تعمل محافظة نينوى، التي كانت تعتبر منذ فترة طويلة قلب الأقلية المسيحية في العراق، على إعادة إعمار الكنائس التي دمرها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)،فضلًا عن دور العبادة الأخرى التابعة للأقليات.
وهذا يعكس إصرار المحافظة على الحفاظ على التنوع الديني والعرقي الذي يمثل جزءًا جوهريًا من هويتها، بحسب ما قال مسؤولون محليون لديارنا.
ويقول عضو اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى "محمد إبراهيم" إنه "على الرغم من أن أعمال التخريب والدمار قد طالت جميع دور العبادة الخاصة بالمسلمين والمسيحيين على حد سواء، فإن أعمال إعادة الأعمار تركز على الكنائس في الوقت الحالي".
ولفت في حديث لديارنا إلى أن "الاحصاءات المسجلة لدى الحكومة المحلية تؤكد أن عمليات إعادة الإعمار طالت حتى الآن ما بين 40 إلى 50 في المائة من الكنائس المتضررة أو المهدمة إبان سيطرة تنظيم داعش".
وأضاف أن أعمال إعادة الإعمار كان "يمكن أن تكون أكبر من هذا المعدل بكثير لولا شح التمويل وضعف الإمكانات الحكومية".
وأوضح أن ميزانية محافظة نينوى "غير كافية لمشاريع إعمار متكاملة نظرًا لحجم الدمار الكبير في معظم المرافق الخدمية".
وذكر أن المخصصات المالية التي صرفت العام الماضي لإعادة إعمار كنائس الموصل من موازنة ديوان أوقاف الديانات المسيحية والايزيدية والصابئة بلغت 102 مليون دينار عراقي (85 ألف دولار).
وأوضح أن تلك المبالغ وزعت لإعادة إعمار دور العبادة في قره قوش وكرمليس وتللسقف وباطنايا وباقوقة وبعقوبة وبرطلة وبعشيقة وبحزاني.
بدوره، قال الناشط "جرجيس العطوان" في تصريح لديارنا إنه على الرغم من جدية عمليات إعادة إعمار الكنائس وحماس القائمين عليها، إلا أنه من الصعب أن تشمل جميع الكنائس في الموصل حاليًا .
ولفت إلى أن "جميع الكنائس تضررت بشكل أو بآخر، حيث أن تنظيم داعش إما قد فجرها عمدًا أو خربها أو سرق محتوياتها"، مشيرًا إلى أن التنظيم قد حول مباني بعض الكنائس لاستخدامها كمقرات.
وتابع لم يترك التنظيم أية كنيسة عامرة، بما في ذلك كنيسة الساعة في الموصل وكنائس سهل نينوى.
كما دمر التنظيم الكنائس التاريخية، بما فيها كنائس الحي العربي بالموصل، "ومعظمها كنائس قديمة أثرية يعود عمرها إلى مئات السنين وتضم قطع وكتب نفيسة".
تشجيع المسيحيين على العودة
وأضاف "العطوان" إن "إعادة إعمار هذه الكنائس ستشكل حافزًا مهمًا لأبناء الطائفة المسيحية للعودة إلى محافظتهم".
وبين أن إعادة إعمار الكنائس سيعيد لمسيحيي الموصل الشعور بالانتماء، و"يعزز النسيج المجتمعي الذي لا يمكن للموصل أن تخسره رغم موجات النزوح القسري التي حاول تنظيم داعش فرضها على المدينة".
كما رأى أنه من شأن عودة المسيحيين والأقليات الأخرى إلى بيوتهم في المحافظة أن تساعد في تنشيط الاقتصاد المحلي.
إلا أن "العطوان" لم يخف وجود هواجس أمنية لدى المسيحيين تعيق عودتهم إلى نينوى، وحث الحكومة على تحفيزهم على العودة عبر "فرض إجراءات أمنية أكثر تشددًا، ولا سيما في المناطق المختلطة عرقيًا ودينيًا" .
من ناحيته، يؤكد عضو مجلس محافظة نينوى "داوود جندي" في حديث لديارنا أن الحكومة المحلية بمحافظة نينوى والأجهزة الأمنية عازمة على السيطرة على الواقع الأمني للسماح للمسيحيين بالعودة إلى مدنهم .
ولفت إلى أن "داعش والمجاميع الإرهابية لم تستهدف مكونًا دون آخر، بل استهدفت الجميع ودمرت المساجد والمراقد والمواقع الأثرية قبل أن تدمر الكنائس والأديرة ودور العبادة الايزيدية".
وأشاد "جندي" بجهود ديوان أوقاف الديانات المسيحية والايزيدية والصابئة لدعم استقرار المسيحيين وتبديد هواجسهم الأمنية، فضلًا عن جهود إعادة إعمار الكنائس.