القاهرة -- تراجع عدد الهجمات التي نفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسوريا ومصر في العام 2021، ولكن خبراء يحذرون من أن النوايا الخبيثة للتنظيم لا تزال نفسها ولا تزال تشكل خطرا.
وبحسب مرصد الأزهر لمكافحة التطرف فإن تنظيم داعش يستغل التقنيات الجديدة بما في ذلك الطائرات المسيرة، للتخطيط لهجمات جديدة وتنفيذها.
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط كول بونزل في تقرير لمركز ويلسن صدر في 10 كانون الأول/ديسمبر حول وضع داعش في العام 2021، إنه "من حيث أعداد الهجمات والضحايا، هناك تراجع مقارنة بالعام الماضي، ولكن ليس لدرجة توفر ثقة بتغير الأوضاع".
وأشار التقرير إلى أن التنظيم تبنى خلال العام الجاري وحتى اليوم 87 هجوما في العراق مع سقوط 149 ضحية في الشهر، أي أقل من معدل 110 هجمات و207 ضحية في الشهر خلال العام 2020.
وذكر أن "التراجع يعتبر عاملا مشجعا نوعا ما، ولكن لا يزال هناك عدد كبير من الهجمات التي تحصل بشكل متكرر".
وكانت بعض الهجمات أكثر تعقيدا وفتكا من هجمات أخرى، كالعملية الانتحارية التي نفذت في 19 تموز/يوليو في سوق مكتظ ببغداد قبيل عيد الأضحى، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 36 شخصا.
وفي سوريا، تبنى تنظيم داعش خلال العام الجاري ما متوسطه 31 هجوما أسقطت 74 ضحية، مقارنة بـ 45 هجوما و95 ضحية في الشهر خلال العام 2020، بحسب ما جاء في تقرير مركز ويلسن.
أما في مصر حيث ينشط الفصيل التابع للتنظيم والمعروف باسم أنصار بيت المقدس في شبه جزيرة سيناء، فأعلن تنظيم داعش عن مسؤوليته عن معدل 9 هجمات أسقطت 17 ضحية حتى اليوم في سنة 2021، وهو انخفاض مقارنة بـ 16 هجوما و40 ضحية في الشهر في 2020.
استراتيجية ʼالطائرات المسيرةʻ
وحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من استغلال تنظيم داعش للتقنيات الجديدة لتنفيذ عمليات إرهابية وتجنيد عناصر جدد.
ويقوم المرصد بترصد وترجمة وتحليل التقارير الصادرة عن التنظيمات المتطرفة، كما يراقب التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث التي تدقق في الحركات المتطرفة.
وأشار المرصد إلى أن إحدى أدوات داعش الجديدة تتمثل في استخدام الطائرات المسيرة للتخطيط للهجمات وتنفيذها.
وقال إنه "من الضروري مراقبة التقنيات الحديثة عن كثب فيما يتعلق بصناعة الطائرات المسيرة، [من أجل تحديد كيفية] وصولها إلى تلك الجماعات".
وأضاف أنه من الضروري أيضا الضغط على الجماعات الإرهابية من خلال العمليات الأمنية وحملات التوعية، لحماية الضحايا المحتملين ومنعهم من الوقوع في فخ أساليب التجنيد المخادعة.
وفي هذا السياق، قال الشيخ عبد الظاهر شحاتة المحاضر في كلية الشريعة بجامعة الأزهر، إن البيان يأتي "ضمن حرص مؤسسة الأزهر الدائم على نشر التوعية حول مخاطر الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش".
وتابع أن خطر داعش "لا يزال قائما وللأسف لا يزال لديه أتباع تم تسميم أفكارهم وعقولهم ويقومون بعمليات إرهابية لصالح التنظيم".
هجمات الذئاب المنفردة
وبدوره، قال المحلل الاستراتيجي والمتخصص بالجماعات الإرهابية يحيى محمد علي إن "الحرب على تنظيم داعش لم تنته بعد".
وأوضح أن "مواجهته في الوقت الحالي قد تكون أصعب من المواجهات السابقة التي حصلت في سوريا والعراق، على اعتبار أنه لم يعد له مراكز فعلية على الأرض وبات يتكل بشكل تام على العمليات التي تنفذها الذئاب المنفردة".
ولفت إلى أن نوع الهجمات قد يختلف من منطقة إلى أخرى.
ففي سوريا والعراق وبعض الدول الأفريقية، قد يستخدم التنظيم الطائرات المسيرة المتوفرة لأغراض تجارية لتحويلها إلى سلاح، أو قد يستخدم العبوات الناسفة.
وقال محمد علي إن الهجمات قد تنفذ من قبل خلايا صغيرة تتألف من عنصرين أو ثلاثة.
وأكد أن العمل الاستخباراتي مهم في الوقت الحالي لمواجهة استراتيجية داعش الجديدة، مضيفا أنه يجب أن يترافق الأمر مع جهود لزيادة الوعي من أجل دفع الناس لإبلاغ السلطات الأمنية بأي نشاط مشبوه.
نشر الوعي
وفي الإطار نفسه، ذكر عبد النبي بكار الأستاذ المحاضر بكلية الشريعة في جامعة الأزهر، أن تنظيم داعش بات يعي بأنه "غير قادر على تحقيق أية نتائج عسكرية على الأرض، وبالتالي فإن عملياته ستكون محدودة وإنما مركزة".
وتابع أنه سيسعى من خلال الهجمات المستقبلية إلى نشر الذعر وزعزعة الأمن في محاولة لخلق حالة من عدم الاستقرار، ولا سيما في الشرق الأوسط وأوروبا وبعض الدول الأفريقية.
وأشار إلى أنه بالتالي "يعد استمرار مؤسسات الأزهر بنهجها المتمثل بمكافحة الإرهاب أمرا هاما جدا، خصوصا وأنه يتزامن مع حرب عالمية على الإرهاب".
وأكد أن "الأزهر له مكانة مهمة على الصعيد المجتمعي في مصر والعالم وما ينشره... يلقى رواجا كبيرا وإقبالا من قبل قواعد شعبية واسعة جدا".
وقال بكار إن الحرب الفكرية التي يشنها الأزهر بكل موارده وقدراته لمواجهة الأفكار والفتاوى المتطرفة بدأت تؤتي ثمارها.
وأضاف أنه عبر التنبه لهذه المسائل، "يزيد [الأزهر] من نشر الوعي ضد هذه الجماعات وخصوصا تنظيم داعش، ويتلاقى مع الجهود المصرية والإقليمية والدولية لمواجهة التطرف والإرهاب".