أخبار العراق
أمن

حظر كلي على مدينة الحسكة السورية لمنع هروب عناصر داعش

فريق عمل ديارنا ووكالة الصحافة الفرنسية

سوريون يفرون من منازلهم في حي غويران في الحسكة يوم 22 كانون الثاني/يناير، في ظل محاربة القوات الكردية داعش بعد مهاجمتها سجنا يضم متطرفين في المنطقة. [وكالة الصحافة الفرنسية]

سوريون يفرون من منازلهم في حي غويران في الحسكة يوم 22 كانون الثاني/يناير، في ظل محاربة القوات الكردية داعش بعد مهاجمتها سجنا يضم متطرفين في المنطقة. [وكالة الصحافة الفرنسية]

فرضت الإدارة الكردية "الحظر الكلي" على مدينة الحسكة شمال شرق سوريا اعتباراً من يوم الاثنين، 24 كانون الثاني/يناير، لمحاصرة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذين هاجموا سجناء في اعتداء خلّفت المعارك التي أعقبته أكثر من 150 قتيلا.

وتأتي هذه الخطوة مع استمرار القتال لليوم الخامس على التوالي بعد الهجوم الذي نفذ يوم الخميس على سجن غويران، مع اتهام قوات سوريا الديموقراطية داعش باستخدام مئات القاصرين كـ "دروع بشرية" داخل المرفق.

وطالبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بحماية نحو 850 قاصرا محتجزا داخل السجن، بعضهم لا يتجاوز عمرهم 12 عاما، محذرة من أنهم قد "يتعرضون للأذى أو للتجنيد القسري" من قبل داعش.

وقالت قوات سوريا الديموقراطية إن تقدمها داخل السجن واجه عراقيل أبرزها استخدام عناصر داعش المتحصنين في عنبر للنوم مئات القاصرين كـ "دروع بشرية".

صورة التقطت في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019 لرجال يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش وهم داخل زنزانة في سجن سيناء بحي غويران في مدينة الحسكة شمالي شرقي سوريا. [فاضل سنا/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة التقطت في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019 لرجال يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش وهم داخل زنزانة في سجن سيناء بحي غويران في مدينة الحسكة شمالي شرقي سوريا. [فاضل سنا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وكان أكثر من مائة عنصر من مقاتلي داعش قد اقتحموا سجن غويران في ساعة متأخرة من مساء الخميس مستخدمين شاحنات مفخخة وأسلحة ثقيلة، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات استمرت أياما داخل المنشأة وفي الأحياء المجاورة لها.

وخمد القتال مساء الأحد مع تعزيز قوات سوريا الديموقراطية سيطرتها على المناطق المحيطة بالسجن وإعلانها إقفال المدينة بأكملها مدة أسبوع.

وقالت الإدارة "لمنع عناصر الخلايا الإرهابية من الهروب... تعلن الإدارة الكردية في شمالي شرقي سوريا الحظر الكلي على المناطق داخل وخارج مدينة الحسكة مدة 7 أيام".

وفي أجزاء أخرى من شمال شرق سوريا الخاضعة للإدارة الكردية، فُرض حظر تجول ليلي اعتبارا من الساعة 6 مساء وحتى الساعة 6 صباحا على أن يدخل حيز التنفيذ يوم الاثنين.

وصدرت أوامر بإغلاق المحلات التجارية في الحسكة، باستثناء مرافق الخدمات الأساسية كالمراكز الطبية والمخابز ومراكز توزيع المحروقات.

وتحصن أهالي المدينة يوم الاثنين في منازلهم، في وقت كان فيه المقاتلون الأكراد المدعومون من التحالف الدولي يمشطون المنطقة بحثا عن متطرفين مختبئين.

وأقامت قوات سوريا الديموقراطية عدة حواجز عند مداخل الحسكة، وشددت الإجراءات الأمنية في الأحياء المجاورة للسجن.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الإثنين، إن قوات سوريا الديموقراطية نقلت عربات مصفحة إلى داخل ساحة السجن الرئيسة تحسبا لمحاولة محتملة لاقتحام المرفق.

وأضاف أن مقاتلي داعش تحصنوا في مبنى على الجانب الشمالي من السجن بعد أن "استسلم عشرات الجهاديين للقوات الكردية" خلال الساعات الأخيرة.

ورفع المرصد حصيلة القتلى جراء الاشتباكات المندلعة منذ الخميس إلى 154 قتيلا، بينهم مائة وعنصرين من داعش و45 مقاتلا كرديا و7 مدنيين.

من جهته، كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن "ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم" في مدينة الحسكة منذ الهجوم على السجن.

داعش ضعيفة، ولكنها ما تزال تشكل تهديدا

وقال التحالف الدولي إنه تتبّع الوضع في الوقت الحقيقي للأحداث ونفذ سلسلة من الضربات خلال العملية التي استمرت أياما، شملت استهدافا دقيقا لمقاتلي داعش الذين كانوا يهاجمون قوات سوريا الديموقراطية من المباني في المنطقة.

وأضاف يوم الأحد أن "التحالف يحتفظ بالحق في الدفاع عن نفسه وعن القوات الشريكة ضد أي تهديد، وسيواصل بذل كل ما في وسعه لحماية تلك القوات".

وأكد أن الهجوم على سجن غويران سيضعف التنظيم لأنه تكبد خسائر فادحة.

وتابع التحالف "في حين أن تنظيم داعش ما يزال يشكل تهديدا، من الواضح أنه لم يعد بالقوة التي كان عليها سابقا".

من جهته، قال قائد قوة المهام المشتركة في عملية العزم الصلب اللواء جون برينان، "في محاولته اليائسة لإثبات نفسه، أصدر تنظيم داعش حكما بالإعدام على العديد من عناصره ممن شاركوا في هذا الهجوم".

بدوره، رأى المؤرخ والخبير في الشؤون السورية بيتر فان أوستاين، أن من تبقوا من مقاتلي داعش على قيد الحياة "سيختفون على الأرجح من جديد في الصحراء" بعد هذا الهجوم.

وتابع "لا أرى أي تهديد فوري من قبلهم باجتياح مساحات واسعة من الأراضي مرة أخرى".

ولكن حذر الخبير في شؤون تنظيم داعش أيمن جواد التميمي، من أنه إذا تمكن عدد كاف من العناصر المتطرفة من اختراق الطوق الأمني لقوات سوريا الديموقراطية، فيمكن لهذا الأمر أن "يعزز قدرات [داعش] على تنفيذ عمليات أكثر تعقيدا وعلى نطاق أوسع".

ومع ذلك أكد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة ذلك بقدرات التنظيم عام 2014، عندما تمكن من اجتياح مساحات شاسعة من الأراضي في مختلف أنحاء سوريا والعراق.

وقال التميمي "ما يزال الطريق أمامه طويلا قبل أن يصل إلى هذا المستوى ويستولي على مساحات شاسعة من الأراضي".

وقدر تقرير للأمم المتحدة العام الماضي أن نحو 10 آلاف مقاتل من داعش ما يزالون ناشطين في جميع أنحاء العراق وسوريا، وعدد كبير منهم موجود في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.

وقالت السلطات الكردية إن نحو 12 ألفا من المشتبه بانتمائهم لداعش ويحملون أكثر من 50 جنسية مختلفة، محتجزون في العديد من سجونها في شمال شرق سوريا.

ويقيم زوجات وأطفال السجناء في مخيمات النزوح المكتظة التي تتحول يوما بعد يوم إلى مرتع للتطرف والتشدد.

إحباط العديد من الهجمات

وفي بيان أعقب هجوم يوم الخميس، أشاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، بقوات سوريا الديموقراطية "لردها السريع والتزامها المتواصل بمحاربة تنظيم داعش في شمال شرق سوريا".

وأضاف "نتقدم بتعازينا الحارة لعائلات الحراس الذين أصيبوا وقتلوا في الهجوم الأول بالقنابل وفي الاشتباكات التي تلته".

وأوضح أن تنظيم داعش يسعى منذ أكثر من عام إلى مهاجمة السجن، مشيرا إلى أن الفضل في منع ذلك يعود لقوات سوريا الديموقراطية وقوات التحالف الدولي التي "تمكنت من إحباط العديد من الهجمات خلال تلك الفترة والحد من شدة الهجوم الأخير الذي وقع".

وشدد على أن الهجوم يسلط الضوء على أهمية وضرورة تأمين التمويل الكامل لمبادرات التحالف الدولي لتحسين الاحتجاز الآمن والإنساني لمقاتلي داعش، وذلك عبر إجراءات عدة من بينها تعزيز أمن مرافق الاحتجاز.

وأضاف "يؤكد ذلك أيضا على الحاجة الملحة للدول الأم لاستعادة مواطنيها المحتجزين في شمال شرق سوريا وإعادة تأهيلهم ودمجهم ومحاكمتهم عند الاقتضاء".

ولفت إلى أنه "في الوقت الذي أضعف فيه التحالف بشدة قدرة داعش على شن هجمات، يواصل التنظيم محاولاته لزعزعة استقرار المنطقة".

وختم قائلا إن "الخسائر التي تكبدها شركاؤنا في هذه الهجمات هي تذكير صارخ بالتحديات الحقيقية التي ما تزال المنطقة تواجهها".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500