أكد مسؤولون محليون لديارنا أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) دأب على استهداف المخاتير الذين غالبا ما يشكلون خط الدفاع الأول عن مجتمعاتهم، وذلك في محاولة لمنعهم من تأدية واجباتهم.
وبصفتهم شخصيات تدير بلدة أو حيا، تعاون المخاتير بشكل مكثف مع السلطات والقوات الأمنية لضمان عدم تسلل فلول داعش إلى مناطقهم.
وعلى الرغم من موجة الاعتداءات التي استهدفت منازلهم، يبقى المخاتير صامدين في وجه التنظيم.
وأكد أحد مخاتير الفلوجة الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، "لن تهزمنا داعش".
وقال لديارنا "قاومناه في أقسى الظروف وسنبقى نتحداه حتى القضاء عليه"، مضيفا "قواتنا دحرت جيوب الإرهاب ولن نتخلى عن واجبنا في توفير الدعم المعلوماتي لها".
من جانبه، لفت عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى حسن شبيب إلى أن العنف ضد المخاتير ليس جديدا، إذ سبق لداعش أن استهدفتهم في السنوات الماضية.
وأوضح لديارنا أن "عودة هذا الخطر وبهذه الوتيرة يؤكد أن التنظيم يشعر بخطر شديد مع سقوط عناصره الواحد تلو الآخر بسبب النشاط الإستخباراتي للمخاتير".
المخاتير يلعبون دورا أكبر
وأكد شبيب أن المخاتير يسعون للاضطلاع بدور أمني أكبر، إلى جانب واجباتهم الرئيسية التي تشمل مراقبة الغرباء ورصد التحركات المشبوهة في القرى والأحياء التي تقع ضمن نطاق مسؤوليتهم.
وأشار إلى أن بعضهم بادر إلى إجراء مسوحات ميدانية لعدد أفراد العائلات في كل منزل.
وذكر أنهم يقدمون للقوات الأمنية كما وفيرا من المعلومات حول سكان مناطقهم، بما في ذلك النازحين الذين انتقلوا إلى مجتمعاتهم قادمين من مناطق أخرى.
وأردف أنه "أصبح للمختار اليوم الكلمة الفصل في المحاكم، فشهادته وتصريحاته والمعلومات التي بحوزته تعتبر أدلة أساسية لإثبات التهم على المنتمين إلى تنظيم داعش".
وشدد أن الدعم الذي يقدمونه للسلطات لم يأت من عبث بل جاء ردا على قمع داعش للناس الأبرياء، "مما دفع بجميع المواطنين وبينهم المخاتير إلى بذل ما بوسعهم لطي مآسي الإرهاب إلى الأبد".
وقال إنه ردا على ذلك، عمد عناصر داعش إلى تهديد المخاتير، آملين بثنيهم عن أداء واجباتهم أو دفعهم إلى مغادرة مناطقهم.
وتابع "لكن ما حصل هو العكس تماما"، لافتا إلى أن "المخاتير مصرون على التحدي وعازمون على المضي في أداء دورهم" وخدمة بلدهم.
هجمات على زعماء القرى
وفي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن داعش أعدمت تسعة مخاتير في محافظة كركوك خلال الأشهر السبعة الماضية.
وفي هذا السياق، قال مسؤول أمني محلي إن عناصر داعش أقدموا في 2 تشرين الثاني/نوفمبر على إعدام مختار قرية المحمودية المجاورة لبلدة الحويجة، عبد الله الوسمي، بعد أن هاجموا منزله.
وسبق إعدامه مقتل مختار بلدة الحانوتية المجاورة في 31 تشرين الأول/أكتوبر .
وأكد مسؤول في المحافظة إنه في 29 تشرين الأول/أكتوبر، "هاجم مقاتلو داعش منزل محمد جمعة، مختار قرية الجماسية" المجاورة للحويجة.
وأوضح المسؤول أنهم "اخرجوه من منزله وأعدموه أمامه قبل أن يلوذوا بالفرار".
وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت وسائل الإعلام المحلية أن مختار بلدة العياضية في قضاء تلعفر بمحافظة نينوى، عبد الله حسن علي، اغتيل في هجوم على منزله أسفر أيضا عن إصابة زوجته بجروح بالغة.
داعش تضع المخاتير على 'اللائحة السوداء'
بدوره، قال مدير ناحية القيارة، صالح حسن علي، إن هناك 73 مختارا موزعين على قرى تقع ضمن الحدود الإدارية لناحيته، وهم يزاولون أعمالهم بصورة طبيعية.
وذكر لديارنا"أثناء لقاءاتنا المتكررة معهم، أكد هؤلاء المخاتير أنهم لا يخشون داعش وسيواصلون مساندة القوات الأمنية حتى القضاء على آخر إرهابي".
وكشف عن بدء القوات الأمنية بمنح تراخيص للمخاتير "لحيازة وحمل الأسلحة للدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الإرهابية"، مشددا على أن القوات الأمنية والسلطات المحلية ستواصل تعاونها معهم.
وتابع أن "الإرهابيين جبناء وهجماتهم ليست إلا دليلا واضحا على جبنهم".
أما الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي، فلفت في حديث لديارنا إلى أن تنظيم داعش يحاول عبر استهداف المخاتير حماية نفسه من الأشخاص الذين يعتبرهم مصدر تهديد كبير.
وذكر أن "[داعش] وضعت المخاتير على اللائحة السوداء بسبب نشاطهم الآيل إلى تقويض الإرهاب عبر استراتيجية الردع الأمني المتبعة حاليا من قبل القوات الأمنية والاستخباراتية".