رفع ناشطون وثائق إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الدولية، للتأكد من محاسبة المسؤولين المتواطئين في استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية المحظورة.
وكانت حكومات العالم قد صوتت في 27 حزيران/يونيو على تعزيز صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتمكينها من تسمية المسؤولين عن الهجمات التي استخدمت فيها الأسلحة السامة في سوريا، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى الرغم من رفض كل من روسيا وسوريا وإيران للقرار، تم التصديق عليه بموافقة 82 عضوا ومعارضة 24.
وفي هذا السياق، قال المحامي السوري بشير البسام لديارنا "رفعت منظمات حقوق الإنسان السورية أكثر من 350 تقريرا حول استخدام جيش النظام أسلحة كيمياوئية ضد المدنيين على مدى السنوات الماضية".
وأضاف أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حققت في عدد قليل فقط من هذه التقارير التي تغطي 70 هجوما، إذ يصعب الوصول إلى مواقع الهجمات المزعومة.
وتابع أن "مجموعة كبيرة من الناشطين السوريين المتواجدين داخل سوريا وخارجها يتابعون هذا الملف بشكل دقيق بغية تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه العمليات الإجرامية بحق المدنيين السوريين".
وأوضح البسام أن الناشطين الذين يعملون مع منظمات الإغاثة والمنظمات الطبية، بذلوا أقصى جهودهم لتقديم أدلة على تورط النظام في هذه الهجمات.
وقال "أجروا فحوصات طبية لبعض المصابين والجرحى الذين نقلوا إلى خارج سوريا للعلاج بعد استنشاقهم لغاز سام".
وقدموا أيضا صورا ومقاطع فيديو توثق اللحظات التي تعرّض فيها المدنيون لصعوبات في التنفس وتوفي بعضهم إثر استنشاق غاز سام.
مواقع هجمات مشتبه بها
وبحسب عمال الإغاثة والمسعفين الذين كانوا أول من هرع إلى موقع، قتل نحو 40 شخصا في هجوم يشتبه أنه كيميائي ونفذ في 7 نيسان/أبريل على مدينة دوما الخاضعة للمعارضة.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 13 حزيران/يونيو إنها لم تعثر على أي دليل يؤكد استخدام غاز الأعصاب في الهجوم، لكنها أشارت إلى احتمال استخدام الكلور وأوضحت أن مهمتها لتقصي الحقائق وجدت "إلى جانب مخلفات مواد متفجرة، مواد آخرى مختلفة كيميائية وعضوية تحتوي على الكلور".
وذكرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن "العمل الذي يقوم به الفريق لمعرفة أهمية هذه النتائج مستمر".
وفي 13 حزيران/يونيو أيضا، قالت المنظمة إن استخدام السارين والكلور "مرجح جدا" في هجومين منفصلين استهدفا قرية اللطامنة في شمال غرب سوريا يومي 24 و 25 آذار/مارس 2017.
وفي 30 آذار/مارس، تعرضت اللطامنة لهجوم ثالث استخدم فيه غاز السارين، حسبما قال العام الماضي مدير المنظمة أحمد أوزومكو لوكالة الصحافة الفرنسية.
واعتقد سابقا أن الهجوم على خان شيخون في 4 نيسان/أبريل 2017 والذي أودى بحياة أكثر من 80 شخصا، كان أول هجوم يستخدم فيه النظام غاز السارين منذ الهجوم القاتل الذي استهدف الغوطة الشرقية في آب/أغسطس 2013.
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت استخدام السارين في هجوم وقع عام 2013 وأدى إلى مقتل ألف شخص بينهم أكثر من 400 طفل، وفقا لما ذكره الصحافي السوري محمد العبد الله لديارنا.
عقوبات ضد النظام السوري
من جهته، قال أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة والباحث في المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية وائل الشريمي إن "قوات النظام السوري نفذت هجمات ممنهجة ضد المدنيين بأسلحة محظورة وأسلحة كيميائية".
وأضاف لديارنا أن هذه الاستراتيجية مورست "لإخضاع المناطق الخارجة عن سيطرته"، مشيرا إلى أن النظام والوسائل الإعلامية التابعة له قد أصدرت تصريحات متكررة تنفي فيها استخدامه للأسلحة الكيميائية.
وأضاف أن "إثبات هذا الأمر ليس صعبا، لكنه يتطلب وقتا لأن آثار بعض المواد المستخدمة، وخاصة غاز الخردل وغاز السارين، يصعب إخفاؤها"، لافتا في الوقت عينه إلى سهولة إخفاء استخدام غاز الكلور.
وأوضح الشريمي أنه بموجب القانون الدولي، المسؤولية تقع أيضا على عاتق الأفراد والشركات الذين قاموا بنقل المواد التي استخدمت في هذه العمليات أو سهلوا تنفيذها أو مولوها.
وأردف أن "هذا الأمر دفع وزارة الخزانة الأميركية والحكومة الفرنسية إلى فرض عقوبات على عدد من الكيانات".
وتشمل هذه الكيانات مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري وقطرنجي إلكترونيك للتجارة وتوب تكنولوجيز.
وأعلنت الولايات المتحدة في 25 تموز/يوليو أنها فرضت عقوبات على ثمانية أشخاص وخمسة كيانات ساعدت في تشكيل أجزاء رئيسة من شبكة المشتريات لبرنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وتعد هذه الخطوة جزءا من عمل منسق مع فرنسا وتستهدف شبكة مشتريات مركز البحوث والدراسات العلمية السوري الذي تعتبره وزارة الخزانة الأميركية مسؤولا عن تطوير الأسلحة الكيميائية، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت وكيلة وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية سيغال ماندلكر، إن "استخدام سوريا المروع للأسلحة الكيميائية بما في ذلك الهجمات ضد النساء والأطفال الأبرياء، ما زال مغروسا بعمق في نفوسنا".
وأضافت في بيان "نواصل حملتنا لوقف هجمات نظام الأسد الوحشية من خلال استهداف شبكات المشتريات التي دعمت برنامجه الخاص بالأسلحة الكيميائية".