يتعرض الشباب في معقل المعارضة السابق بالغوطة الشرقية بريف دمشق لتضييق متزايد من النظام السوري على الرغم من الوعود التي قدمت بموجب اتفاقيات المصالحة التي أنهت القتال.
وكان مقاتلو المعارضة السابقون قد وضعوا أسلحتهم مقابل ضمان عدم تعرضهم للتوقيف، لكن النظام يصدر أوامر توقيف ويقوم باعتقال الشباب، بحسب نشطاء وسكان محليون.
الناشط محمد البيك، وهو من الغوطة الشرقية، قال لديارنا، إن مديرية المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري قد عممت قائمة اعتقال تضم أسماء عشرات الشبان من مناطق مختلفة في ريف دمشق.
وأضاف أن اللائحة عممت على القطعات العسكرية والدوائر الحكومية والمخاتير والحواجز الأمنية، بالإضافة إلى أوامر لأفراد قوات الأمن التابعة للنظام لتنفيذ الاعتقالات.
ولفت إلى الشبان الواردة أسمائهم في القائمة، الذين ينحدرون من مناطق مثل الغوطة الشرقية وحرستا، كان من المفترض أنهم مشمولون بالعفو بموجب اتفاق المصالحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عددًا كبيرًا منهم سبق أن تم استيعابه ضمن صفوف الفرقة الرابعة وبعض الميليشيات المحلية التابعة لقوات النظام، كما نقل قسم منهم إلى منطقة إدلب للمشاركة في القتال الدائر هناك، بحسب ما قال.
وأكد أن تعميم القائمة أدى إلى حالة من الاضطراب، مشيرًا إلى أنه بعد شيوع الخبر، فر عشرات الشبان من قطعاتهم العسكرية التي سبق والتحقوا بها.
وتابع البيك أن "الجميع متخوف من ارتفاع درجة التوتر وتكرار سيناريو ما يحدث في منطقة درعا".
يذكر أن محافظة درعا الجنوبية قد شهدت موجة من المظاهرات مدفوعة بالغضب الشعبي من النظام الذي يقوم باعتقالات تعسفية ضد شباب المنطقة.
وفي وسط هذه التوترات، تعرض عدد من جنود النظام للقتل أو الإصابة في هجمات مسلحة استهدفت مواقعهم ونقاطهم الأمنية.
مخالفة الوعود
ومن جهته، قال محسن النقري، وهو طالب بجامعة دمشق، في حديث لديارنا إن النظام السوري لم يف بأي بالتعهد الذي قطعه على نفسه أثناء مفاوضات المصالحة التي أدت إلى حل جميع الميليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها.
وأوضح أنه بالإضافة إلى الاعتقالات العشوائية والغياب الكامل للأمن والاستقرار، لم يتم ترميم البنى التحتية.
وتابع أن "هذا الأمر شكل عبأ كبيرًا على الأهالي الذين يضطرون لشراء مولدات الكهرباء ومياه الشرب".
وأكد أن أسعار الأغذية والمواد الأساسية لا تزال مرتفعة، كما أن النظام السوري "لا يفعل شيئًا للتدخل ووقف استغلال التجار للمدنيين".
وأشار النقري إلى أنه اضطر لدفع مبالغ كبيرة للحكومة لضمان عدم التعرض له حتى يستطيع الانتقال إلى العاصمة دمشق بحرية ليستأنف دراسته الجامعية بعد توقفه عنها لأربع سنوات تقريبًا بسبب الأوضاع الأمنية.
المدارس لا تزال مغلقة
بدوره، قال الناشط الإعلامي السابق أدهم الشريف الذي يعمل كمعلم حاليًا إنه على الرغم من وعود النظام بإعادة عمل المدارس بأسرع وقت ممكن، فإن معظم مدارس منطقة ريف دمشق لا تزال مغلقة.
وأضاف في حديث لديارنا أن "بعض المدارس لم يتم ترميمها إطلاقًا بعد تعرضها للدمار بسبب المعارك"، مشيرًا إلى أنه حتى المدارس التي لا تحتاج إلا لقدر بسيط من الترميم، بقيت هي أيضًا على حالها.
وتابع أن وزارة الكهرباء رفضت إعادة التيار الكهربائي إلى عشرات المدارس بحجة ضرورة ايفائها لفواتير الكهرباء التي تراكمت عليها خلال فترة الحرب.
وأوضح أن عددًا قليلًا جدًا من المدارس فتح أبوابه، لكن الكتب الدراسية والمستلزمات الأساسية غير متوفرة، كما أن رواتب المتعاقدين الجدد لا تتعدى 16 ألف ليرة سورية (31 دولارًا أميركيًا).
وأشار إلى أن رواتب العاملين الحاليين لا تتعدى 40 ألف ليرة سورية (77 دولارًا أميركيًا)، وهي مبالغ لا تكفي أية أسرة إلا أيامًا معدودة بسبب انهيار قيمة الليرة وارتفاع أسعار السلع بصورة كبيرة.