أخبار العراق
إرهاب

الألغام تحول المزارع إلى ساحات قتل في بيجي

وكالة الصحافة الفرنسية

عمال عراقيون مسؤولون عن إزالة الألغام وتابعون لمنظمة "هالو تراست" المتخصصة في إزالة الألغام، يستعدون لمسح الحقول الزراعية والصناعية في 25 آب/أغسطس بالقرب من بيجي التي تعد منطقة غنية بالنفط دمرتها المعارك ضد داعش في العام 2014. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

عمال عراقيون مسؤولون عن إزالة الألغام وتابعون لمنظمة "هالو تراست" المتخصصة في إزالة الألغام، يستعدون لمسح الحقول الزراعية والصناعية في 25 آب/أغسطس بالقرب من بيجي التي تعد منطقة غنية بالنفط دمرتها المعارك ضد داعش في العام 2014. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

خسر أحد الرجال عمه. ورجل آخر في حالة حداد على نجليه. يقول مزارعو ورعاة بلدة بيجي العراقية إن الألغام التي خلفها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) حولت مزارعهم العزيزة إلى حقول قتل.

وإن العبوات الناسفة التي زرعها عناصر داعش لعرقلة تقدم القوات العراقية في العام 2015، أثنت أيضا أعدادا كبيرة من العائلات عن العودة إلى بلداتهم الزراعية المدمرة والمحيطة ببيجي شمالي البلاد.

وقال أبو بشير وهو أحد المسؤولين المحليين "لا تزال أشباح داعش هنا. وجرائمهم لا تزال هنا مدفونة تحت الأرض".

وارتسمت على وجهه تعابير حزن عندما تذكر خسارته الشخصية أمام هذه "الأشباح"، وهي خسارة متمثلة بنجليه.

أفراد من منظمة الصحة والرعاية الاجتماعية في العراق يعقدون في 25 آب/أغسطس جلسات توعية للطلاب في بيجي العراقية، حول حقول الألغام وطرق الحماية من المواد المفخخة المحتملة. وقد زرعت داعش مئات العبوات الناسفة كآلية دفاعية في الحقول المحيطة ببيجي، وهي ألغام لا تزال منظمة هالو تراست تحاول إزالتها اليوم. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

أفراد من منظمة الصحة والرعاية الاجتماعية في العراق يعقدون في 25 آب/أغسطس جلسات توعية للطلاب في بيجي العراقية، حول حقول الألغام وطرق الحماية من المواد المفخخة المحتملة. وقد زرعت داعش مئات العبوات الناسفة كآلية دفاعية في الحقول المحيطة ببيجي، وهي ألغام لا تزال منظمة هالو تراست تحاول إزالتها اليوم. [صباح عرار/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأوضح "عدنا في آذار/مارس 2018 ووجدنا المنطقة مزروعة بالمتفجرات. لم يكن هناك أي مكان نشعر فيه بالأمان".

وأضاف "كان الأولاد يلعبون، وإذ بقنبلة تنفجر تحت ابني البالغ من العمر 6 سنوات والذي كان خارج المنزل. قتل على الفور".

وبعد مرور سنة واحدة بالتحديد، أي في آذار/مارس من العام الجاري، أدى أيضا انفجار عبوة ناسفة إلى مقتل ابني البالغ من العمر 18 سنة.

وأشار إلى أن هذه التجربة أثرت فيه كثيرا، بحيث لم يحاول إعادة إعمار منزله الذي كان قد تحول إلى أنقاض جراء المعارك العنيفة بين داعش وقوات الأمن.

وتابع "يقول مثل إن الرجل الذي عضه ثعبان سيخاف من مجرد حبل. وأنا اليوم أخاف من كل شيء بعد أن قتل والدي".

ʼهذه الأرض غالية جداʻ

ولهيب، 21 عاما، هو أيضا من الأشخاص الذين طالهم الإرث القاتل لتنظيم داعش.

وقال "استعدنا منازلنا، لكن مخلفات الحرب لا تزال هنا. تركت لنا داعش منازل مفخخة".

وأضاف "انفجر أحد هذه المنازل في عمي، رأيت ذلك بعيني".

ودفعته هذه التجربة المريرة إلى الالتحاق بمنظمة "هالو تراست" غير الربحية التي تعمل على نزع الألغام غير المنفجرة في بيجي منذ حزيران/يونيو الماضي، وذلك في إطار عمل دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (يو أن ماس).

وفي ظل درجات حرارة بلغت 50 درجة مئوية، تفقد العاملون في "هالو تراست" حقلا بالقرب من بيجي بحثا عن مخلفات خاصة بتنظيم داعش، وهي عبارة عن علب بلاستيكية مفخخة ومزودة بألواح ضغط.

وبدا أن الألغام قد زرعت في صفوف طويلة موازية لممر رئيسي، وذلك لعرقلة تقدم القوات العراقية.

واستخدم العاملون حفارات لتحديد مواقع الألغام، قبل تفكيكها بصورة آلية بحيث تتمكن القوات العراقية من التخلص من مكوناتها.

وقال لهيب "عندما نتحدث كأصدقاء، يكون من الواضح أن جميعنا رأى الظلم والانفجارات. ولهذا السبب نقوم بهذا العمل".

وفي بيجي وحدها، تمت إزالة 340 لغما منذ انطلاق عمليات "يو أن ماس"، مع اكتشاف جحتى 25 عبوة ناسفة يوميا.

وتقول دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام إن حجم وتعقيد انتشار العبوات الناسفة في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش، يعد ظاهرة "غير مسبوقة"، حيث تم تلوين أسلاك التعثر لإخفائها في محيطها وتم حتى تفخيخ العملة العراقية.

في هذا السياق، قال أبو محمد وهو أيضا من المسؤولين المحليين، إن الخوف من المخاطر غير المكتشفة، أبقى نحو 100 عائلة بعيدة عن المنطقة.

ولفت إلى أن "الناس يريدون العودة والعيش في منازلهم وممارسة حياتهم الطبيعية، ولكن عندما يرون أن فلانا انفجرت فيه عبوة، أو فلانا قتل، يبقون بعيدين".

وتابع "هذه الأرض غالية جدا بالنسبة لنا، ونأمل ألا تشهد مثل هذه الأمور، كخسارة أحبابنا وأطفالنا ومنازلنا".

أرض مدمرة

وفي هذا الإطار، ذكرت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 2250 شخص لا يزالون نازحين خارج بيجي.

وتبدو وتيرة عودة النازحين أسرع، علما أن نحو 15000 شخص قد عادوا إلى ديارهم منذ كانون الأول/ديسمبر.

ولكن تعود الغالبية إلى أرض مدمرة بالكامل.

فباتت مدينة بيجي متاهة من المباني المهجورة في غالبيتها، ولا تزال مليئة بالحفر والثقوب التي خلفها الرصاص.

وتظهر العصي الحديدية الملتوية من تحت الأنقاض كأرجل العنكبوت المكسرة.

وتأمل دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام بأن تسمح إزالة المتفجرات التي زرعتها داعش، بإعادة إعمار بيجي.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500