أخبار العراق
عدالة

العراقيون الساعون لمعرفة مصير المغيبين قسريا يتهمون الميليشيات الموالية لإيران

فارس العمران

أطفال يحملون صور آبائهم المفقودين الذين يعتقد أنهم غيبوا قسرا على أيدي الميليشيات، وذلك يوم 30 آب/أغسطس. [حساب وائل الطائي على تويتر]

أطفال يحملون صور آبائهم المفقودين الذين يعتقد أنهم غيبوا قسرا على أيدي الميليشيات، وذلك يوم 30 آب/أغسطس. [حساب وائل الطائي على تويتر]

أفادت بعض التقارير أن ميليشيا كتائب حزب الله العراقية التي تدعمها إيران هي المتهم الأبرز في اختفاء المدنيين أثناء معارك استعادة مدن البلاد من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وأن أسرهم تواصل الضغط من أجل الحصول على إجابات حول مصيرهم وضمان مساءلة من تسبب بتغييبهم.

وفي اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف في 30 آب/أغسطس، وجهت أصابع الاتهام مجددا إلى كتائب حزب الله وحملت مسؤولية تغييب آلاف العراقيين.

ووقعت معظم عمليات الاختفاء إثر منع السلطات الحكومية عناصر كتائب حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من الحرس الثوري الإيراني من المشاركة مع القوات الأمنية في تحرير مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار عام 2016.

وفي ذلك الوقت، أقدمت الميليشيات المتحالفة مع إيران على نصب حواجز ونقاط تفتيش حول مدينة الفلوجة واعتقال الرجال والشبان الفارين من المعارك بعد عزلهم عن النساء والأطفال في عائلاتهم.

شاب عراقي يسير على طول شارع مدمر في مدينة الفلوجة في كانون الأول/ديسمبر 2016، بعد ستة أشهر تقريبا من استعادة المدينة من تنظيم داعش. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

شاب عراقي يسير على طول شارع مدمر في مدينة الفلوجة في كانون الأول/ديسمبر 2016، بعد ستة أشهر تقريبا من استعادة المدينة من تنظيم داعش. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يلتقي أسر المغيبين قسرا يوم 29 آب/أغسطس، ويستمع لمطالبهم. [المكتب الإعلامي للكاظمي]

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يلتقي أسر المغيبين قسرا يوم 29 آب/أغسطس، ويستمع لمطالبهم. [المكتب الإعلامي للكاظمي]

وتشير بعض الإحصاءات إلى أن الميليشيات اعتقلت أكثر من 2400 في بلدات الرزازة والصقلاوية وبزيبز القريبة من الفلوجة، واقتادتهم بعد ذلك إلى جهات مجهولة. ومنذ ذلك الوقت، تلاشى أي أثر لهم.

ويتهم أقارب المغيبين الميليشيات باختطاف أبنائهم والإبقاء على مصيرهم مجهولا.

'ألم لا يحتمل'

وقالت والدة أحد الضحايا للمشارق شريطة عدم الكشف عن هويتها، إنها تعاني منذ فترة طويلة من ألم تغييب ابنها البكر إبراهيم.

وأضافت أن لا أحد يعرف أي أخبار عنه أو ما حدث له منذ اعتقاله من قبل عناصر الميليشيات عند نقطة تفتيش في الرزازة.

وذكرت أنه خلال السنوات اللاحقة، زارت مع أهالي مغيبين عدة مراكز احتجاز وسجون حكومية ومستشفيات، لكنها لم تعثر على ابنها في سجلات النزلاء.

وتابعت "منذ سنوات ونحن نبحث عن أبنائنا دون جدوى".

وأكدت "لا نعلم أين هم، هل ما يزالون أحياء أم توفوا، وإذا كانوا قد ارتكبوا خطأ ما، لماذا لا يتم عرضهم على القضاء ومحاكمتهم؟".

واستدركت أن "بقاء مصير أولادنا مجهولا ألم لا يحتمل".

ولدى إبراهيم زوجة وثلاثة أطفال تعيلهم جدتهم من المعاش المتواضع الذي تتقاضاه من الدولة.

ووجدت أمهات وزوجات كثيرات أخريات أنفسهن يواجهن متاعب الحياة بعد تغييب معيليهم على أيدي الميليشيات.

ولا توجد أرقام رسمية عن مجمل عدد الضحايا، لكن بعض المسؤولين والمنظمات الحقوقية المحلية يقدرون عددهم بأكثر من 12 ألف مغيب، ولا سيما من أهالي محافظتي الأنبار وصلاح الدين ومدينة الموصل.

ووفقا لبعض المصادر، نقلت كتائب حزب الله أعدادا كبيرة من هؤلاء الضحايا إلى مقرات ومنازل مهجورة في بلدة جرف الصخر جنوب بغداد ، تتخذها الميليشيا كمعتقلات سرية للتحقيق معهم.

'على الألم أن يتوقف'

ويرجح محللون احتمال أن يكون قد تم التخلص من بعض هؤلاء الضحايا، أو لقوا حتفهم جراء التعذيب.

بدوره، قال المحلل السياسي غانم العابد إنه "تم اكتشاف مقابر جماعية في مواقع لم تكن تحت سيطرة داعش أو مسرحا للمعارك بل كانت خاضعة أساسا للميليشيات المرتبطة بإيران".

وأضاف "هذا الأمر يعزز الشكوك بأن تكون تلك الجماعات قد أقدمت لاحقا على تصفية عدد من المعتقلين الذين وقعوا في قبضتها".

وفي وقت سابق من العام الماضي، زعم قيادي بارز في الميليشيات يلقب أبو عزرائيل في مقطع فيديو، أنه تلقى رسائل من مواطنين عراقيين سنة للاستفسار عن مصير أبنائهم الذين اختفوا أثناء الحرب ضد داعش.

وأكد قائد ميليشيا الإمام علي "أقول لهم إنه لا وجود لمحتجزين. فقد قتلوهم"، مضيفا أنه في ذلك الوقت "الطائفية أكلت الأخضر واليابس".

وجرى في العامين الماضيين اكتشاف عدة مقابر في أطراف بلدات الصقلاوية وجرف الصخر والمحاويل والاسحاقي.

لكن لا تتوافر معلومات واضحة بعد حول احتمال أن تكون الرفات الموجودة داخلها لعشرات الضحايا، تعود لمغيبين قسريا.

ويعود ذلك إلى تطويق مواقع المقابر من قبل الميليشيات.

وأكد العابد للمشارق على "ضرورة الكشف السريع عن مصير جميع المغيبين وإنهاء معاناة ذويهم المتواصلة منذ سنوات".

المطالبة بالمساءلة

وتتعالى الأصوات في العراق لمحاسبة الميليشيات، وعلى رأسها كتائب حزب الله، التي تُتهم أيضا بتغييب نحو 75 ناشطا مدنيا وإعلاميا، اختفى معظمهم بعد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وأطلق ناشطون يوم 30 آب/ أغسطس حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم "أين هم؟" للمطالبة بمعرفة مصير جميع المغيبين.

وأرفقوا صورا لأبناء مغيبين وهم يحملون صورا لآبائهم.

وغرد وائل الطائي على تويتر قائلا "هؤلاء أطفال فقدوا آباءهم عندما كانت أعمارهم أشهر قليلة، والآن بعد 6 سنوات ما يزالوا يأملون في رؤيتهم".

وغرد علي المحمود على تويتر أيضا قائلا، "في اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، نجدد المطالبة بالكشف عن مصير أبنائنا المغيبين (...) فحالة أهلهم يرثى لها".

هذا وتولي الحكومة اهتماما كبيرا بالقضية، وقد سبق أن وجّهت وزارة الداخلية باستخدام كل إمكاناتها لمتابعة مصير المغيبين، واصفة ذلك بأنه "التزام قانوني".

لكنها بالمقابل أكدت مرارا وتكرارا على الحاجة لجهود ووقت طويل ليتم التحقق الدقيق من جميع حالات الاختفاء القسري والكشف عن مصير الضحايا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500