تعرضت القوات المسلحة الروسية، التي شوهت سمعتها جراء سلسلة من الحوادث القاتلة، لنكسة أخرى بعد اندلاع حريق يوم الخميس، 12 كانون الأول/ديسمبر، على متن حاملة الطائرات الوحيدة بالبلاد.
وكانت الحاملة، وهي أدميرال كوزنتسوف، تجري إصلاحات لفترة تجاوزت العامين في مورمانسك، كما كانت قد تعرضت لأضرار سابقة في تشرين الأول/أكتوبر 2018 حين تحطمت رافعة على سطحها.
وقد نقلت وكالة ريا نوفوستي الوطنية للأنباء عن مصدر في حوض بناء السفن في زفيزدوتشكا قوله إن الحريق اندلع خلال عمليات اللحام.
وأفادت السلطات عن وقوع 12 إصابة على الأقل، منها 6 حالات استلزمت النقل للعناية المركزة، وذلك وفقًا لوسائل الإعلام الروسية. وحتى الآن، تم الإبلاغ عن وقوع حالة وفاة واحدة.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية تاس عن الناطق باسم حوض بناء السفن في زفيزدوتشكا قوله إن أكثر من 400 شخص كانوا على متن الحاملة عند اندلاع الحريق.
ووفقًا لوكالة إنترفاكس، فقد انتشر الحريق بمنطقة تزيد مساحتها عن 600 متر مربع.
وكانت الحاملة أدميرال كوزنتسوف، التي تم تدشينها عام 1985 وتعد السفينة الرئيسية في البحرية الروسية، تجري أولى إصلاحاتها الرئيسية منذ 1997.
وكان من المتوقع إنجاز الإصلاحات بنهاية عام 2020، على أن تنضم الحاملة مجددا للأسطول في عام 2021.
وكانت عمليات الانتشار الأخيرة للحاملة قد تمت لمساعدة حلفاء لروسيا مثيرين للجدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
حيث كان الكرملين قد أرسل الحاملة إلى البحر المتوسط عام 2016 وأوائل عام 2017 لضرب أهداف في سوريا التي يرأسها بشار الأسد حليف روسيا.
وقادت الحاملة مجموعة من السفن البحرية قبالة الساحل السوري، وقامت مقاتلات من الحاملة بضرب أكثر من 1200 هدف أثناء تلك المهمة.
وذكر تقرير صدر في 30 أيلول/سبتمبر أن العمليات العسكرية الروسية في سوريا قد أسفرت عن مقتل أكثر من 6500 مدني منذ عام 2015، من بينهم 1928 طفلا و 908 امرأة، وذلك بحسب الأدلة التي جمعها نشطاء سوريون على الأرض.
كما أن الحاملة توقفت قبالة ساحل ليبيا في كانون الثاني/يناير 2017 لنقل رجل ليبيا القوي الجنرال خليفة حفتر الذي تشير التقارير إلى أن روسيا دعمته في الحرب الأهلية المندلعة منذ فترة طويلة في ذلك البلد.
وقد تعرضت الناقلة لعدة مشكلات أثناء تلك المهمة، منها تحطم مقاتلة طراز سوخوي في البحر بعد محاولتها الهبوط على متن الحاملة.
وكان من المقرر أن تركز الإصلاحات والترقيات، التي تشير التقارير إلى أن كلفتها تصل إلى 62 مليار روبل روسي (1 مليار دولار أميركي)، على محطة توليد الكهرباء بالسفينة والأنظمة الإلكترونية على متنها.
هذا وقد أثار انهيار الرافعة على سطح السفينة في العام الماضي، والذي أسفر عن مقتل عامل واحد وتسبب في أضرار جسيمة، مخاوف من أن يتم تأجيل العمل وأن تخرج الحاملة للقيام بالعمليات بعد الموعد النهائي في 2021.
يذكر أن الأسطول الروسي يواجه مشكلات في التمويل الحكومي وأحواض بناء السفن القديمة وتأخيرات في بيانات شراء سفن جديدة.
وفي الأعوام الستة الماضية، تم الإبلاغ عن ثلاثة حرائق على متن غواصات أثناء إجراء إصلاحات بها.
وكان من المفترض أن تكون الحاملة الأدميرال كوزنتسوف الأولى في أسطول جديد من حاملات الطائرات السوفيتية، لكن البحرية الروسية واجهت انخفاضا كبيرا في التمويل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
يذكر أن الاتحاد السوفيتي كان لديه خمس حاملات طائرات في أوج قوته.
العديد من الكوارث العسكرية
ويعد الحريق الذي وقع يوم 12 كانون الأول/ديسمبر واحدا في سلسلة من الكوارث والحوادث التي تعرضت لها القوات المسلحة بالبلاد، ما أثار المخاوف المتزايدة بشأن أنظمة الدفاع الروسية.
ففي 8 آب/أغسطس، وقع انفجار في مدينة ساروف المغلقة بمقاطعة نيجني نوفغورود على بعد حوالي 500 كيلومتر شرق موسكو، وذلك أثناء تجربة صاروخ يعمل بالطاقة النووية، ما أسفر عن مقتل خمسة من العاملين وإطلاق مستويات إشعاعية مرتفعة.
وفي وقت سابق من شهر آب/أغسطس، تعرضت مدينة آشنسك بمقاطعة كراسنويارسك، لانفجارات امتدت لعدة أيام في مستودع للذخيرة.
وقد أسفر الانفجار الأول الذي وقع يوم 5 آب/أغسطس عن مصرع شخص واحد، فيما أسفرت عدة انفجارات وقعت يوم 9 آب/أغسطس أثناء عملية لإزالة الألغام في نفس الموقع عن إصابة تسعة أشخاص على الأقل، وفقًا لوكالة يورو نيوز.
وفي هذه الأثناء، قتل 14 بحارا روسيا يوم 1 تموز/يوليو عند اندلاع حريق على متن غواصة عميقة في أقصى شمال البلاد، وفقًا لوزارة الدفاع.
ومن بين الضحايا الـ 14، كان سبعة منهم من كبار الضباط البحريين، ما يشير إلى أن السفينة لم تكن في مهمة عادية. ولا يعرف بعد عدد البحارة الذين كانوا على متن الغواصة.
هذا وقد نقلت صحيفة نوفايا غازيتا عن مصادر قولها إن الحادث وقع على متن غواصة نووية صغيرة طراز AS-12، التي تعرف أيضا باسم لوشاريك، القادرة على الغوص لأعماق كبيرة.
وفي آب/أغسطس 2000، غرقت الغواصة كورسك في بحر بارينتز، ما أسفر عن مقتل كل الأفراد على متنها وعددهم 118. وقد وجد تحقيق أجرى في الحادث أن طوربيدًا انفجر، ما أدى إلى تفجير كل الأخرى.
وفي ذلك الوقت، تعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي واصل عطلته لعدة أيام بعد الكارثة، للانتقاد بسبب استجابته.
وقد رفضت موسكو على نحو مثير للجدل عدة عروض أجنبية لتقديم المساعدة في جهود الإنقاذ.
وفي حادث آخر وقع عام 2008، لقي 20 روسيا، منهم 3 ضباط بحريين و17 مدنيا، مقتلهم جراء استنشاق الغاز السام بعد تشغيل نظام إطفاء الحرائق بصورة خاطئة على متن سفينة أثناء إجراء تجارب في بحر اليابان.
ثم في عام 2011، اندلعت النيران على متن واحدة من أكبر الغواصات الروسية، وهي الغواصة يكاترينبورغ، أثناء إجرائها لإصلاحات في حوض بمنطقة مورمانسك.
وفي وقت لاحق، قيل إن الغواصة كانت مسلحة بصواريخ نووية طويلة المدى عند اندلاع النيران بها.
’قطع أثرية للمتحف‘
هذا وتجد بلدان وسط آسيا، التي لديها علاقات سياسية وتاريخية طويلة الأمد مع روسيا، نفسها تمتلك معدات عسكرية مستعملة قدمها لها الكرملين.
حيث قال روسلان نازاروف، وهو محلل علاقات دولية في نور-سلطان، في شهر نيسان/أبريل إن "قرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان تستخدم بشكل رئيسي المعدات السوفيتية القديمة التي تبدو اليوم وكأنها قطع أثرية للمتحف".
كما حذر يوري بويتا، رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ في مركز دراسات الجيش والتحويل ونزع السلاح في كييف، أوكرانيا، من أن الأسلحة التي عفا عليها الزمن والتي كانت روسيا قد سلمتها إلى دول آسيا الوسطى من غير المرجح أن تساعدها في حالات الطوارئ الوطنية.
حيث قال بويتا في نيسان/أبريل أيضا "يمكن استخدام هذه الأسلحة بشكل ما بصورة فعالة في قتال محدود ومتوسط الشدة ضد القوات المسلحة للدول الضعيفة أو ضد الجماعات المسلحة غير القانونية".
لكنه أكد أن الدول الغربية تتمتع بميزة في المعايير العسكرية المعاصرة، مؤكدا الحاجة إلى "معدات [نظم] استخبارات حديثة وقيادة وسيطرة وإضاءة للأهداف ومركبات آلية غير مأهولة وأسلحة عالية الدقة".
ولتغطية أوجه القصور التي تعاني منها القوات المسلحة الروسية، فإنها تلجأ في كثير من الأحيان إلى ادعاءات العظمة المبالغ فيها.
ومن الأمثلة على ذلك، فقد تباهى بوتين العام الماضي في خطاب الأمة بأن روسيا قد طورت جيلا جديدا من الأسلحة "التي لا تقهر".