أثارت زيادة أخيرة في حالات الانتحار بين الإيزيديين الناجين من فظائع تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) القلق بين العراقيين بشأن ما إذا كانوا يتلقون الرعاية وفرص التدريب اللازمة.
وقد اقترح خبراء تحدثوا لديارنا توفير الدعم الاجتماعي والنفسي لكل الإيزيديين الناجين من المعارك العنيفة التي صاحبت السيطرة على مدنهم في عام 2014 وما تلى ذلك من احتلال.
وكان عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي قد قال في أيلول/سبتمبر أن ثلاثة نازحين إيزيديين انتحروا في مخيمات النزوح الإيزيدية بمحافظة دهوك وجبل سنجار خلال فترة لا تزيد على الشهر.
وأضاف أن الحالات الثلاثة الموثقة هي لضحايا العنف والعبودية في حقبة داعش، وأن وفاة الكثير من ذويهم على يد داعش وفترة بقائهم الطويلة في المخيمات قد زادت من معاناتهم الإنسانية.
زيادة في حالات الانتحار
من جانبه، قال حسام عبد الله مدير المنظمة الإيزيدية للتوثيق في حديث لديارنا إن حوادث الانتحار بين الايزيديين "مؤشر خطير".
وأضاف أن ما يثير القلق هو أن حالات الانتحار بين الإيزيديين قد ارتفعت في الآونة الأخيرة بشكل ملفت، مشيرًا إلى أنه في الشهرين الماضيين تم تسجيل سبع حوادث انتحار لنساء من مختلف الأعمار.
وأوضح عبد الله أنه بغض النظر عن مستوى الخدمة في المخيمات، فإنها تبقى مكانًا غير ملائم للحياة بصورة طبيعية، وأن القاطنين فيها معرضون للتهميش ويواجهون مصاعب معيشية جراء قلة فرص العمل، وهو ما لا يساعدهم على التغلب على صدمة التعرض للاغتصاب والمتاجرة بهم من قبل داعش، ولا سيما بين الفتيات الصغيرات.
وأكد على أهمية تبني خطة شاملة لمجابهة هذه المشكلة، وأنه على الجهات الحكومية والمعنية إتباعها في هذا الصدد.
وذكر أن أهم احتياجات الإيزيديين النازحين هي التوظيف وتحسين البيئة الحياتية وتعزيز الخدمات العامة.
وطالب بتخصيص المزيد من المنح المالية الحكومية للإيزيديين، مبينا أن عددًا ضئيلا فقط منهم استفاد من هذه المنح حتى تاريخه.
وأشار إلى أنه من بين الآلاف من الإيزيديات المعنفات، لم تستلم إلا 375 إيزيدية المنحة البالغة مليوني دينار (1674 دولارا).
ونوّه إلى أن المعنفين بحاجة لرعاية متواصلة لا تقتصر على الدعم المادي لكن تمتد لرعاية صحية نفسية أيضًا.
'حاجة ماسة' للتعامل مع الصدمة
ويشير بدوره خيري بوزاني مدير عام شؤون الايزيدية في حكومة الإقليم الكردي في حديث لديارنا إلى ضرورة العمل على تفكيك الأزمات النفسية التي تعرض لها النازحون الإيزيديون.
وأضاف أن دعم عودة الأسر النازحة إلى مناطقها الأصلية عامل رئيسي في تطويق هذه الأزمة.
لكنه شدد على أن العودة ينبغي أن تكون مشروطة بتهيئة أولًا بيئة آمنة للعودة وتقديم الدعم المالي للعائدين لحين إيجاد عمل.
هذا وقد عادت أكثر من 20 ألف عائلة إيزيدية لبلدة سنجار في غضون الأعوام الثلاثة الماضية، لكن عدد النازحين الإيزيديين لا يزال كبيرًا. فوفقًا للإحصائيات الرسمية، يوجد نحو 300 ألف إيزيدي في المخيمات، معظمهم في منطقة الإقليم الكردي.
ودعا بوزاني إلى تخصيص مرتبات شهرية وليس فقط منح لكل الإيزيديات الناجيات من قبضة عناصر داعش.
كما شدد على ضرورة إخضاعهن لبرامج تأهيل لمساعدتهن على تجاوز آثار ما عانوه من أذى نفسي وجسدي، مؤكدًا أنه من شأن هذا أن يمنعهن من الوقوع في دوامة اليأس وفقدان الأمل.
ومن جانبها، قالت الناشطة ليلى البرزنجي رئيسة منظمة جود، وهي منظمة إنسانية للتنمية والإعمار مقرها الموصل، إنها عملت مع نساء معنفات وناجيات من الإرهاب كنّ يعانين من وضع نفسي صعب للغاية.
وأضافت "سعينا للوقوف بجانبهن ومنحناهن جرعات من الأمل، فكانت الخطوة الأولى هي توفير التدريب لهن ومن ثم تشغيلهن في ورش خياطة وحرف يدوية مختلفة".
ولفتت إلى أن العمل أعطى هؤلاء النساء إحساسًا بالثقة والعزيمة على تغيير حياتهن وشعورًا بأن هناك مستقبلا واعدا بانتظارهن.
وشددت البرزنجي على أن توفير التدريب المهني وفرص التوظيف يجب أن يكون عنصرا أساسيا في أي برنامج حكومي يهدف لمساعدة الفئات المهمشة، بمن فيهم الإيزيديون.