أخبار العراق
إقتصاد

العراقيون يتساءلون عن ثمن الاستثمارات الاقتصادية الصينية

فارس العمران

صورة من الأرشيف التقطت في 3 شباط/فبراير 2009، تظهر مهندسا يمشي في حقل البرجسية النفطي في حقل زبير 1 جنوبي غربي البصرة في العراق. [عصام السوداني/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة من الأرشيف التقطت في 3 شباط/فبراير 2009، تظهر مهندسا يمشي في حقل البرجسية النفطي في حقل زبير 1 جنوبي غربي البصرة في العراق. [عصام السوداني/وكالة الصحافة الفرنسية]

تدفع الفصائل والسياسيون الموالون لإيران في العراق باتجاه منح الصين، التي تعد حليفا استراتيجيا للنظام الإيراني، الأولوية في سوق البناء والإعمار العراقية.

ولكن محللين قالوا إن طموحاتهم لا تزال تواجه معارضة في العراق من قبل من يعتقدون أن علاقات وطيدة مع الصين لن تخدم إلا النظام الإيراني الذي يسعى إلى تعزيز مصالحه الخاصة على حساب الاقتصاد العراقي.

وتطالب الميليشيات الموالية لإيران مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، على وسائل الإعلام التابعة لها بتفعيل الاتفاقية العراقية الصينية التي أبرمت في 23 أيلول/سبتمبر 2019.

ولم يتم تفعيل الاتفاقية الممتدة على 20 سنة بسبب الاعتراضات التي أثارتها آنذاك والسجال الحاد المتواصل بشأن تفاصيل بنودها.

صورة لوزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف إلى جانب نظيره الصيني وانغ يي في 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في منطقة تنغتشونغ بالصين. [وسائل الإعلام الصينية الرسمية]

صورة لوزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف إلى جانب نظيره الصيني وانغ يي في 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في منطقة تنغتشونغ بالصين. [وسائل الإعلام الصينية الرسمية]

تسعى حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يظهر في هذه الصورة التي التقطت في 27 تشرين الأول/أكتوبر، إلى الانفتاح على الدول الإقليمية والدولية على أساس المصلحة المشتركة. [المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة العراقية]

تسعى حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يظهر في هذه الصورة التي التقطت في 27 تشرين الأول/أكتوبر، إلى الانفتاح على الدول الإقليمية والدولية على أساس المصلحة المشتركة. [المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة العراقية]

وتستند الاتفاقية إلى فكرة أن الصين ستوفر قرضا بقيمة 10 مليارات دولار، على أن يتم تسديده بشكل تدريجي من عائدات بيع النفط العراقي للصين. وسيستخدم القرض لتمويل مشاريع كبرى للبنية التحتية في العراق.

وقال من اعترض على الاتفاقية أنها سترهن النفط العراقي بيد الصين لفترة طويلة من الزمن وأنها ستغرق العراق في ديون صينية.

وعبّروا عن مخاوفهم من محاولة الميليشيات الموالية لإيران لاستغلال نفوذها لمنح الشركات الإيرانية عقود تشغيل ثانوية في المشاريع الصينية.

وقال السفير الصيني إلى بغداد زانغ تاو في تموز/يوليو 2019 إن قيمة الاستثمارات الصينية في العراق بلغت 20 مليارات دولار، خاصة في قطاع الطاقة.

مصالح العراق هي الأساس

وفي هذا السياق، قال غازي فيصل حسين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية إن المخاوف تتعلق بكل المشاريع أو العقود المستقبلية مع الصين، علما أن كثيرين يعتقدون أنها "لن تخدم سوى مصالح إيران وحلفائها".

وأضاف أنه في مطلع هذا العام، جمّد العراق صفقة تمنحه نحو ملياري دولار من الصين، مقابل تزويدها (منذ تموز/يوليو 2021 وحتى حزيران/يونيو 2022) بنحو 48 مليون برميل من النفط الخام.

وذكر حسين أن امتناع العراق عن إسناد مشروع ميناء الفاو في البصرة للصين شكل أيضا ضربة لمساعي الصين ومساعي الفصائل الموالية لإيران.

واختار العراق في نيسان/أبريل 2021 شركة دايو الكورية الجنوبية لتنفيذ مشروع الميناء الضخم بعد استبعاد المنافس الصيني.

وقال حسين إن "مقتضيات المصلحة الوطنية هي الفيصل بالأخير. هذا ما تبحث عنه الحكومة اليوم، وليس عقد الشراكات لحساب الصين أو إيران أو أية دولة ما".

وتابع أنه "لا ينبغي تفسير المواقف من الاستثمارات الصينية بأنه عداء. فالعراق يريد علاقات واتفاقات لكن يجب ألا تؤدي إلى تحويله لمستعمرة إيرانية ورهن ثروات العراقيين بيد الصين أو غيرها".

الاتفاقية الإيرانية-الصينية

وأشار حسين إلى أن نظام إيران "باع ثروة الشعب من النفط للصين" في إطار صفقة أبرمت عام 2019 بقيمة 400 مليار دولار لتمكين الصين من تطوير وتنفيذ مشاريع في قطاعات عدة، وهو يريد القيام بالأمر نفسه في العراق من خلال وكلائه.

وأوضح أن المفارقة في التحالف الإيراني مع الصين هو أن طهران تتجاهل واقع أن الصين لها "سجل هائل من الانتهاكات العنيفة ضد حقوق المسلمين".

وقد جرى توثيق دقيق لمعاملة الحكومة الصينية الوحشية لشعب الأيغور، وهي أقلية عرقية مقيمة في منطقة شينغيانغ، وقد دمرت الحكومة عشرات المواقع الدينية الإسلامية بما في ذلك ضريح الإمام عاصم.

ولكن حكومة الجمهورية الإسلامية اختارت تجاهل ذلك، ووقعت اتفاقية على مدة 25 عاما لتوفير النفط الإيراني بصورة فعالة.

وبدوره، اعتبر المحلل السياسي غانم العابد أن إيران تتقرب من الصين كونها تريد إنقاذ اقتصادها من تبعات العقوبات الدولية.

وتريد كذلك توطيد تحالفاتها مع الصين وروسيا ومع كوريا الشمالية، لتشكيل "معسكر عالمي" لمواجهة الضغوطات الغربية.

وقال العابد إنه في هذه الأثناء، تسعى بكين للتمدد في مختلف المناطق بمساعدة حلفائها.

واعتبر أن هدف الصين العام قد يكون أكبر من مجرد "الهيمنة الاقتصادية" على العالم، لافتا إلى أنه من الممكن أنها تسعى لإنشاء "نفوذ عسكري" تحت ذريعة حماية استثماراتها.

العراق يسعى إلى علاقات متوازنة

وأكد العابد أن وكلاء إيران في العراق يدفعون لإعطاء الصين الأولوية في الاستثمارات العملاقة في بلدهم، لكن طموحاتهم تتعثر دائما ويصابون بالخيبة.

وتابع أن الحقيقة هي أن هكذا استثمارات ستكون مجرد "طوق نجاة" للاقتصاد وللنظام الإيراني الآيل للانهيار على حساب ثروات العراق ومستقبل أبنائه.

وأشار إلى أن الميليشيات تريد أن ينفتح العراق على المحور الإيراني-الصيني-الروسي.

ونوّه بأن الحكومة العراقية تقاوم بنجاح إرادة تلك الميليشيات من خلال إقامة علاقات تعاون متوازنة مع كل دول العالم على أساس المصالح المشتركة.

وأشاد بتوجه العراق الأخير لإشراك دول المنطقة كالأردن ومصر والسعودية في جهود إعادة إعمار بنيته التحتية عبر مجموعة واسعة من الاستثمارات.

ويوم السبت، 28 آب/أغسطس، استضاف العراق قمة لزعماء المنطقة هدفت إلى إعطاء بغداد "دورا موحّدا" لمواجهة الأزمات التي تعصف بالمنطقة.

وجمعت القمة بين زعماء الأردن ومصر وقطر والإمارات والكويت وتركيا والعراق وإيران والسعودية وفرنسا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500