على مدى السنوات الثلاث الماضية، عمل مشروع ممول من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالتعاون مع المنظمات الشريكة في العراق لإعادة بناء المناطق التي دمرها الإرهاب واستعادة مصادر الرزق.

وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد قتل آلاف المدنيين وتسبب في نزوح آلاف الآخرين عندما اجتاح مساحات شاسعة من العراق عام 2014، وترك وراءه بعد دحره عام 2017 مدنا مدمرة واقتصادا منهارا.

وفي أواخر عام 2018، تم إطلاق مبادرة مبادرة صمود المجتمع العراقي (تعافي)/الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإعادة الحياة إلى المدن المحررة من داعش.

ومنذ ذلك الحين، وفرت المبادرة فرص عمل وساعدت في إعادة بناء الخدمات الأساسية وتنظيم الأنشطة والفعاليات التي تؤسس للتعاون السلمي بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

وأنجزت المبادرة بالتعاون مع 177 شريكا محليا، 387 نشاطا ومشروعا تنمويا تركز على دعم الأشخاص المهمشين والذين فقدوا مصادر رزقهم أثناء معارك طرد داعش.

وكجزء من مرحلة المبادرة الثانية التي انطلقت بداية العام 2022، يتم تنفيذ 34 نشاطا بالتعاون مع 28 منظمة عراقية.

وشملت الأنشطة الأخيرة تجهيز 5 مصانع في بلدة بعشيقة بالقرب من الموصل بمعدات متخصصة لزيادة إنتاجها من زيت السمسم الذي يعد إحدى الصناعات المحلية الرئيسة في محافظة نينوى، وذلك بعد تعرضها للدمار في ظل حكم داعش.

وزودت مبادرة تعافي أيضا بلديات الموصل وسنجار والقيروان ووانا والرمانة بـ 23 شاحنة قمامة تحمل رسومات تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الأماكن العامة.

ʼنزرعها 4 فصولʻ

وتشمل المشاريع السابقة مشروع "نزرعها 4 فصول" الذي أتاح فرص عمل وعائدات إضافية للمزارعين في منطقة الموصل.

وقال مدير البرامج في جمعية دجلة الزراعية محمد الجمّال للمشارق، إن هذا المشروع "واحد من المشاريع المهمة التي مولتها وأشرفت عليها الوكالة الأميركية للتنمية خلال العام الماضي عبر برنامج تعافي".

ولأن الجمعية هي من الشركاء الاستراتيجيين في تنفيذ المبادرة، أخذت على عاتقها الاستحصال على الموافقات الرسمية واختيار المستفيدين وتدريبهم ومتابعة أعمالهم.

وأوضح الجمّال أن المشروع جهز المزارعين بالبيوت البلاستيكية لتمكينهم من زراعة الخضروات وغيرها من المنتجات على مدار العام، وليس فقط في مواسم معينة.

وتابع أن التجهيزات والخدمات المقدمة للمزارعين "تشمل أيضا الأسمدة والبذور وشبكات الإرواء الحديثة ومعدات الاستنبات"، إضافة إلى المساهمة في حفر آبار المياه ونصب الألواح الشمسية لتوفير الطاقة.

ولفت الجمّال إلى أن المشروع استهدف المزارعين العائدين لحقولهم في الموصل وأطرافها ممن هجرهم تنظيم داعش ودمر أراضيهم ومعداتهم الزراعية.

وأردف أن المزارعين خضعوا لبرنامج تدريبي نظري وعملي امتد على 10 أيام حول كيفية صيانة مشاريعهم وزيادة المنتوج الزراعي وعمليات التسويق.

وشدد الجمّال على أن الجمعية تواصل متابعة المشاريع المنجزة بصورة أسبوعية لضمان استمرار نجاحها.

وقال إن "برنامج تعافي ساهم في زيادة عائدات المزارعين الذين يعملون اليوم طوال السنة ويبيعون محصولاتهم في غير مواسمها ويجنون أرباحا بسبب ذلك".

تأثير اجتماعي إيجابي

وبدوره، ذكر المستشار الزراعي لجمعية دجلة علي يعرب، أن الشراكة مع برنامج تعافي "حققت نتائج مرضية".

وأوضح أن البرنامج "كان له انعكاسات إيجابية باتجاه تحفيز السكان على تخطي آثار الإرهاب وبناء السلام في مناطقهم".

وأشار الى أنه "جرى ضمن المشاريع الزراعية تجهيز 30 بيتا بلاستيكيا لمزارعين في مناطق الرشيدية وحاوي الجوسق والفرقان في مدينة الموصل، وعدد مماثل في أطراف بلدة سنجار".

ويأتي هذا الإنجاز ليضاف إلى توفير منظومات ري ومولدات كهرباء ديزل وألواح للطاقة الشمسية وتجهيزات مختلفة لمساعدة المزيد من الفلاحين على استصلاح أراضيهم وزيادة الإنتاج وإعادة تأهيل عشرات الآبار، حسبما أضاف.

وتستعمل مياه الآبار لري المحاصيل وفي مشاريع تربية الحيوانات.

وأكد يعرب أن مشاريع برنامج تعافي شملت أيضا "دعم المجتمعات الزراعية ذات التنوع الأثني في منطقة سهل نينوى لتعزيز الثقة والاندماج المجتمعي بين كافة المكونات العرقية".

ومن هذه المشاريع، مشروع نفذ بالشراكة مع جمعية المحافظة على حقوق الكاكائيين لتقديم الدعم والدورات التعليمية في طرق الزراعة والري الحديثة.

ويشارك برنامج تعافي وشركاء محليون آخرون في جهود مشتركة لإنعاش الاقتصاد الزراعي والخدمات وترسيخ الاستقرار في البلدات الأخرى المحررة من داعش.

ومن هذه الجهود تجهيز المزارعين ومربي الماشية من الرجال والنساء في مناطق عنه وحديثة والرطبة غربي محافظة الأنبار بفسائل الأشجار المثمرة وتجهيزات الزراعة المنزلية ومنظومات السقي بالتنقيط.

وكشف أن "عدد المستفيدين بلغ 260 مزارعا وفي النية استهداف أكثر من 800 مزارع".

إلى هذا، دعم برنامج تعافي 139 امرأة مزارعة في بلدة الرمانة بالأنبار ببيوت بلاستيكية لتعزيز دور النساء العراقيات في خدمة مجتمعهن وزيادة الإنتاج الزراعي.