قال محللون إن تدخل إيران الإقليمي في العراق وسوريا ولبنان واليمن عبر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معه، يؤجج التوترات في تلك البلدان ويغذي الاضطرابات الداخلية في إيران نفسها.
ويتبع فيلق القدس للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مباشرة، وهو مسؤول عن العمليات الخارجية والإشراف على قوات الميليشيات الوكيلة في المنطقة لتكوين درع دفاعي ضد ردود الأفعال على سياسات إيران التوسعية العدوانية.
وقال محلل الاستخبارات المقيم في إيران ساسان تمغا للمشارق، إن "إيران تتبع سياساتها الإقليمية التوسعية وتفرضها عبر تعيين قادة الحرس الثوري في مناصب دبلوماسية في المناطق الخاضعة لتدخلها وجميعها مناصب حساسة".
وأضاف أن "العتاد العسكري يرسل إلى كل المناطق التي يتم فيها نشر من يسمون بالدبلوماسيين"، مشيرا إلى أن قيام فيلق القدس لاحقا بتجنيد وتدريب المرتزقة من مختلف البلدان أدى إلى تعقيد الوضع أكثر.
في اليمن على سبيل المثال، يوجه السفير الإيراني في صنعاء حسن إيرلو، وهو جنرال من الحرس الثوري، العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة للحوثيين ، بما في ذلك هجوم الميليشيا المتواصل على مدينة مأرب.
وينتهك هذا الأمر سيادة اليمن ويقوض جهود إحلال السلام فيه.
وفي سوريا، أنشأ فيلق القدس قواعد عسكرية ومخازن أسلحة بالقرب من المناطق السكنية ومخيمات النازحين، ما يعرض المدنيين لخطر الغارات الجوية الانتقامية التي تستهدف القوات الموالية لإيران.
وفي العراق، تعرض مدنيون للقتل أو الإصابة حين أطلقت الميليشيات المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني قذائف صاروخية أو طائرات مسيرة مفخخة أمدتها إيران على أهداف للتحالف الدولي.
وبالنسبة للبنان، قامت إيران بشحن النفط إلى البلد الذي يعاني من أزمة وقود في انتهاك للعقوبات ، موسعة بذلك الهوة بين الذين يدعمون وكيل إيران في البلد، أي حزب الله، والذين يحملون الحزب القوي مسؤولية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخانقة التي يمر بها.
وبحسب البنك الدولي، يعيش لبنان اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية التي حلت في أي مكان بالعالم ربما منذ القرن التاسع عشر.
وكنتيجة مباشرة للعدوان الذي ترعاه إيران، "أشارت تقارير عدة إلى مطالبة سوريين بطرد قوات حزب الله التي يدعمها الحرس الثوري من درعا وأماكن أخرى"، بحسب تمغا.
بدوره، قال المتخصص في العلاقات الإيرانية العربية عبد الله كوبالي، إن تدخل إيران في العالم العربي قد وحد البلاد العربية ضدها.
وأضاف أن "أي قوة تتمتع بها إيران ليست نتيجة لقدرات اقتصادية أو علمية أو تقنية أو ثقافية، بل نتيجة لتدخلها في المناطق المنكوبة بالأزمات والبلدان التي ذات الحكومات الضعيفة وخلقها اضطرابات فيها".
الشعب الإيراني يدفع الثمن
هذا وتأتي الطموحات الإقليمية للجمهورية الإسلامية على حساب الشعب الإيراني الذي عانى معاناة شديدة أثناء الأزمة الاقتصادية المتواصلة، وذلك بسبب تحويل القليل المتوفر من المال العام إلى الحرس الثوري بدلا من استخدامه لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب.
وتسبب ذلك بتأجيج عدم الاستقرار والمعارضة الداخلية، مع خروج تظاهرات متواصلة في الكثير من المدن الإيرانية بسبب الفقر والبطالة والإعانات والرواتب غير المدفوعة والجفاف الشديد ونقص مياه الشرب.
وتابع كوبالي أن تأثير أنشطة إيران التدميرية عبر المنطقة "ظاهر للعيان في البلد".
وأوضح أن نفقات النظام قد أدت إلى فقر داخلي واسع النطاق، مشيرا إلى أن "ما يفعله النظام في المنطقة يرتد على البلد مثلما ترتد لعبة البوميرانغ الخشبية".
وذكر أن آلاف الصواريخ والأسلحة التي يشتريها الحرس الثوري أو يصنعها كما تجنيد المرتزقة الأجانب للقيام بـ "عمليات ميدانية"، يكلف مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الإيرانيين.
واستدرك كوبالي أن الأنشطة التدميرية التي يقوم بها النظام الإيراني في المنطقة أدت إلى انتشار الفقر داخل إيران نفسها، والفقر أدى بدوره إلى تأجيج دائرة العنف.
فيما قال تمغا إن "المال الذي كان ينبغي إنفاقه على خلق الوظائف وتطوير وتحسين الوضع الاقتصادي للفقراء في إيران، تم إنفاقه بدلا من ذلك على خلق الفوضى في المنطقة".
وقال مراقبون إنه طالما أن النظام الإيراني ينفق ثروة البلاد وشعبها على مغامرات إقليمية مكلفة، لا توجد إمكانية لتحقيق السلام والأمن، لا داخل إيران ولا في المنطقة.