قال مسؤولون عراقيون إنهم فرضوا تدابير أمنية مشددة لحماية منظومة الكهرباء في البلاد بعد سلسلة هجمات طالت خطوط توزيع الطاقة.
وأشارت وزارة الكهرباء إلى أن ما لا يقل عن 18 خطا ناقلا للكهرباء تقع عند أطراف بغداد ومحافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى والأنبار، تضررت نتيجة أعمال إرهابية خلال الفترة الممتدة بين 1 و10 آب/أغسطس الجاري.
وتركزت الهجمات بصورة رئيسية على خطوط التوتر العالي، إذ جرى تفجير عشرات الأبراج الناقلة للطاقة.
واتهمت السلطات فلول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باستخدام عبوات ناسفة لإخراج شبكات لنقل الكهرباء من الخدمة وتعطيل إمدادات التيار الكهربائي.
وقال مدير إعلام وزارة الكهرباء أحمد موسى للمشارق في إشارة إلى انقطاع الكهرباء في البلاد خلال موسم الصيف، "إنها بلا شك حرب ممنهجة على قطاع الطاقة للتأثير على جهود الوزارة الرامية للتخفيف من أزمة نقص الكهرباء وزيادة ساعات التجهيز".
وأضاف "وصلنا أخيرا لكمية إنتاج غير مسبوقة بلغت أكثر من 20 ألف ميغاواط، لكن العصابات الإرهابية تحاول إعاقة جهودنا وخططنا".
وتابع أن "الهجمات الجديدة ليست الأولى... هدفهم فصل منظومة الكهرباء بين المحافظات والإضرار بمحطات التوليد لزيادة ساعات انقطاع التيار وإرهاق الناس".
وأكد أن الإرهابيين يسعون "لاستنزاف الموارد الوطنية وتعطيل الخدمات العامة الأخرى كمحطات تجهيز الماء الصافي والصرف الصحي والمستشفيات ومجمل المشاريع المرتبطة بحياة السكان".
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن هجوما شن يوم الجمعة، 13 آب/أغسطس، على برج كهرباء يغذي محطة ضخ في الطارمية شمالي العاصمة بغداد، مما أدى إلى فصل الكرخ عن شبكة المياه بالمدينة. يُذكر أن الكرخ تضم الملايين من السكان.
ونوّه موسى إلى أن وزارته تواصل العمل على مدار الساعة لإصلاح الأبراج والخطوط المتضررة وإرجاع الخدمة بوقت قياسي.
وذكر أن هناك "جهد تنسيقي بين وزارة الكهرباء والقيادات الأمنية لحماية البنى التحتية لقطاع الطاقة ومجابهة عمليات الاستهداف".
وشدد موسى على أن "هذه المحاولات لن تثني عزيمتنا".
وأشار إلى أن الوزارة ماضية في الخطط التي أعدتها على ضوء توصيات خلية الأزمة التي تشكلت برئاسة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بداية تموز/يوليو الماضي للتعامل مع نقص الطاقة.
وتابع "نسعى لتوفير طاقات توليدية إضافية تصل لـ 3 أو 5 آلاف ميغاواط خلال العام المقبل".
وذكر أن هناك "توجيهات بتوفير الوقود لمحطات إنتاج الكهرباء ووقف التجاوزات على شبكات الطاقة والتي تؤدي لزيادة الأحمال وعدم استقرار التجهيز".
تدابير أمنية جديدة
ومن جانبه، ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء تحسين الخفاجي أن قوات الأمن وضعت خطة لحماية خطوط وأبراج الطاقة الكهربائية.
وأضاف "شكّلنا غرفة عمليات مشتركة مع وزارة الكهرباء التي زودتنا بخرائط ومسارات خطوط الكهرباء"، مبينا أن هناك تنسيق وتقارير يومية لمتابعة الموقف.
وأشار إلى تسيير مروحيات وطائرات مراقبة بلا طيار لتأمين الخطوط، لا سيما في الأراضي النائية والأرياف، كما أن القوات الأمنية ركبت كاميرات حرارية ووضعت كمائن وأجرت عمليات تفتيش عن الإرهابيين والعناصر الحاضنة لهم.
وأكد من دون توفير تفاصيل محددة، "نجحنا باعتقال وقتل الكثير من الإرهابيين وحصلنا على معلومات مهمة. كما أحبطنا هجمات إرهابية كانت تستهدف أبراج الكهرباء".
وكانت قوات الأمن قد أعلنت في بيانين منفصلين نشرا في 9 و10 آب/أغسطس عن إحباط محاولتين لتفجير أبراج للطاقة الكهربائية بمحافظة صلاح الدين.
وشدد الخفاجي "نحن نتعامل مع هكذا عمليات بأنها استهداف لأمننا القومي، وبالتالي جهودنا تنصب على ملاحقة كل من يريد المساس بأهدافنا ومقدراتنا الحيوية وتقديمه للعدالة".
وتابع "قصمنا ظهر تنظيم داعش، لكن فلوله لا زالوا موجودين ويحاولون التحدي وإرباك الأوضاع بهكذا هجمات... ونحن لن نوفر جهدا في دحرهم".
بنية تحتية ضعيفة
هذا وتعرض قطاع الطاقة في العراق للخراب جراء عقود من الصراع والصيانة السيئة والفساد المستشري، ما جعل شركة الوطنية للكهرباء غير قادرة على مواكبة الطلب المتزايد من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.
وحين تكون الشبكة الوطنية عاجزة، يعتمد كثيرون على المولدات علما أن هناك نحو 4.5 مليون مولد مملوك لجهات خاصة تعمل على مستوى البلاد، بحسب ما ذكره هاري إيستبانيان وهو من كبار المستشارين في معهد العراق للطاقة.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن المولدات تعمل حاليا طوال نحو 22 ساعة يوميا في بعض المناطق.
وقال حسن عدنان وهو مواطن من منطقة الشعلة ببغداد، إنه يؤيد أي عمل أمني يؤدي إلى وقف الهجمات الإرهابية على شبكات الطاقة.
ودعا الأهالي القاطنين بالقرب من خطوط وأبراج الطاقة للإبلاغ الفوري عن هؤلاء الإرهابيين.
وبدورها، ذكرت إسراء جاسم وهي من سكان منطقة البياع في بغداد أن "الإرهابيين يستهدفون الكهرباء لزيادة معاناتنا... هم يفعلون أي شيء لإيذائنا".
وتابعت "على الحكومة فعل ما بوسعها لتخليصنا من بقايا الإرهاب وإيجاد حلول جذرية لأزمة الكهرباء التي تتكرر كل صيف".