أعلن العراق صراحة أن محاكمة العناصر الأجانب في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ستتم وفق القوانين الوطنية.
ومنذ العام 2018، أصدرت المحاكم العراقية أحكاما مختلفة بحق 514 شخصا أجبنيا من رجال ونساء، بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش والعمل لحسابه.
ومن بين هذه الأحكام 11 حكما بالإعدام أثارت حفيظة بعض المنظمات الدولية والحقوقيين، علما أنه حتى تاريخه لم تنفذ أي عقوبة بالإعدام صدرت بحق أجنبي.
وقال رئيس جمعية الثقافة القانونية طارق حرب في حديث لديارنا إن "من حق أي جهة إبداء ملاحظاتها والاعتراض على الأحكام، لكننا وبالمقابل نؤكد أن عقوبة الإعدام مقرة بالقانون العراقي".
وأوضح أن عقوبات الإعدام صدرت بحق أجانب في بعض الحالات لأنهم "ارتكبوا أعمالا إرهابية داخل الأراضي العراقية راح ضحيتها عراقيون".
وأشار حرب إلى أن "أي أجنبي يرتكب جرما ما في أي دولة يحاكم من قبل المؤسسة القضائية في تلك الدولة، وهذا عرف قانوني مثبت دوليا"، مؤكدا أن المتهمين الأجانب يعاملون كنظرائهم العراقيين.
وأضاف أن من يمثلون أمام المحاكم بتهم مرتبطة بالإرهاب "يخضعون للمحاكة استنادا إلى أحكام القوانين العراقية"، وبينها قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 وقانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم 111 لعام 1969.
وتابع حرب أن العقوبات تصدر بناء على طبيعة الجرم المرتكب ونوعه، إضافة إلى الأضرار الناجمة عنه.
لا تمييز أمام القانون العراقي
من جهته، اعتبر الخبير في العلوم السياسية عصام الفيلي في حديث لديارنا أن محاكمات العناصر الأجانب التابعين لداعش في العراق تتم "وفق إجراءات قانونية أصولية" بدءا من مرحلة التحقيق وحتى النطق بالحكم.
وأوضح أن "جميع الاعترافات التي يدلي بها المتهمون يجري مطابقتها مع أقوال الشهود وإفادات شركائهم (في الجريمة)".
وتابع أن "عملية التحقيق تتضمن قيام المتهم بإجراء كشف الدلالة لبيان كيفية اقترافه للجرم على المسرح الحقيقي للجريمة، ومن ثم يعرض على القضاء".
ولفت الفيلي إلى أن "كل متهم يسمح له بتوكيل محام أو تقوم المحكمة بانتداب محامي دفاع عنه وينظر القاضي في أوراق قضيته ويراجعها مرارا وتكرارا قبل إصدار حكمه".
وأشار إلى أنه حتى بعد صدور الأحكام عن المحكمة فهي لا تنفذ مباشرة، إذ أن هناك محكمة تمييز تتولى المصادقة على العقوبات أو تخفيضها أو إعادة المحاكمة في حال وجدت أن الأدلة غير كافية.
وشدد الفيلي على أن القانون العراقي "لا يميز بين عراقي أو أجنبي متهم بجريمة إرهابية أو جنائية على الأراضي العراقية"، مضيفا أن عقوبة الإعدام تطال أي مدان بجريمة قتل.
’المؤسسة القضائية العراقية عريقة‘
وذكّر الفيلي بأن العديد من العناصر الأجانب سافروا إلى العراق وارتكبوا فظاعات على أرضه، وهم اليوم يعاقبون على جرائمهم.
وأردف أن المحاكمات العراقية تأتي في وقت ترفض فيه بعض الدول استلام مواطنيها المتهمين بالإرهاب.
وفي مطلع حزيران/يونيو الفائت، اقترحت دولا أوروبية عدة تشكيل محكمة دولية في العراق لمحاكمة عناصر داعش الأجانب.
لكن بعض المراقبين أقروا بصعوبة تطبيق هذا الاقتراح، متسائلين عن القوانين التي سيتم تطبيقها في هذه الحالات. وأعربوا أيضا عن خشيتهم من أن يؤدي هذا الأمر إلى محاكمات طويلة الأمد أو إلى إفلات المجرمين من العدالة.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الأمن في مجلس محافظة الأنبار نعيم الكعود أن فكرة إنشاء تلك المحكمة "قد لا تبدو مقبولة من العراق لأمور تتعلق بسيادة القضاء العراقي واستقلاليته".
وذكر أن "المؤسسة القضائية العراقية عريقة ولها سجل طويل من المحاكمات المشهود لها بالنزاهة والإنصاف على المستوى الدولي".
وختم قائلا "قضاؤنا يتعامل بشفافية وعدالة حتى مع هؤلاء الإرهابيين الذين ترفضهم دولهم نتيجة بشاعة جرائمهم وخشيتها على سلامة وأمن مجتمعاتها".