يقول مراقبون لديارنا إن الخطوات التصعيدية التي اتخذتها الميليشيات العراقية المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني ضد قوات التحالف المتمركزة في العراق تتسبب في المزيد من الاستياء بين العراقيين.
وأضافوا أن الشعب العراقي يرفض جهود الحرس الثوري الإيراني لدفع بلادهم إلى حروب بالوكالة لمصلحة النظام الإيراني ويخشون من عواقب الهجمات الأخيرة على بلادهم.
وكانت الميليشيات المدعومة إيرانيًا قد كثفت من هجماتها ضد قوات التحالف المتواجدة في العراق، حيث شنت أكثر من 20 هجومًا منذ تشرين الأول/أكتوبر.
وقد انطوى آخر تلك الهجمات على صاروخين استهدفا المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة العراقية يوم 26 آذار/مارس، قبل ساعات من الانسحاب المقرر لقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة من قاعدة ثانية في البلاد.
وصرح مصدر أمني عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه بدا أن الهدف المقصود هو السفارة الأميركية. ولم ترد أية تقارير عن وقوع إصابات.
وقد وقع أعنف تلك الهجمات التي شنتها الميليشيات في الشهر الماضي، حين استهدفت 18 صاروخًا قاعدة التاجي الجوية، ما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد القوات الأميركية وجندي بريطاني.
وقال مسؤولون في التحالف الدولي وقيادة العمليات المشتركة إنه بعد ذلك بثلاثة أيام، استهدف وابل من 33 صاروخ كاتيوشا قاعدة التاجي مرة أخرى، ما تسبب في وقوع عدة إصابات.
وفي شريط فيديو نشر على شبكة الإنترنت يوم 17 آذار/مارس، تبنت ميليشيا عصبة الثائرين، وهي ميليشيا غير معروفة من قبل، تبنت المسؤولية عن هجمات التاجي.
الولاء للنظام الإيراني
وقال طه اللهيبي، وهو عضو سابق بالبرلمان العراقي، إن "عناصر الميليشيات لا يفكرون البتة في عواقب أفعالهم"، وإن هدفهم الوحيد هو "جعل العراق فريسة سهلة للإيرانيين".
وأضاف أن "تصعيد هجماتهم دليل على أنهم لا يكنون أي احترام للحكومة وحكم القانون ولا يأبهون كثيرًا بسيادة وطنهم ومصالحه".
وأوضح أنه بدلًا من ذلك، يصرون على إظهار ولائهم للنظام الإيراني والوقوف خلف أجندة ذلك البلد.
وذكر اللهيبي أنه "كما هو متوقع، فإن إيران لا تشترك في أية معركة بصورة مباشرة، لكنها تدفع وكلائها للقيام بعملها خارج حدودها ... تاركة إياهم يدفعون الثمن".
وتابع أن "الميليشيات يلزم أن يفهموا أن أفعالهم الاستفزازية عديمة الجدوى وأنها لن تجلب للعراق إلا المزيد من المشاكل وتهدد استقراره".
وأكد أنه يلزم تركيز كافة الجهود على محاربة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19).
بدوره، قال ثائر البياتي، الأمين العام لمجلس العشائر العربية في محافظة صلاح الدين، في حديث لديارنا إن الميليشيات المدعومة إيرانيًا تستغل الظروف الراهنة لتحقيق أهدافها وخدمة المصالح الإيرانية.
وأضاف أنه "في ذروة الأزمات السياسية والاقتصادية غير المسبوقة في البلاد وتراجع أسعار النفط، إضافة إلى التهديد الذي يمثله فيروس كورونا، تشعل هذه الميليشيات شرارة معارك خاسرة للعراق وشعبه".
وأكد أن الطرف الوحيد المستفيد من هذه الأفعال هو النظام الإيراني.
وأوضح أن الزيارة التي قام بها قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني لبغداد يوم 30 آذار/مارس حيث التقى عددًا من زعماء وقادة الميليشيات "تظهر بوضوح إصرار إيران على التدخل في الشؤون السياسية والأمنية للعراق".
الميليشيات تعاني من صعوبات مالية
وقال البياتي إن الميليشيات في وضع مالي صعب للغاية، حيث أن الكثيرين من قادتها قد أدرجوا على لائحة العقوبات الأمريكية، ما يعني تجميد أصولهم ومنعهم من إجراء أية معاملات مالية.
وذكر أنه برغم ذلك، لا يزال بوسع الميليشيات أن تدفع رواتب عناصرها وتغطية مصروفات تجنيد مقاتلين جدد.
واتفق معه المحلل السياسي غنيم العابد، قائلًا إنه أصبح واضحًا أن مصادر التمويل للميليشيات المدعومة إيرانيًا تتضاءل.
وقال في حديث لديارنا إنه برغم ذلك، لا تزال الميليشيات تحتفظ بمصادر إيرادات من خلال الفساد والابتزاز وسرقة الممتلكات العامة وعمليات التهريب والضرائب التي تفرضها على البضائع في المعابر الحدودية.
وأضاف أن تلك الأموال يتم تحويلها لصالح الاقتصاد الإيراني وأجندة الحرس الثوري التي تقوض أمن العراق وسيادته.
فيما قال أحد سكان بغداد طلب عدم الكشف عن هويته لديارنا إن "الميليشيات تنفذ خطط إيران الخبيثة في بلدنا ... وهي مستعدة لأن تحرق البلد لإرضاء إيران".
وتساءل "لماذا يجب أن يجر بلدنا إلى صراعات إيران ودفع فاتورة مشاكلها؟"
وأضاف أن الهجمات التصعيدية التي تشنها لتلك الميليشيات وتهديداتها المتواصلة تغضب العراقيين.
وأكد "نريد أن نقول لتلك الفصائل المارقة إن العراق لا ينتمي لكم وأنكم لستم مسؤولين عن تقرير مصيره".