تقول مصادر إنه في الوقت الذي يبدو فيه أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية تحقق انتصارًا على الأرض، فإن صدعًا آخذ في التزايد بين الجنرال الليبي خليفة حفتر والمرتزقة المدعومين من الكرملين الذين أرسلوا للمساعدة في تعزيز محاولاته للسيطرة على البلاد.
حيث ذكر مصدر عسكري مقرب من حفتر لموقع صحيفة عربي بوست على الإنترنت أن الخلاف يتعلق بديون حفتر غير المسددة لمجموعة فاغنر، وهي منظمة شبه عسكرية خاصة تخدم أجندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتبلغ قيمة تلك الديون 150 مليون دولار أميركي.
وقد رفض حفتر دفع قيمة العقد حين انتهى العام الماضي، ليس لأنه يفتقر للأموال لكن لأن الروس لم ينفذوا الشق المتعلق بهم في الاتفاق، بحسب ما أوضح المصدر.
وأكد المصدر أن مجموعة فاغنر أرسلت "مقاتلين مبتدئين" عديمي الخبرة وغير فعالين من سوريا وروسيا البيضاء وصربيا إلى ليبيا.
وكانت عدة وسائل إعلام عربية قد نشرت تقارير حول جهود مجموعة فاغنر الهائلة لتجنيد الشبان السوريين.
وأوضح المصدر أن مقربين من حفتر كانوا في نزاعات مستمرة مع مرتزقة فاغنر الذين أرسلوا إلى ليبيا، مستشهدًا بعدم خبرتهم وعدم فعاليتهم.
كما عبر قادة عسكريون موالون لحفتر عن غضبهم من عدم قدرة شركة فاغنر على الدفاع ضد الطائرات المسيرة التابعة لحكومة الوفاق الوطني، بحسب ما أفادت عربي بوست.
حفتر يخسر الأرض
وكانت قوات حكومة الوفاق الوطني قد استولت على عدة بلدات على مدار يومين في شهر نيسان/أبريل من الجيش الوطني الليبي المتحالف مع حفتر، بحسب ما أعلنت حكومة الوفاق الوطني يوم 13 نيسان/أبريل.
وفي نفس اليوم، قال العقيد محمد قنونو إن الدفاعات الجوية لحكومة الوفاق الوطني اعترضت طائرات تابعة لحفتر في منطقة أبو قرين وأسقطت طائرتين صينيتي الصنع ومروحة روسية طراز Mi-35، بحسب ما أوردت الجزيرة.
وقال محللون إن النجاحات العملياتية أشرت لحدوث تغيير في استراتيجية حكومة الوفاق الوطني من الموقف الدفاعي إلى الهجومي.
وقد أعلنت حكومة الوفاق الوطني يوم الاثنين، 18 أيار/مايو، عن تحقيق المزيد من الانتصارات ضد القوات الموالية لحفتر.
حيث قال رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج "نعلن بفخر تحرير قاعدة الوطية"، التي تقع على بعد 140 كم جنوب غرب طرابلس.
وأضاف في بيان أن "نجاح اليوم ليس نهاية المعركة، لكنه يقربنا أكثر من أي وقت مضى من النصر الذي سيتم فيه تحرير جميع المدن والمناطق وسحق محاولة الاستبداد التي تهدد الديمقراطية".
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني من غاراتها الجوية ضد مقاتلي حفتر، حيث استهدفت خطوط إمداداتهم حول قاعدة الوطية.
حيث قال الناطق باسم حكومة الوفاق الوطني محمد قنونو إنهم دمروا ثلاثة نظم مضادة للطائرات روسية الصنع في القاعدة الجوية منذ يوم 17 أيار/مايو.
هذا ويأتي الاستيلاء على قاعدة الوطية بعد حصار دام عدة أسابيع من قبل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني للقاعدة التي تستخدمها القوات الجوية حفتر.
وأوردت عربي بوست أن رجال حفتر يلقون باللائمة في الخسائر المتزايدة على عدم كفاءة مرتزقة مجموعة فاغنر.
وبحسب الموقع، يتمركز قناصة ومقاتلو فاغنر في ترهونة وقصر بن غشير في جنوب طرابلس، في حين أن مرتزقة الشركة الذين يقع مقرهم في موانئ طبرق ودرنة يساعدون في الأمور اللوجستية ويقدمون الدعم للمدفعية والطائرات المسيرة.
موسكو تصعد من الصراع الليبي
وتشير التقارير إلى أن الآلاف من المتعهدين المتعاقدين مع شركة فاغنر يقومون بتنفيذ محاولات الكرملين في عدد من الصراعات الخارجية، بما في ذلك سوريا وأوكرانيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا.
حيث يدعم ما بين 800 و1200 مقاتل من شركة فاغنر حفتر الذين يشن هجومًا على حكومة الوفاق الوطني منذ أكثر من عام، بحسب ما ذكر مجلس الأمن يوم 6 أيار/مايو.
ومن جانبه، ينكر بوتين أن الروس يتواجدون على الأرض في ليبيا.
إلا أن كريس روبنسون، وهو مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية ومتخصص في الشؤون الروسية، يقول إن الدعم الروسي لحفتر "قد أدى إلى تصعيد كبير في الصراع وتسبب في تفاقم الوضع الإنساني في ليبيا".
وأضاف في حديث للصحافيين يوم 7 أيار/مايو أن "شركة فاغنر يشار إليها على نحو مضلل بأنها شركة أمن روسية خاصة، لكنها في الواقع أداة للحكومة الروسية يستخدمها الكرملين كأداة منخفضة التكلفة ومنخفضة المخاطر لتحقيق أهدافه".
وذكر أن صور "الأسلحة الثقيلة جدًا والمتقدمة جدًا" في ليبيا من مجموعة فاغنر تشير إلى أنها ليست مجرد شركة خاصة.
بدوره، صرح السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند لصحيفة القدس العربي التي يقع مقرها في لندن أن الدعم الذي تقدمه مجموعة فاغنر لقوات حفتر لا يحترم سيادة ليبيا والأمن الإقليمي.
كما قال هنري ووستر، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية للمغرب العربي ومصر، إنه من غير المرجح أن يغير الكرملين مساره بشأن ليبيا، التي انضمت إلى سوريا كمسرح لنفوذ موسكو المتجدد في المنطقة.
وأضاف أنه "لا ينبغي لأحد أن يعتقد أن روسيا سوف تحزم أمتعتها وتغادر الآن بعدم استثمرت في الصراع الليبي".