قال محللون إن إصرار النظام الإيراني على التمسك بإرث القائد المقتول لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، يأتي على حساب الشعب الإيراني.
وقبل أن يقتل في غارة جوية ببغداد يوم 3 كانون الثاني/يناير الماضي، كان سليماني يقود المشروع التوسعي للحرس الثوري الإيراني من خلال عدد من الحروب القائمة بالوكالة في مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك سوريا ولبنان واليمن وأفغانستان.
هذه المبادرات مكلفة التي كانت مكلفة أظهرت مرة جديدة أن أولويات طهران في غير محلها، وذلك في ظل ازدياد استياء الشعب الإيراني من الحكومة ومن الاقتصاد المتردي.
وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي كريم صمديان "طوال سنوات، ادعى الحرس الثوري الإيراني بأن وجود إيران النشط في المنطقة متجذر بالدين والنفوذ الروحي للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي".
وأضاف أنه في الواقع، "يعاني [الحرس الثوري] من ضائقة مادية ، ولا يملك ما يكفي من الأموال النقدية لملء جيوب قادة الحرس الثوري والحلفاء الإقليميين".
وتابع أن غياب التمويل الذي يعود جزئيا إلى العقوبات التي فرضتها الحكومة الأميركية على إيران والحرس الثوري بشكل خاص، مرتبط بتصعيد حصل مؤخرا في التوترات والخلافات بين وكلاء الإيرانية.
واعتبر أن هذا الأمر يثبت أن المال وليس الدين، هو الأساس الذي قام عليه "فكر" الحرس الثوري منذ البداية.
يُذكر أن الخلافات ازدادت في شرقي سوريا، لا سيما بين ميليشيا كتائب حزب الله العراقية وقادة الحرس الثوري، إضافة إلى وكلاء آخرون يتنافسون على السلطة والنفوذ في المنطقة.
وتعود هذه الخلافات بشكل خاص إلى التنافس الحاد على القيادة ومصادر الثروة والنفوذ بين الميليشيات المسيطرة على الأرض، والتي شهدت تراجعا في رواتب عناصرها الشهرية من 1500 إلى أقل من 300 دولار للمقاتل الواحد، حسبما ذكر الشيخ مضر الأسعد وهو عضو في مجلس القبائل والعشائر السورية.
وفي اليمن، سُجلت زيادة ملحوظة خلال الأشهر الماضية في كمية المخدرات التي تم تهريبها إلى مناطق خاضعة للحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران.
ويعود سبب هذه الزيادة، أقله جزئيا، إلى حاجة الحوثيين لإيجاد مصادر دخل بديلة في ظل خفض إيران دعمها لوكلائها.
أولويات في غير محلها
ورغم تراجع التمويل، استمرت طهران بإعطاء الأولوية لإنفاقها المخصص لتصدير الإرهاب وتعزيز الطائفية ونشر المعلومات المضللة على حساب حاجات الشعب الإيراني.
وفي 2 كانون الأول/ديسمبر، قدمت الحكومة الإيرانية للبرلمان الإيراني مشروعا لموازنة الدولة بنحو 33.7 مليار دولار للسنة المالية المقبلة التي ستبدأ في 21 آذار/مارس، حسبما أوردته وسائل الإعلام الإيرانية.
وقد حددت قيمة مشروع الموازنة بنحو 8413 ترليون ريال، أي ما يساوي زيادة بنسبة 74 في المائة مقارنة بأرقام السنة الماضية بالريال، وانخفاضا بنحو 5 مليارات دولار بالعملة الصعبة نظرا للانهيار الحاد للعملة المحلية الإيرانية.
وتشمل الموازنة 80.5 مليار ريال (327 ألف دولار) مخصصة لمؤسسة الحفاظ على أعمال قاسم سليماني ونشرها، والتي يشار إليها بصورة عامة باسم "مؤسسة قاسم سليماني" والتي أنشأت بعد وفاته.
وترأس المؤسسة ابنة سليماني زينب سليماني البالغة من العمر 29 عاما.
وأصدرت زينب بيانا في 5 كانون الأول/ديسمبر قالت فيه إنها لن تقبل المال الذي يمكن أن يستخدم لأغراض أفضل إذا حوّل لتلبية حاجات الشعب.
لكن تقارير إضافية كشفت أن المؤسسة تلقت خلال العام الجاري تمويلا من الحكومة بقيمة 400 ألف دولار، وأن المال خصص لمؤسسة قاسم سليماني كتصنيف فرعي لموازنة الحرس الثوري لهذا العام.
ويتوفر التمويل المخصص للحرس الثوري تحديدا بكثرة.
ففي آذار/مارس، قام خامنئي بزيادة تمويل العام المقبل الخاص بالحرس الثوري بنسبة 33 في المائة إضافة لما كانت قد اقترحته الحكومة.
وفي مؤشر آخر على الأولويات التي ليست في محلها، عمل الحرس الثوري على تمويل النصب التذكارية واللوحات الجدارية التي تُظهر قادة الحرس الثوري، ومن بينها لوحة "جمال النصر" التي تقع عند مدخل مطار بغداد والتي دشنتها قوات الحشد الشعبي في 19 حزيران/يونيو.
وتظهر اللوحة سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وهما يحييان حشدا من العراقيين، وقد قتل الرجلان في غارة أميركية بالقرب من المطار.
ودشن كذلك تمثال لسليماني في مدينة جيروفت بمسقط رأسه في محافظة كرمان في حزيران/يونيو الماضي في ظل أزمة فيروس كورونا، وقوبلت هذه الخطوة بموجة سخرية عارمة وانتقد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أولويات النظام الإيراني.
من جهة أخرى، دشن حزب الله التابع لإيران والممول منها، تمثالا لسليماني في بلدة مارون الراس في الجنوب اللبناني.
استنزاف أموال الشعب الإيراني
وفي ظل ما يعانيه الشعب الإيراني من أزمة اقتصادية متفاقمة، ضاعف خامنئي أيضا موازنة قوات الباسيج التي تقع تحت سيطرة الحرس الثوري والتي تستخدم عادة لقمع المعارضة المحلية.
ونشرت قوات الباسيج شبه العسكرية خلال التظاهرات الشعبية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عقب قرار صادم برفع سعر البنزين بنسبة تصل إلى 200 في المائة.
وبحسب منظمة العفو الدولية، قتل ما لا يقل عن 304 رجال ونساء وأطفال على يد القوات الأمنية الإيرانية خلال أعمال القمع.
ومن الواضح أن طهران تعتبر تدخلات الحرس الثوري وقمعه للتظاهرات أكثر أهمية من الأدوية أو المواد الغذائية.
وفي آذار/مارس الماضي، تعهد خامنئي بسحب مليار يورو (1.2 مليار دولار) من صندوق التنمية الوطني الإيراني لمكافحة فيروس كوفيد-19، إلا أن وزارة الصحة الإيرانية تلقت فقط 27 في المائة من تلك الأموال ولم تتمكن من دفع رواتب العاملين في الرعاية الصحية، حسبما نقل موقع إيران واير على لسان مصادر إخبارية محلية في إيران.
وقال رئيس لجنة الصحة في البرلمان حسين علي شهرياري لوسائل الإعلام المحلية، إنه "تم سحب مليار دولار من الصندوق ولكن هذا المبلغ أنفق في مكان آخر. على الحكومة التحلي بالشفافية والاستجابة للطلبات المحقة للعاملين في القطاع الصحي".
وعوضا عن دعم هؤلاء وتزويدهم بالمعدات والأدوية اللازمة مع انتشار الجائحة في البلاد، كشف الحرس الثوري في نيسان/أبريل عن بدعة تدعو للسخرية "للكشف" عن كوفيد-19.
وشكّل ذلك أحد الأمثلة العديدة على ما ينفقه النظام من موارد لا تحصى ووقتا ثمينا لتحسين الصورة المشوهة للحرس الثوري بعد عدد من الحوادث القاتلة التي وقعت قبل مقتل سليماني وبعده.
لولا سليماني، لكنت تقف أمام الغرفة التي تنام فيها أمك مع أبو بكر البغدادي! وهذا يعني أيها الغبي أنه كلما خرج من الغرفة، لأجبرت على وضع حذائه أمامه!
الرد1 تعليق