تحاكي أذرع النظام الإيراني التي تعمل بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، إلى حد كبير استخدام النظام للقمع والاستبداد والإعدامات العشوائية ضد أي معارضين محليين لسياساته.

وقال الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية فتحي السيد للمشارق إن "ممارسة القمع والقتل من قبل الحرس الثوري الإيراني بدأ منذ اللحظات الأولى لما يسمى بالثورة الإسلامية".

وأضاف أن النظام الحاكم استمر في تنفيذ "أعمال القتل العشوائية للمعارضين وعمليات الخطف الممنهجة للدبلوماسيين".

وتابع أنه داخل السجون والمعتقلات الإيرانية "تتم الإعدامات بشكل دائم بدون وجود هيئة قضائية صحيحة أو محامي دفاع حقيقي".

وذكر أنه "يتم التفنن بالممارسات العقابية كابتكار آلة لقص الأصابع أو الإعدام شنقا بواسطة رافعة يتم وضعها في الساحات العامة".

وأشار إلى أن "الأمور وصلت إلى السماح لأهالي أحد الضحايا بشنق المتهم بأنفسهم تحت حماية رجال الأمن".

وفي هذا السياق، قالت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر في 29 تموز/يوليو إن قانون العقوبات الإٍسلامي الإيراني ينص على عقوبات جسدية مختلفة ترقى إلى التعذيب وتشمل البتر والجلد والتعمية والصلب والرجم.

وجاء في التقرير أن القانون ينص بالنسبة لأنواع معينة من السرقات، على وجوب أن "يتم قطع 4 من أصابع اليد اليمنى [للمدانين] بالكامل بحيث لا يتبقى إلا كف اليد وإصبع الإبهام".

غرس الخوف في نفوس المدنيين

وفي بلدان أخرى حيث ينتشر الحرس الثوري وأذرعه كاليمن ولبنان وسوريا، استخدمت ممارسات قمع مشابهة ضد المعارضين لغرس الخوف في نفوس السكان والاستمرار بالسيطرة عليهم.

ولكن أوضح السيد أن الأذرع الإيرانية تمارس مثل هذه الأساليب بطريقتها الخاصة بحسب البلد.

وقال "في اليمن على سبيل المثال، تكون الإعدامات بالساحات العامة من قبل الحوثيين. وفي لبنان ينفذ الخطف والاغتيال لأي معارض".

وتابع "أما في سوريا، فقد أشعل تدخل حزب الله الأوضاع بقيامه بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين في بداية التحركات".

وأضاف أن الآلاف لا يزالون اليوم في عداد المفقودين بمناطق من سوريا تقع تحت سيطرة النظام السوري والذراع الإيراني حزب الله.

وأشار السيد إلى أن "الأمر وصل إلى ملاحقة المعارضين للنظام الإيراني في الخارج من قبل ضباط المخابرات أو عملاء محليين".

ففي حزيران/يونيو 2020 على سبيل المثال، أدين رجل نرويجي-إيراني بتهمة التجسس ومحاولة القتل في الدنمارك لحساب إيران.

وأدين المتهم بـ "التواطؤ في محاولة اغتيال" ارتبطت بعملية الاغتيال المخطط لها في أيلول/سبتمبر 2018 ضد مواطن إيراني في المنفى "بناء على أوامر وتعليمات جهاز الاستخبارات الإيراني"، وفق ما جاء في لائحة الاتهام.

تصدير القمع

وبدوره، قال الباحث المتخصص في الشأن الإيراني شيار تركو للمشارق إنه إضافة إلى "تصدير الثورة"، سعى الحرس الثوري إلى تصدير "الديكتاتورية والاستبداد الذي يمارسه على شعبه إلى دول أخرى".

وأضاف أن ذلك واضح في المناطق التي زرع فيها أذرعه العسكرية، بما في ذلك العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وتابع أنه "لا قيمة للقانون إطلاقا وتتم ممارسة أبشع أنواع القتل والاغتيال والتعذيب تجاه كل من يعارض سياسة الحرس وأذرعه".

وأوضح أن ما يقوم به الحرس الثوري مشابه للقمع الذي تمارسه الأنظمة الديكتاتورية مثل فنزويلا بقيادة نيكولاس مادورو وسوريا بقيادة بشار الأسد، مضيفا "يبدو أنه منهج متبع لإبقاء أي احتجاج في مراحله الأولى".

ومن جانبها، قالت الصحافية اليمنية المقيمة في القاهرة منى محمد إنه "ليس غريبا على من يطلق صواريخه تجاه المدنيين ويقتل المدنيين والنساء والأطفال أن يقوم بالإعدامات العشوائية بشكل منتظم ودون هيئة قضائية".

وأضافت للمشارق أن "ما حصل في العام 2021 من إعدام لـ 9 أشخاص علنا وبينهم فتى قاصر عانى من الشلل قبل إعدامه بسبب التعذيب، يعتبر وصمة عار على تنظيم الحوثي".

وتابعت أن "هذه الجماعة الإرهابية تمارس الإعدام على طريقة تنظيم ʼالدولة الإسلاميةʻ (داعش) بإجبارها المدنيين على حضور عمليات الإعدام في الساحات العامة كما كان يحصل في مدينة الرقة السورية".

وفي بعض الحالات، أقدم الحوثيون حتى على إعدام عناصر من الجماعة نفسها على خلفية نزاعات داخلية وصراعات على السلطة.

وفي الإطار نفسه، قال العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني جميل أبو حمدان للمشارق إنه منذ ظهور حزب الله في لبنان "انخرط [الحزب الذي تدعمه إيران] في أعمال القمع والقتل والترهيب والإعدامات والاغتيالات".

وأضاف أن الحزب يسعى للتخلص من المعارضين له "إن كان على الصعيد السياسي أو العسكري".

وذكر أن "عشرات الأسماء اختفت في ظروف غامضة بعد اختطافها من قبل عناصر الحزب في المناطق التي يسيطرون عليها".

محاسبة إيران

وأشار أبو حمدان إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها عملوا على استهداف القمع الممارس من الحرس الثوري والجرائم التي ترتكبها أذرعه عبر وسائل مختلفة، منها العقوبات ومكافحة التهريب بكل أنواعه.

وفي عقوبات تم الإعلان عنها في 23 كانون الثاني/يناير، تحركت الولايات المتحدة لمحاسبة النظام الإيراني على انتهاكاته لحقوق الإنسان، وذلك بالتنسيق مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ففرضت عقوبات على 10 أفراد إيرانيين وكيان واحد، بالإضافة إلى 4 من كبار قادة الحرس الثوري ممن كانوا ينسقون حملة القمع التي ينفذها النظام الإيراني على المستويين الوطني والمناطقي.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن هذا الإجراء استهدف أيضا "ركيزة اقتصادية رئيسة للحرس الثوري الإيراني تمول معظم ممارسات القمع الوحشي للنظام".

وكانت هذه حزمة العقوبات التاسعة من نوعها التي تستهدف المسؤولين عن قمع المتظاهرين السلميين في إيران وتقييد الوصول إلى الإنترنت.