما جرى ليس المعركة الكبرى التي يروّج لها.
وأكد زكي أن "التنظيم ومن خلال نشره لهذه الأقاويل يحاول التقليل من حجم هزيمته في البلدة واستدراك الخسائر التي قد تلحق به جراء ذلك، خصوصاً في ما يتعلق بعمليات التجنيد والروح المعنوية".
تزوير التاريخ
من جهته، قال الباحث السياسي عبد النبي بكار وهو أستاذ في جامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون، إن تنظيم داعش ومنذ ظهوره اعتمد على مبدأ تزوير الوقائع التاريخية والدينية وتحوير العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وأكد في حديث لديارنا أن هذه خطوة مخطط لها تهدف إلى "إضفاء الشرعية لوجوده لتسهيل انتشاره على الأرض بالإضافة إلى تسهيل عمليات التجنيد".
وأشار إلى أن "ضعاف النفوس وقليلي العلوم الدينية وقعوا بفخ هذه الترهات الدينية التي أطلقها التنظيم فانضموا إليه باعتباره فعلاً يقيم أرض ودولة الخلافة".
وتابع أن "سقوط دابق من يد التنظيم يعتبر رداً قوياً على كل الإسقاطات الدينية التي روج لها".
وأضاف أنه بالنسبة للحديث الذي يذكر معركة دابق المنتظرة، "فالتفاسير حول هذا الأمر كثيرة وغالبيتها رمزية دينية لا علاقة لها على الإطلاق بأرض الواقع".
داعش الي الجحيم
الرد1 تعليق