لقي عشرات المقاتلين والمدنيين مصرعهم بمحافظة إدلب السورية لمّا شنت الحكومة غارة قاتلة الخميس، 16 كانون الثاني/يناير على بلدة رئيسية في آخر معقل للمعارضة بالبلاد.
وجاءت أحداث العنف الأخيرة عقب غارات جوية أدت إلى مقتل 18 مدنيا الأربعاء، لتقوض اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه روسيا وتركيا التي تدعم المعارضة والذي لم ينفذ في الواقع.
رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان قال "اندلعت الاشتباكات نحو منتصف الليل الأربعاء جنوب مدينة معرة النعمان، ورافقها قصف مكثف رغم الهدنة الروسية-التركية".
وقُتل على الأقل 22 مقاتلا معاديا للحكومة، معظمهم من أعضاء التحالف المتطرف تحرير الشام.
كما قتل سبعة عشر من جنود الحكومة والمليشيات المتحالفة في الاشتباكات، وفق المرصد.
وأوضح عبد الرحمن أن القوات الحكومية أصبحت الآن على بعد سبعة كيلومترات فقط من معرة النعمان، وهي المدينة التي كانت أحد معاقل الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد.
وبعد حوالي تسع سنوات من الصراع، لا تزال الاحتجاجات ضد الحكومة قائمة في بعض مدن المحافظة.
ففي مدينة إدلب نفسها، قُتل 18 مدنيا وأصيب آخرون في غارات جوية روسية وسورية الأربعاء، حسب المرصد.
القصف ضرب العديد من المباني في منطقة صناعية فنسفتها وطوقت العديد من السيارات، مُخلّفة أجسادا محترقة للسائقين المحاصرين في الداخل.
'أين المفر'
مصطفى، صاحب محل للإصلاحات في المنطقة، كان محظوظا للنجاة بحياته. وقال إنه ترك المتجر للتو لإحضار قطع غيار.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إنه عاد ليجد متجره مدمرا وعماله الأربعة تحت الأنقاض. ولم يتضح فورا إن كانوا على قيد الحياة.
وقال مصطفى والدموع تنهمر على وجهه "ليس هذا هو الحي الذي تركته قبل دقيقتين".
ووقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الجيش الروسي الأحد ينضم لقائمة طويلة من المبادرات التي لم تُعمّر طويلا أو وُلدت ميتة للحد من العنف في سوريا.
ساري بيطار، مهندس، 32 سنة، يعيش في مدينة إدلب، قال "نعيش هنا دون أن نعرف إن كانت هناك هدنة حقيقية أو في الإعلام فقط. فعلى الميدان، ليست هناك هدنة. الناس خائفون والأسواق خالية".
وأردف "كباقي الناس، لا يمكنني البقاء في منطقة ستزحف فيها قوات النظام وروسيا والميليشيات الإيرانية".
وقال بيطار "المشكلة الوحيدة هي أنه لا يوجد مكان للذهاب إليه"، مضيفا "سوريا هي الآن منحصرة في هذه المنطقة الجغرافية".
وتعتبر محافظة إدلب منطقة مسدودة بالنسبة للنازحين من الأجزاء الأخرى من البلاد التي كانت خاضعة للمعارضة والتي استعادتها القوات الحكومية.
وتعرضت إدلب في الأسابيع الأخيرة لقصف متزايد، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص في المحافظة الشمالية الغربية التي تضم نحو ثلاثة ملايين شخص.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه منذ 1 كانون الأول/ديسمبر وحده، ترك حوالي 350 ألف شخص منازلهم، وتوجهوا أساسا نحو الشمال من إدلب الجنوبية التي تحمل حرائق الغارات الجوية.