قتل ما لا يقل عن 8 أشخاص بينهم 5 أطفال يوم الثلاثاء، 24 كانون الأول/ديسمبر، في غارات جوية روسية في شمالي غربي سوريا، في ظل مناشدات فرنسية وتركية لوقف أعمال العنف التي أجبرت الآلاف على الفرار.
استهدف قصف عنيف من النظام السوري والقوات الروسية محافظة إدلب الخاضعة للمتطرفين منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، في ظل تقدم منتظم لقوات النظام على الأرض بالرغم من وقف إطلاق نار أعلن في آب/أغسطس الماضي ودعوات أممية لإلغاء التصعيد.
وقد قتل نحو 80 مدنيا بغارات جوية وهجمات المدفعية خلال الفترة نفسها، بحسب ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي قدّر عدد من نزحوا خلال الأسابيع الماضية بأكثر من 40 ألف شخص.
وأكدت تركيا يوم الثلاثاء على "ضرورة وقف هذه الهجمات على الفور"، بعد إرسال وفد إلى موسكو للبحث في هذه التصعيد.
وذكرت أنها تتواصل مع روسيا بهدف التوصل إلى إطلاق نار جديد يحل محل اتفاق الهدنة الذي عقد في آب/أغسطس.
وقال ابراهيم قالين المتحدث باسم الرئاسة في مؤتمر صحافي متلفز، "إننا نتابع العملية عن كثب لوقف الهجمات، ويجب أن تتوقف هذه الأخيرة على الفور بموجب وقف إطلاق نار جديد. هذا هو توقعنا الأساسي من الجانب الروسي".
ومن جهتها، دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى "إلغاء تصعيد فوري".
وذكرت في بيان أن "الهجوم العسكري الذي شنه النظام في دمشق وحلفاؤه يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية" في إدلب.
وقال المرصد إن الغارات التي نفذت يوم الثلاثاء استهدفت قرية جوباس بالقرب من مدينة سراقب في جنوب إدلب، مما أدى إلى مقتل مدنيين كانوا مختبئين في مدرسة مجاورة.
وذكر مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن موقع الهجوم كان مليئا بالخيام المدمرة والحطام.
ووسط الدمار، قال حسن الذي كان يقيم في ملجأ مؤقت، إنه كان يحاول المغادرة عندما وقع الهجوم.
وأوضح "ضربتنا غارة جوية فيما كنا نضع أمتعتنا في السيارة".
هجوم بري
ويوم الثلاثاء، دانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أعمال العنف في آخر معقل للمعارضة في سوريا.
وقالت في بيان إن "الأطفال يتحملون وطأة العنف المتصاعد في شمالي غربي سوريا".
ومنذ الخميس، 19 كانون الأول/ديسمبر، بسطت قوات النظام سيطرتها على عشرات المدن والقرى في جنوبي إدلب، عقب معارك مع متطرفيين.
وأشار المرصد إلى أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 260 مقاتلا من الطرفين.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن قوات النظام باتت متواجدة على بعد أقل من 4 كيلومترات من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية.
وفي بيان نشر يوم الثلاثاء، أعلن الجيش السوري أنه سيطر خلال الأيام القليلة الماضية على 320 كيلومترا مربعا من الأراضي التي كانت خاضعة لأخصامه.
وفي هذا الإطار، هرب آلاف الأهالي من معرة النعمان شمالا باتجاه الحدود التركية، متخوفين من تقدم إضافي لقوات النظام من الجنوب.
وقال أبو أحمد "لم أتوقع أن أضطر للمغادرة"، مخرجا رأسه من الشاحنة الصغيرة التي استقلها مع عائلته للانتقال إلى مخيم للنازحين.
وأضاف الرجل وهو أب لعشرة أولاد، "هذا موطني، هنا ترعرعت".
مساعدات لإنقاذ الأرواح
يُذكر أن إدلب خاضعة لهيئة تحرير الشام المتطرفة، التي كانت سابقا تابعة لتنظيم القاعدة.
وقال زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني في بيان صدر يوم الثلاثاء، إن الحرب في سوريا اليوم لم تعد ضد النظام وحده، بل أصبحت أيضا ضد مؤيديه، أي روسيا وإيران اللتين تسعيان إلى احتلال البلاد.
وتضم إدلب نحو 3 ملايين نسمة، بينهم العديد من النازحين الذين تركوا ديارهم جراء أعمال عنف تدوم منذ سنوات في مناطق أخرى من سوريا.
وتأتي موجة العنف الأخيرة هذه، بعد أن مارست روسيا والصين يوم الجمعة حق النقض في قرار لمجلس الأمن الدولي كان من شأنه تمديد عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود لـ 4 ملايين سوري، معظمهم في إدلب، بسنة واحدة.
وأثارت هذه الخطوة مخاوف بشأن إمكانية توقف وصول المساعدات الحيوية الممولة من الأمم المتحدة إلى المناطق السورية الخاضعة للمعارضة ابتداء من شهر كانون الثاني/يناير، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بديل.
ودعت فرنسا يوم الثلاثاء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ولا سيما روسيا والصين، إلى تجديد القرار المذكور.
وأعلنت وزارة الخارجية في بيان، "بات من الضرورة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للأمم المتحدة، أن تحافظ على إمكانية وصول مباشرة وفعالة بأكبر قدر ممكن إلى المجتمعات المحتاجة عبر ضمان تأمين الدعم عبر الحدود".