تلقى المواطنون العراقيون ونوابهم التهديدات الإيرانية بتحويل العراق إلى ساحة قتال برفض عارم، معربين لديارنا عن رغبتهم بأن تكف إيران عن التدخل في الشؤون العراقية.
وكان إيرج مسجدي، السفير الإيراني في العراق والجنرال السابق في فيلق الحرس الثوري الإيراني والمستشار السابق لقائد قوة القدس قاسم سليماني، قد وجه في مقابلة تلفزيونية جرت يوم 26 أيلول/سبتمبر الماضي تهديدا إلى الولايات المتحدة.
وقال في مقابلة مع قناة دجلة العراقية، إذا ما تعرضت إيران لهجوم من الولايات المتحدة فستقصف طهران القوات الأميركية في أي مكان تتمركز فيه بما في ذلك العراق.
وأضاف أن الرد الإيراني على هجوم كهذا سيشمل أيضا ردا من "جميع الذين يحبون إيران" كالميليشيات العراقية المدعومة من إيران التي تقاتل تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، أو حزب الله أو الحوثيين (أنصار الله).
ولم تتأخر ردة الفعل العراقية على هذا الكلام.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، أن "الأراضي العراقية خط أحمر" ، مشددا على أن العراق "لن يسمح باستهداف المصالح الأميركية على أراضيه".
وتابع أن العراق "لن يتحول إلى منصة للاعتداء على دول مجاورة".
وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني احتجاجا على التهديد الذي وجهه إلى القوات الأميركية العاملة تحت إدارة السلطات العراقية كجزء من التحالف الدولي.
وتؤمن هذه القوات التدريب والمشورة للجنود العراقيين في معركتهم المستمرة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
التهديدات الإيرانية تزعزع الاستقرار في العراق
وفي السياق نفسه، قال نائب وزير الخارجية العراقي السابق عبد الكريم هاشم مصطفى، إنه يجب ألا يستخدم العراق "كممر أو منصة لشن أي عدوان يضر بالدول المجاورة أو بأصدقاء العراق في المنطقة وحول العالم".
أما النائب العراقي طه اللهيبي، فرفض رفضا قاطعا تصريحات مسجدي معتبرا أن إيران تواصل عبرها التهديد بزعزعة استقرار العراق وتعريض أمنه للخطر.
وأكد اللهيبي لديارنا أن النظام الإيراني يكشف مرة أخرى أنه "لا يكترث بالأعراف الدبلوماسية وبالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على احترام سيادة البلدان".
وتابع أنه بدلا عن ذلك، يواصل التدخل في شؤونهم الداخلية وحقهم بتقرير مصيرهم، مضيفا أن النظام الإيراني يصر على "إيذاء العراقيين وتعريض حياتهم للخطر عبر انتهاك سيادتهم".
وأوضح أن الجمهورية الإيرانية دأبت على السعي لتحويل الأراضي العراقية "إلى مكان لتصفية الحسابات والاعتداء على الدول الإقليمية ومصالحها".
استخدام الميليشيات كبيادق
ولفت اللهيبي إلى أن الدعم الذي يقدمه الحرس الثوري الإيراني للميليشيات العراقية، يهدف إلى إثارة الفتنة في العراق وجر المنطقة إلى "الحروب والعنف والنزاعات الطائفية".
وشدد أن "على وكلاء إيران وأذرعها في العراق إدراك أنها تخدم نظاما يقتل الشعب العراقي، وهو يستخدمها كوقود لإحراق البلد والمنطقة".
وتابع أن "دفاعها عن هذا النظام ومصالحه يجب أن يتوقف".
من جانبه، ذكر المحلل السياسي، علاء النشوع، أن "تصريحات مسجدي تثبت أن إيران لا تنظر إلى العراق كدولة مستقلة تأخذ قراراتها بنفسها".
وأضاف أن النظام الإيراني يعمل منذ سنوات على تقويض إرادة العراق وسيادته ومحاولة التحكم بقراراته.
وأردف أن تهديد الحرس الثوري الإيراني وأذرعه للقوات الأميركية والبعثات والمصالح الدولية في العراق ودول الجوار، يندرج ضمن سياسة "صناعة الفوضى" التي تتبناها إيران.
ولفت إلى أن النظام الإيراني يهدف من وراء ذلك إلى تخفيف الضغط الاقتصادي عن بلاده.
العراقيون يرفضون التدخلات الإيرانية
وأكد النشوع أن إيران تسعى إلى إضعاف العراق والتأثير سلبا على مؤسساته خصوصا الأمنية والعسكرية، مقابل تقوية ميليشياتها وتشجيعها على التمرد وتحدي قرارات الحكومة وتوجيهاتها.
وأضاف: "لطالما أعرب العراقيون عن رفضهم وانزعاجهم من أنشطة إيران التخريبية، وتحركها الحثيث لتعكير استقرار بلادهم وزجها في الحروب والنزاعات".
ودان المحلل السياسي ورئيس رابطة مثقفي قبيلة شمر، عادل الأشرم بن عمار، أي انتهاك يمس سيادة بلاده معبرا عن رفضه القاطع للتهديد الإيراني الأخير.
وذكر لديارنا أن هذا التهديد يشكل "سابقة خطيرة على مستوى العلاقات الدبلوماسية"، لافتا إلى أنه "يعبر تعبيرا واضحا عن سعي إيران لتدمير العراق والسيطرة عليه".
وأشار إلى أن "احتجاجات العراقيين الأخيرة عكست الاستياء الشعبي من تدخلات إيران ومن ميليشياتها التي تعبث بأمنهم وتسرق ثرواتهم وتنشر الفوضى والخراب في جميع أنحاء البلاد".
معرفا عن نفسه بـ أبو علي، أعرب المواطن من بغداد لديارنا عن تأييده لجهود حكومة بلاده في الدفاع عن سيادتها وعدم السماح بأي تدخل في شؤونها.
وتابع: "نرفض التهديدات الإيرانية، ونقف مع أي اجراء حكومي يتخذ بهذا الشأن".
وختم قائلا إن الشعب العراقي "ضاق ذرعا من التغلغل الإيراني، ولا يريد التورط في حروب بالوكالة يدفع ثمنها غاليا من دماء أبنائه واقتصاده ومستقبله".