قال خبراء إن الاغتيالات الأخيرة التي استهدفت عددا من كبار قياديي فيلق القدس التابع للحرس الثوري في سوريا، أثرت بشكل سلبي جدا على بنية الجماعة وقدرتها على العمل.
وأوضحوا لديارنا أن مقتل قياديين مقربين من القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي قتل في كانون الثاني/يناير، سيؤدي إلى إضعاف شبكة التواصل بين الجماعات التابعة لإيران بصورة أكبر.
وزُعم أن كبير مساعدي سليماني المدعو أصغر باشابور والذي قتل أيضا في كانون الثاني/يناير، كان من أول من رافقه إلى سوريا بعد اندلاع الحرب.
كذلك، قتل العميد فرهاد دبيريان وهو أيضا من كبار قياديي فيلق القدس التابع للحرس الثوري بسوريا، بالرصاص في آذار/مارس بالقرب من مسجد ومقام السيدة زينب جنوبي دمشق.
ووصفت وكالة إخبارية مقربة من الحرس الثوري، دبيريان بأنه "مسؤول عن بلدية الزينبية وقائد سابق في تدمر".
وفي نيسان/أبريل، انتشرت أخبار عن مقتل القائد في حزب الله اللبناني علي محمد يونس، الذي كان أيضا من المقربين من سليماني.
تغييرات في قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري
وفي هذا الإطار، أشار خبراء سياسيون تحدثوا إلى ديارنا، إلى أن مقتل القادة العسكريين المقربين من سليماني يتسبب بتغييرات في تركيبة وبنية قيادة فيلق القدس في سوريا.
وذكر الخبير السياسي كريم صمديان أن ارتفاع عدد عمليات الاغتيال التي طالت قياديي فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، "يعكس ضعف الأجهزة الأمنية والاستخبارية الخاصة بفيلق القدس في المناطق الخاضعة لها".
وتابع في حديثه لديارنا أن ذلك يدل أيضا على "تراجع ملحوظ في نفوذها في المنطقة".
ولفت إلى أنه بعد مقتل سليماني أي عندما انكشفت ضعف الجهاز الأمني الخاص بفيلق القدس، بدأت تنتشر شائعات في صفوف عناصر الحرس الثوري الإيراني وقوة الباسيج المقاومة.
وذكر أن هذه الشائعات أشارت إلى تواطؤ بعض الأجهزة الاستخبارية الحكومية في المنطقة لتصفية كبار قياديي فيلق القدس، وقد انتشرت هذه الشائعات بين الرتب الدنيا للحرس الثوري الإيراني.
وقال إن ذلك تسبب بطبيعة الحال بقلق في قيادة الحرس الثوري.
ʼضعف الاستخبارات الإيرانيةʻ
وأضاف أنه "من أجل تسليط الضوء على ضعف الأجهزة الأمنية لفيلق القدس، تكفي الإشارة إلى أن فرهاد دبيريان وهو أحد كبار قياديي الفيلق، قد قتل في منطقة كانت خاضعة كليا لسيطرة الحرس الثوري الإيراني".
وذكر أنه حتى قبل اندلاع الحرب في سوريا، كان يتم إيواء المسافرين الإيرانيين في الزينبية، حيث غالبية السكان من العلويين الشيعة ويعتبرون حلفاء أساسيين للنظام السوري.
ويشعر عناصر الحرس الثوري بالأمان التام في هذه المنطقة، لدرجة أنهم يأخذون عائلتهم إليها.
وبعد مقتل الضابط في الجيش الإيراني حميد رضا بابولخاني بسوريا في شهر شباط/فبراير الماضي، اتضح أنه كان قد أحضر معه زوجته الحامل إلى سوريا. وقد زارهما حتى والدها ووالدتها.
وقال صمديان إن العيش في سوريا وإحضار أفراد العائلة للاستقرار في محيط دمشق، يبيّن وجهة نظر فيلق القدس بالحرب، مشيرا إلى أن المقاتلين المسافرين إلى جبهات الحرب لا يصطحبون عادة زوجاتهم الحوامل.
وتابع أن عددا من عناصر ميليشيا فاطميون وزينبيون التابعتين للحرس الثوري والمؤلفتين من مقاتلين أفغان وباكستانيين، يقيمون أيضا مع عائلاتهم في هذه المنطقة.
وقال "برأيي، يكشف اغتيال دبيريان في هذه المنطقة عن الضعف الهائل للاستخبارات [الإيرانية] ويظهر تضاؤل نفوذها".
مؤشرات لعمليات تصفية ʼمنهجيةʻ
وبدوره، قال الناشط السياسي علي زنجاني لديارنا إن "اغتيال عدد من كبار قياديي فيلق القدس في سوريا، يرتبط بأحداث مشابهة في العراق ولبنان".
وأوضح "خلال السنوات الـ 30 الماضية ولا سيما خلال العقدين الأخيرين، حاول الحرس الثوري إنشاء مسار لهيمنة شاملة في الشرق الأوسط، وذلك عبر تقوية الميليشيات التابعة له في هذه البلدان الثلاث".
وأضاف أن "أخصام إيران في المنطقة كانوا على غير دراية بتسلسل الأحداث في المنطقة على مدى سنوات"، معتبرين كل حالة من التدخل السياسي والعسكري منفصلة عن غيرها.
وذكر "لكنهم أدركوا مع مرور الوقت أن الوضع أكثر تعقيدا، خاصة بعد أن انكشف هذا التسلسل نفسه خلال الحرب الأهلية السورية، وفي وقت لاحق في اليمن".
وقال "أعتقد أنه بعد ذلك، انطلقت جهود الأخصام الإقليميين الرامية إلى إضعاف إيران في المنطقة، في إطار خطة جماعية".
وشرح أن اغتيال قياديي فيلق القدس "ليس منفصلا" عن عملية قتل يونس، القائد في حزب الله اللبناني الذي يعتقد أنه كان متواجدا في سوريا منذ بعض الوقت وكان مقربا من سليماني.
وأكد أن يونس كان من الممثلين الأساسيين لحزب الله في سوريا، حيث تقاتل الميليشيا دعما للنظام السوري إلى جانب فيلق القدس.
ولفت إلى أن دبيريان وباشابور كانا الأقرب إلى سليماني.
وذكر أن اغتيال هؤلاء الرجال الثلاثة خلال فترة قصيرة من الوقت، يخلق انطباعا بأن عددا من المجموعات القوية الإقليمية أو حتى العابرة للمناطق، يعمل على القضاء على شبكة سليماني بشكل منهجي.
ولفت إلى أنه في حال كان ذلك صحيحا، من المرجح أن تزداد مثل هذه الحوادث وتيرة وأن تنتج عنها انقسامات بين القوات الموالية لإيران.
انهيار شبكات الحرس الثوري الإيراني
وأشار زنجاني إلى أن عمليات قتل سليماني وبعض المقربين منه، بمن فيهم نائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقي الجنسية أبو مهدي المهندس، وجهت ضربة قاسية على بنية شبكة فيلق القدس.
وإن تصفية القياديين الإيرانيين يجعل هذه الضربة أكثر قساوة بعد.
وقال إنه عادة، تعتمد الجماعات العقائدية في المنطقة بصورة كبيرة على قياداتها، وبالتالي قد يؤدي مقتل أي قيادي إلى انهيار الجماعة أو تفككها.
وتابع أنه على هذا الأساس، كان لمقتل سليماني تأثير كبير، وقد ازداد هذا التأثير مع مقتل القياديين المقربين منه وانهيار الشبكة التي كان قد أنشأها.
وأوضح أن سليماني تمكن من إحراز تقدم في أنشطته عبر إشراك هؤلاء القياديين الذين كانوا مسؤولين عن شبكة التواصل الخاصة به، ولذلك فمن الطبيعي أن تؤدي تصفيتهم إلى إضعاف هذه الشبكة.
وقال "أعتقد أن القصة ستتواصل، ولن تنتهي قضية تصفية قياديي فيلق القدس هنا. فقد تكون هذه التصفيات مقدمة لحدث آخر أكبر حجما".
ولفت إلى أنه من هذا المنطلق، ستكون رحلات قائد فيلق القدس الجديد، الجنرال اسماعيل قآاني، محدودة أكثر مقارنة بسليماني".