أخبار العراق
سياسة

مقتدى الصدر يواجه سخطًا شعبيًا متزايدًا في العراق

فارس العمران

عناصر من أصحاب 'القبعات الزرقاء' التابعين لمقتدى الصدر تنتشر في ساحة التحرير وسط بغداد في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 1 شباط/فبراير 2020.

عناصر من أصحاب 'القبعات الزرقاء' التابعين لمقتدى الصدر تنتشر في ساحة التحرير وسط بغداد في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 1 شباط/فبراير 2020.

أثارت الأفعال الأخيرة لرجل الدين مقتدى الصدر، بما في ذلك تغييره لموقفه من المظاهرات التي نظمت على مستوى البلاد والاعتداءات على المتظاهرين من خلال الميليشيات الخاضعة لسيطرته، أثارت سخطًا شعبيًا متزايدًا.

وقُتل وأُصيب العشرات يوم 5 شباط/فبراير الجاري عندما اقتحمت ميليشيات معروفة باسم "القبعات الزرقاء" تابعة للصدر الشوارع في مدينة النجف المقدسة لفض التظاهرات فيها.

وبحسب شهود عيان، فقد قامت هذه المجموعات بحرق خيام المتظاهرين وفتح الرصاص الحي وإلقاء القنابل اليدوية.

وشملت أعمال العنف محافظة كربلاء المجاورة والعاصمة بغداد، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات تظهر اعتداء ميليشيات الصدر على المتظاهرين سواء بضربهم بالعصي أو طعنهم بآلات حادة.

متظاهرون يخرجون للتظاهر في ساحة التحرير ببغداد يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. [ديارنا]

متظاهرون يخرجون للتظاهر في ساحة التحرير ببغداد يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. [ديارنا]

وقال متظاهر من بغداد طلب عدم الكشف عن هويته لديارنا إنه شاهد عددًا من زملائه في ساحة التحرير وهم يتعرضون للركل والضرب بالهراوات من قبل أنصار الصدر.

وأضاف "كان المعتدون من أصحاب القبعات الزرقاء وكانوا يحاولون السيطرة على ساحة التحرير وطرد المتظاهرين منها، ونجحوا في ذلك".

وردًا على ذلك، خرجت تظاهرات حاشدة منددة بالقمع الذي وصف بالوحشي، كما ندد ممثل للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني بالعنف ضد المتظاهرين، وذلك في خطبة صلاة الجمعة يوم 7 شباط/فبراير.

وقال السيستاني إن أعمال العنف "مؤلمة ومحزنة" لكن "لا غنى" عن القوى الأمنية الرسمية لتفادي "الوقوع في مهاوي الفوضى".

ودفعت قوة ردة الفعل هذه بالصدر إلى سحب أتباعه من ساحات التظاهر وتسليم مسؤولية حمايتها للقوات العراقية.

تغيير الموقف

وقبل هذه الأحداث، كان الصدر قد أظهر في بادئ الأمر دعمه للمظاهرات وأعلن عن تشكيل مجموعات "غير مسلحة" لتأمين المحتجين تحت اسم "القبعات الزرقاء".

وقال المحلل السياسي عبد القادر النايل إن "قناع الصدر قد سقط".

وأضاف في تصريح لديارنا أن "اعتداءات أتباعه دليل على إنه لم يكن أبدًا صادقًا، وأنه لا يبحث عن الإصلاح ونصرة مطالب المتظاهرين كما يدعي".

وأكد أن "هذا مجرد ستار يخفي وراءه نوياه للحصول على مزيد من المكاسب السياسية والمصالح الحزبية الضيقة".

وذكر أن حملات العنف الأخيرة "تكشف الوجه الحقيقي للصدر كزعيم ميليشيات خارجة على القانون تمارس القتل والاضطهاد".

وأوضح أنه على ما يبدو، فإن الصدر يريد اليوم ملء الفراغ الذي تركه قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني "حتى يتسنى له بسط نفوذه".

وشدد النايل "ينبغي محاسبة كل الميليشيات والتحرك لتقديمها للعدالة".

استياء عام

وبدوره، قال غازي فيصل حسين، مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إن "الناس غاضبون وهناك سخط من عنف ميليشيات الصدر".

"وأضاف في تصريح لديارنا أن أفعال أنصار الصدر تضمنت "التشهير والإساءة لشرف المتظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

وأكد أن "أي استهداف للمتظاهرين هو سلوك مرفوض ومخالف للقانون والدستور الذي يكفل للمواطنين حرية التظاهر".

وأوضح أنه بموجب القانون العراقي، يسمح للمتظاهرين بالتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية التي يواجهونها وتهديدات الميليشيات المدعومة من إيران لبنية الدولة.

وذكر أن "الصدر الذي دعم التظاهرات الشعبية لديه كتلة سياسية وهي سائرون، وهناك ملاحظات كثيرة بشأن شراكتها في تقاسم المصالح الاقتصادية مع بقية الأحزاب والميليشيات الأخرى".

وتابع أن "هناك حديثًا عن علاقات وثيقة تجمع الصدر بإيران وبحزب الله، وعلامات استفهام كثيرة بشأن دور التيار الصدري الذي يتحمل هو أيضًا المسؤولية عن النتائج الكارثية التي وصل إليها البلد".

ونوّه إلى أن "مرجعية النجف أعلنت في أكثر من مرة تأييدها للمظاهرات ورفضها الشديد لمحاولات قمعها من قبل الميليشيات".

واستدرك أن "انتقادات العنف ضد المظاهرات الصادرة من النجف تتزايد، فضلًا عن الدعوات للقوات الأمنية للقيام بواجباتها والكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم".

الصدر 'أداة إيرانية'

من جانبه، قال الخبير الأمني حاتم الفلاحي في حديث لديارنا إن الأحداث الدموية في النجف والتجاوزات الخطيرة لأتباع الصدر "أكدت تبعية الصدر للمشروع الإيراني".

وأضاف أن الصدر "أداة من أدوات إيران".

وتابع أن "النظام الإيراني يريد من الصدر زعامة المشهدين السياسي والأمني من خلال ميليشياته والتحرك لإنهاء الاحتجاجات باستخدام القوة المفرطة".

وأوضح أن الاجتماع الذي عقد في مدينة قم الإيرانية يوم 13 كانون الثاني/يناير بحضور زعماء الميليشيات العراقية المدعومة إيرانيًا، والذي حضره الصدر، "حدد ملامح هذا التوجه".

وذكر أن "الإيرانيين يسعون لجمع الميليشيات العراقية وتقديمها كأدوات للصدر حتى يتسنى له تعزيز قوته".

وأشار الفلاحي أن "عناصر من ميليشيات تابعة لحزب الله العراقي وحركة حزب الله النجباء وكتائب الإمام علي شاركوا إلى جانب أصحاب القبعات الزرقاء في حملات القمع الأخيرة للمتظاهرين".

وعبّر عن شكوكه في قرار الصدر يوم 12 فبراير/شباط بحل القبعات الزرقاء، مبينًا أن الصدر "كان قد أصدر قرارات عديدة بحّل وتجميد ميليشياته ليعيد تشكيلها بمسميات أخرى".

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

حسبنا الله ونعم الوكيل

الرد