قال السماسرة المحليون لديارنا، إن أسعار العقارات في مناطق بغداد الرئيسية تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، مع ابتعاد المشترون المحتملون عن المناطق التي أقامت الميليشيات المدعومة من إيران موطئ قدم فيها.
قال السماسرة إن أسعار العقارات تراجعت في أحياء سكنية مثل الكرادة والجادرية والعرصات وشارع فلسطين والصالحية بنسبة تتجاوز الأربعين في المائة، مع وفرة العرض وتراجع طلبات الشراء.
وأضافوا أن هذا الأمر يعود إلى تواجد مقرات الميليشيات في تلك المناطق.
وأوضح مدير شركة عهد الغدير للعقارات في حي الكرادة، أحمد حسين، أن الميليشيات المدعومة من إيران أقامت في المنطقة نحو 30 مقرا وثكنة ومخزن أسلحة.
وتابع أن تواجد الميليشيات في هذه المناطق دفع السكان إلى مغادرتها.
وتابع أن عناصر هذه الميليشيات يتنقلون بسيارات لا تحمل لوحات تسجيل ويطلقون النار في الهواء وينظمون مسيرات وتجمعات، فضلا عن إغلاقهم الطرق تعسفيا وإزعاج راحة الناس ومواصلتهم إطلاق صواريخ الكاتيوشيا على المنطقة الخضراء.
وكشف الغدير أن أي حي سكني تدخله هذه الميليشيات وتفتتح فيه مقرا لها، تتراجع فورا أسعار عقاراته مع بدء سكانه التفكير بالرحيل عنه.
وأشار إلى أن سعر المنزل في الكرادة كان يبلغ كمعدل وسطي نحو 300 مليون دينار (250 ألف دولار)، ووصل سعره اليوم إلى 180 مليون (152 ألف دولار) أو حتى أقل.
وأردف أن أسعار الايجارات تراجعت أيضا، وحتى أصحاب المخازن لم يعودوا يرغبون بالبقاء في هذه المناطق.
تغيير ديموغرافي
وفي حديث لديارنا، قال المخمن العقاري في دائرة ضريبة الرصافة سلام جاسم، إن مقرات الميليشيات هي بمثابة "السرطان للقطاع العقاري".
وكشف أن بعض الأحياء الرئيسية كانت تضم خليطا سكانيا مسيحيا ومسلما وعربيا وآشوريا وأرمنيا وكرديا، وهي اليوم تشهد تغييرا ديمغرافيا في تركيبتها السكانية مع مغادرة الأهالي لها وتوجههم إلى مناطق أكثر أمانا.
وهذه حال حي كرادة مريم أو العرصات أو العلوية وشارع المنطاد وأبو قلام وكرادة داخل، على حد قول جاسم.
وتابع أن الحكومة العراقية اتخذت خطوات مهمة لمعالجة هذه المسألة، كالفرض على الميليشيات الحصول على إذن مسبق من الأجهزة الأمنية لافتتاح مقرات لها ومنعها من القيام بذلك في الأحياء السكنية.
"لكن للأسف، عدد كبير من هذه المقرات افتتح خلال ولاية حكومة عادل عبد المهدي السابقة"، وفقا له.
بدورها قالت محررة الأخبار في محطة تلفزيون محلية هناء بطرس لديارنا، إنها عرضت شقتها في الكرادة للبيع بسبب خوف أطفالها من صواريخ الكاتيوشا التي تطلقها الميليشيات على المنطقة الخضراء ومن مضايقتهم.
لكنها اضطرت للبيع بسعر يبلغ نصف قيمة سعر الشقة الحقيقي، وانتقلت الى حي اليرموك واستأجرت منزلا.
وأكدت أن انتقالها جعلها تشعر بأمان أكثر، ولفتت إلى أن "الخروج صباحا وإلقاء التحية على جار أو صديق أفضل من الخروج ورؤية وجوه خلف أقنعة سوداء مخيفة".
الاعتداء على أمن العراق
أما صاحب محل لبيع شرائح البطاطس في الجادرية، قصي ملوكي، فقال لديارنا إنه انتقل من منزله بشكل مؤقت ريثما يستعيد الحي طابعه المدني.
وذكر أن "لبنانيين من حزب الله وحتى إيرانيين يأتون إلى هذه المقرات، ومن حقنا العيش براحة ودون مضايقات".
وتابع أن صواريخ الكاتيوشا هي مصدر الرعب الأول إذ أنهم يتحدون عبر إطلاقها القانون والأمن والنظام، لافتا إلى "أنهم لا يهاجمون السفارة الأميركية بقدر ما يعتدون على أمن البلاد ويهددون العراقيين".
وأوضح أن أغلب هذه الصواريخ يسقط على الشقق السكنية المجاورة للمنطقة الخضراء.
بدوره، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي محمد التميمي في حديث لديارنا، أن هذا العام كشف أن الميليشيات باتت سياسيا في واد والشعب العراقي في واد آخر.
وأضاف أن الميليشيات أصبحت معزولة عن المجتمع لأنها تواصل اغتيال الشخصيات العامة والناشطين والمشاركة في القتال في سوريا، وهي تتحدى الدولة العراقية علنا وتطلق الصواريخ بأوامر من إيران.
وأكد أن "رجال الميليشيات لم يعد مرحبا بهم".
وختم التميمي مؤكدا أن الناس لم يعودوا يرغبون بالإقامة في مناطق تتواجد فيها هذه الميليشيات، ليس فقط بحثا عن الهدوء والأمن، بل لأنهم لا يريدون التعايش معهم بأي شكل من الأشكال.