يصادف هذا الشهر ذكرى مرور عام كامل على دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وطرده من آخر معاقله في بلدة الباغوز بمحافظة دير الزور السورية، وسقطت بذلك نهائيا دولة "الخلافة" التي أعلنها في العراق وسوريا.
ومنذ انهيار دولة داعش المزعومة، كثف التحالف الدولي جهوده في تدريب الجيش العراقي وقوات سوريا الديموقراطية ورفع مستوى جهوزيتهما لمواجهة فلول التنظيم.
وفي إطار العملية الفرنسية المعروفة باسم عملية الشمال، عملت قوة المهام التدريبية مونسابرت على بناء المهارات القتالية لوحدات فرقة المشاة السادسة في الجيش العراقي ووحدات المدفعية ومكافحة المتفجرات.
وعمد أعضاء القوة العاملين في بغداد والبالغ عددهم 100 مستشار ومدرب، إلى إسداء النصح للجنود العراقيين وتجهيزهم بالخبرات والمهارات العسكرية والتقنية، فضلا عن تطوير البنية التحتية لمواقع التدريب.
وفي 29 شباط/فبراير الماضي، تفقد قائد عملية العزم الصلب، اللواء روبرت "بات" وايت، قاعدة معسكر فريق مونسابرت في بغداد، وأثنى على عمله في تعزيز قدرة القوات العراقية على التصدي لخطر داعش.
وفي حديث لديارنا، قال الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي، إن دعم الفريق الفرنسي لجهة التدريب والاستشارة، ترك بصمة واضحة في رفع القدرات الذاتية لقواتنا واستجابتها الفعّالة لكل التحديات".
وأضاف أن "جهود هذا الفريق واحتكاكه المباشر مع الجنود كان لهم الأثر الكبير في مساعدتهم على اكتساب مهارات معقدة وأساسية كالقتال في البيئات الوعرة والأماكن المكتظة بالسكان".
وكانت قوة مهام مونسابرت قد نظمت العديد من دورات التدريب المكثفة لتطوير مهارات الجنود العراقيين في تكتيكات القتال في المناطق الحضرية، والتصويب الدقيق على الأهداف الثابتة والمتحركة.
وفي دورة تدريبية جرت على مدى شهرين متتاليين أواخر عام 2019 في ميدان الرمي جنوبي بغداد، قامت بتدريب 4500 جندي من فرقة الجيش السادسة على أساسيات إطلاق النار والتصويب المتقن على الأهداف.
وأكد الشريفي أن الدعم التدريبي "هو جزء لا يتجزأ من الجهود الفرنسية الكبيرة" التي بدأت مع انطلاق عملية الشمال في أيلول/سبتمبر 2014 في إطار مهمة العزم الصلب.
دعم جوي ومدفعي واستخباراتي
ولفت الشريف إلى أن "طائرات رافال الفرنسية لعبت دورا مميزا في تأمين وحداتنا العسكرية أثناء معارك التحرير وتوجيه الضربات المتتالية ضد معاقل العدو".
وذكر أن "المدفعية الفرنسية دعمت قواتنا في حماية الشريط الحدودي مع الجانب السوري وساندتها في معارك تحرير الباغوز".
وشدد على "وجود تعاون وثيق بيننا والفرنسيين في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية، وهذه مسألة جوهرية في محاربة الجماعات الإرهابية وإفشال هجماتها".
أما المحلل الأمني نجم القصاب فقال لديارنا إن "برنامج البعثة الفرنسية تضمن دورات تدريبية عالية الجودة توصف بأنها تكاملية أي أن إحداها تكمل الأخرى".
وأوضح أن هذه التدريبات تتضمن رفع درجة التحمل البدني للجنود وقدرتهم على المناورة والرمي، إضافة إلى إعداد الخطط وتقديم الخبرة في مجال الإسعاف الأولي ومهارات نظم المعلومات والاتصالات وبرامج الكومبيوتر.
وكشف أن مجالات المساعدة تشمل أيضا التدريب على تفكيك الألغام والعبوات الناسفة والتخلص منها بشكل آمن، والتدريب على كيفية التصدي للكمائن.
’علاقة وثيقة وطويلة الأمد‘
وأكد القصاب أن مهندسي قوة مهام مونسابرت ساهموا بتعزيز منشآت التدريب العسكري، وأكملوا في 17 كانون الأول/ديسمبر بناء ميدان تدريبي لصالح فرقة المشاة السادسة في الجيش العراقي.
وأردف: "نحن مهتمون ببناء علاقة وثيقة وطويلة الأمد مع الجانب الفرنسي". "لقد حققنا عبر شراكتنا نجاحات مهمة، ونأمل أن تتقدم علاقاتنا وتتطور".
وهذا ما أكد عليه أيضا الخبير الأمني هيثم الخزعلي، الذي أشار لديارنا إلى أن "الخبراء الفرنسيين ساهموا إيجابا بتنمية قدرات جيشنا وتطويرها".
وتابع: "نشجع إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع فرنسا للاستفادة من خبراتها الطويلة في مختلف المجالات العسكرية".
وأضاف: "نحتاج إلى التدريب والدعم وخصوصا في مسألة مكافحة مخلفات الإرهابيين من الألغام والمتفجرات والتي ما تزال تعتبر تهديدا خطيرا على حياة العراقيين".