دكار، السنغال -- قالت منظمة هيومان رايتس ووتش يوم الثلاثاء، 5 نيسان/أبريل، إن القوات المالية وعناصر من مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر أعدموا نحو 300 مدني في أواخر شهر آذار/مارس.

وأشارت المنظمة الحقوقية في تقرير إلى أن المذبحة المزعومة التي ارتكبت على مدار أربعة أيام في بلدة مورا تشكل جريمة حرب.

وقال عدة شهود للمنظمة إن جنودا ماليين ومقاتلين أجانب بيض وصلوا إلى البلدة على متن مروحيات يوم 27 آذار/مارس وتبادلوا إطلاق النيران مع نحو 30 مقاتلا إسلاميا. وحاول بعض المتطرفين بعد ذلك التخفي بين السكان المحليين.

إلا أنه على مدار الأيام التالية، زُعم أن المقاتلين الماليين والأجانب اعتقلوا المدنيين وأعدموهم في مجموعات صغيرة.

وتقدر المنظمة أن نحو 300 شخص أعدموا، وأن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا من عرق الفولاني.

وأوضح التقرير أن "هذا هو أسوأ حادث فردي يتم الإبلاغ عنه في الصراع المسلح بمالي الدائر منذ عقود".

ونظرا لتزايد الشهادات التي تناقلتها الصحافة، أصدر الجيش بيانا جديدا في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، رفض فيه "المزاعم التي ليس لها أساس من الصحة" ووصفها بإنها تهدف إلى "تشويه صورة" القوات المسلحة.

هذا وأعبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وفرنسا، التي كانت تستعمر مالي في الماضي، عن قلقهم حيال احتمال حصول عملية قتل المدنيين في مورا.

وحدد عدة شهود عيان ومصادر أخرى هوية هؤلاء الجنود الأجانب لمنظمة هيومان رايتس ووتش على أنهم روس.

وكانت روسيا قد أرسلت إلى مالي،البلد فقير الذي يقاتل حركة تمرد منذ العام 2012، من وصفتهم رسميا بأنهم مدربون عسكريون.

إلا أن الولايات المتحدة وفرنسا ودولا أخرى تقول إن المدربين هم عملاء من شركة الأمن الخاص الروسية فاغنر.

وفي أواخر آذار/مارس، تلقت الحكومة المالية رسميا مروحيتين وأجهزة رادار ومعدات أخرى جلبتها طائرة نقل روسية إلى قاعدة جوية في مطار بماكو.

وتضاف هذه المعدات إلى أربع مروحيات على الأقل وأسلحة قدمتها روسيا في إطار علاقات أوثق أرسى أسسها ضباط متمردون استولوا على السلطة في عام 2020.

خط أنابيب مرتزقة

وكانت مالي من ضمن 35 بلدا امتنعت عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر آذار/مارس للقرار الذي دان غزو روسيا لأوكرانيا بأغلبية ساحقة، وطالب الكرملين بإيقاف عملياته فورا.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية أواخر شهر آذار/مارس، أن مجموعة فاغنر الروسية نشرت مرتزقتها في شرق أوكرانيا، مضيفة أنه من المحتمل أن يقاتل أكثر من 1000 مسلح في أوكرانيا عقب النكسات التي تعرضت لها روسيا.

وأوضحت الوزارة أنه "جراء الخسائر الفادحة والغزو المتعثر بصورة كبيرة، من المرجح أن تضطر روسيا إلى إعطاء الأولوية لأوكرانيا في إرسال عناصر فاغنر وذلك على حساب عملياتها الأخرى في أفريقيا وسوريا".

وقال مراقبون إن الكرملين كثف من عمليات تجنيد التي الشباب السوري في صفوف فاغنر لاستخدامهم كوقود في هجومه على أوكرانيا.

وأضافوا أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تقليل الخطر الذي يتعرض له الجنود الروس وخفض عدد الخسائر البشرية الروسية، وذلك لمنع حدوث اضطرابات في الداخل الروسي.

وكان مرتزقة فاغنر قد نشروا بداية في أوكرانيا عام 2014، حين قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم. ومنذ ذلك الحين، عمدت روسيا على تأجيج صراع انفصالي ملتهب في شرق البلاد أسفر عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص.

وفي السنوات اللاحقة، شارك مرتزقة فاغنر في صراعات حول العالم، بما في ذلك سوريا وموزمبيق والسودان وفنزويلا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومالي.

ووصفت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي للأبحاث مجموعة فاغنر بأنها "أحد أسوأ أسرار موسكو الدفينة".

وقالت إن للمجموعة هدفين رئيسين: "إعطاء الكرملين وسيلة للإفادة من سياسة الإنكار عند نشر المقاتلين في مناطق الحرب"، و"توفير قدرة جاهزة لبناء النفوذ في الدول المضيفة".

ويُعتقد أن رجل الأعمال الروسي يفيجيني بريغوزين، وهو حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو الذي يمول مجموعة فاغنر.

ومول بريغوزين أيضا إنتاج عدة أفلام تحاول أن تصور مرتزقة فاغنر على أنهم "أبطال".

وصُور آخر فيلم، وهو "غرانيت"، في جمهورية أفريقيا الوسطى، لكن الأحداث تدور في موزمبيق حيث ساعد "مدربو" فاغنر الجيش الموزمبيقي في القتال ضد المتمردين الإسلاميين في عام 2019.

وهو يأتي بعد عدة أشهر من فيلم "السائح"، الذي يروي تفاصيل استعادة قوات جمهورية إفريقيا الوسطى وحلفائها الروس لأراض يسيطر عليها المتمردون.