تسود العالم الإسلامي نظرية راسخة مآلها أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وما يماثله من جماعات متطرفة هم من نتاج الدول الغربية وبشكل خاص الولايات المتحدة.
وتقول النظرية التي تحظى بشعبية كبيرة بين شرائح واسعة من السكان والسياسيين في العالم الإسلامي، إن الغرب يستخدم هذه الجماعات كذريعة للتدخل في شؤون الدول الإسلامية.
ويعتقد عدد من الأكاديميين والخبراء والشخصيات الدينية، أن نظريات كهذه ما هي الا أكاذيب تُنشر لتشويه الحقائق على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، قال الفقيه العلامة إحسان صدقي، رئيس لجنة الحوار بين الأديان من أجل السلام والوئام، إنه "من خلال الترويج لمثل هذه النظريات، تسعى بعض القوى على أرض الواقع إلى إرباك الناس بشأن وحشية الشبكات العالمية المتشددة".
وأضاف للمشارق: "إن تاريخ تأسيس داعش في الشرق الأوسط ليس موضع شك"، مشيرا إلى أن "المرء يمكن أن يتتبع جذوره إلى أبو مصعب الزرقاوي".
والزرقاوي هو متشدد أردني انضم إلى القاعدة عام 2004، وتعهد بالولاء لأسامة بن لادن ليصبح لاحقاً أول أمير لتنظيم القاعدة في العراق.
جذور في العراق
وانضم زعيم داعش الحالي أبو بكر البغدادي إلى تنظيم القاعدة في العراق عام 2005 بعد خروجه من سجن كمب بوكا في بغداد، حيث كان قد اعتُقل أثناء زيارته لإرهابي مطلوب.
وقال الخبير العراقي هشام الهاشمي إن البغدادي الذي ولد عام 1971 في قرية الجلام جنوبي سامراء، انتقل لاحقا إلى بغداد لاستكمال تعليمه. والهاشمي صاحب مؤلفين عن داعش، "عالم داعش" و "داعش من الداخل".
وأضاف الهاشمي أن البغدادي تأثر منذ صغره بالفكر السلفي، وواصل نشر رؤيته المتطرفة كإمام لمسجد بغداد.
وبصفته عضو بارز في جماعة جيش الطائفة المنصورة المتشددة، تعرّف البغدادي على تنظيم القاعدة بواسطة ابن عمه الملا فوزي البدري، وتعهد آنذاك بالولاء للزرقاوي.
وقتل الزرقاوي في غارة أميركية في حزيران/يونيو عام 2006.
وتابع الهاشمي: "بعد مقتل الزرقاوي وحلول أبو عمر البغدادي (حميد داود محمد خليل الزاوي) مكانه، تمكن البغدادي من التقدم في صفوف التنظيم".
وخدم بعد ذلك تحت قيادة أبو حمزة المهاجر، الرئيس المصري لتنظيم القاعدة في العراق، "ممهدا الطريق ليصبح قائداً لداعش".
وأشار الهاشمي إلى أن مقتل المهاجر على يد القوات العراقية عام 2010، "سمح للبغدادي بتولي قيادة التنظيم".
وبعد تعيين البغدادي "قائدا لتنظيم داعش الناشئ"، كبرت طموحاته ووضع نصب عينيه تحقيق حلم إحياء الخلافة الإسلامية.
وأردف الهاشمي: "عام 2011، استغل البغدادي الاضطراب في سوريا وأرسل بعضاً من أتباعه المقربين لإقناع عناصر القاعدة في شرقي سوريا باعتناق فكرة الخلافة والتخلي عن تنظيمهم للانضمام إلى داعش التي كانت قوتها تزداد يوماً بعد يوم".
في نهاية المطاف، نجح في نيسان/أبريل 2013 باستقطاب قادة وعناصر المجموعات السورية المرتبطة فكرياً بالقاعدة، وأعلن تأسيس داعش.
أكاذيب لا تعد ولا تحصى
من جهته، قال الباحث السياسي المصري والأستاذ في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عبد النبي بكار للمشارق، إن انتشار الجماعات الإرهابية في المنطقة ترافق مع أكاذيب لا تعد ولا تحصى.
وأوضح أنه "عند التدقيق في الحقائق التاريخية والسياسية، نكتشف زيف هذه المزاعم التي عملت جهات مجهولة على ترويجها".
وأردف أن هذه الادعاءات اكتسبت صدقية على نطاق واسع، "لأن العديد من السياسيين في المنطقة دأبوا على ترديدها مرارا وتكرارا".
وسأل بكار: "كيف يمكن أن تكون داعش من صنع الولايات المتحدة، إذا كانت هذه الأخيرة ولدت من رحم القاعدة في العراق التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي وقبله بن لادن؟".
أما مدير معهد باك لدراسات السلام في إسلام آباد، محمد أمير رنا، فقال إن حقيقة ولادة داعش على أيدي قادة سابقين في تنظيم القاعدة نشطوا في سوريا والعراق، واضحة وضوح الشمس.
ومثله، أكد الخبير العراقي الهاشمي أنه "لا يوجد مؤشر على أن داعش هي إنتاج أميركي".
وقال: "ظهر التنظيم وطور قدراته الهجومية وتكتيكاته بواسطة قدراته الخاصة"، مضيفا "لا يمكن أن نتصور أنها وسائر المنظمات المتشددة تتلقى تعليمات وتوجيهات من وكالة الاستخبارات المركزية أو غيرها".
من جانبه، أكد الحاكم السابق لإقليم هلمند الافغاني جمعة خان هامارد، أن "داعش ليست وليدا أميركيا".
وتساءل: "كيف يمكن لأحد أن يدعي أن داعش هي نتاج أميركي وهي العدو الأكبر للولايات المتحدة وتعمل ضدها؟".
أما النائب الأفغاني عن ولاية ننكرهار أمير خان يار، فأشار إلى أن الولايات المتحدة تخوض حربا ضد داعش في أفغانستان.
وقال: "نشهد يومياً في نانغارهار كيف تقاتل أميركا عناصر داعش ويضحي جنودها بحياتهم من أجل استقرار أفغانستان"، نافياً بشكل قاطع أن تكون الولايات المتحدة "تدعم" داعش.
محاولة لتحويل الإنتباه
وقالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة بسيمة حسني، إن "نظرية المؤامرة ليست جديدة" مشيرة إلى أنها "ليست سوى مجموعة من الأكاذيب المختلقة بشكل كامل".
وأوضحت للمشارق أنه ما أن ينشر أشخاص أو مؤسسات يتمتعون بمصداقية لدى جمهورهم كذبة، "حتى تصبح حقيقة واقعية أو مؤامرة تحاك ضد السكان المستهدفين".
وأكدت حسني إن عامة الناس غالباً ما لا يدققون في صحة هذه الأكاذيب ويقتنعون بها ما أن تصدر عن شخصيات معروفة.
وأضافت أن نشر الأكاذيب يحوّل انتباه الناس عن المشاكل الأساسية، وهنا يكمن الهدف الرئيس من وراء نظرية المؤامرة، فهي تشكل "عاملا لتشتيت الانتباه يهدف إلى إطالة أمد المشكلة لأطول فترة ممكنة".
وقال رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ خالد الملا للمشارق، إن "اعتبار داعش منتجا أميركيا"، ما هو إلا محاولة للتقليل من أهمية مشكلة الإرهاب والتطرف في العالم الإسلامي.
وتساءل: "هل من المنطقي القول إن الولايات المتحدة تسيطر على فكر 1.5 مليار مسلم وإنها تضع القرارات عن للمسلمين؟".
وتابع: "لماذا لا نعترف أن داعش هي نتاج فكر متطرف [ينشره] رجال الدين والسلطة والنفوذ للتلاعب بمشاعر الشباب المسلم والسيطرة على عقولهم من أجل مصالح أنانية أو غايات سياسية؟".
دور النظام الإيراني
إلى هذا، أكد خبراء للمشارق، أن فيلق الحرس الثوري الإيراني غالباً ما نشر الأكاذيب حول سبب الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط مآلها أن الدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة تغذيها.
ووفقا للباحث في مركز الشرق للدراسات والأبحاث الإقليمية والاستراتيجية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، فتحي السيد، يروج الإعلام الإيراني بشكل مستمر لهذه النظرية ويزعم أن الهجمات الإرهابية والمؤامرات في المنطقة هي جزء من المؤامرة التي حاكتها الولايات المتحدة ضد شعوب المنطقة خدمةً لمصالحها الخاصة.
وقال السيد إن انتشار نظرية المؤامرة هذه ساعد العديد من الجماعات التي تدور في فلك إيران والمؤيدة لها مثل حزب الله اللبناني.
وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني يقف وراء انتشار هذه الأكاذيب، مشيرا إلى أن طهران تقدم الدعم بانتظام للجماعات المتطرفة وبينها تنظيم القاعدة.
وقال بكار، أستاذ القانون في جامعة الأزهر، إن "الهدف من نشر هذه الكذبة هو أولا نزع المسؤولية عن [الحرس الثوري الإيراني] و [ثانيا] تقديم ذريعة لتدخله في المنطقة".
واستغلت إيران نظرية المؤامرة هذه "للسيطرة على الطائفة الشيعية في العالم العربي تحت ستار الوقوف في وجه المشروع الأميركي وحماية [الشيعة] من محاولات إنهاء وجودهم".
تخضع المنطقةلبرامج تجهيل وتخريب ثقافي واقثصادي واجتماعي مدروس وممنهج وفق ما تتطلبه كل مرحلة ، وما الوهابية والبهائية والبعث والرستاخيز واللائيك والقاعدة وداعش التي اظهرت قدرات فائقة في التنظيم والاعلام والتقنية والحرب النفسية . مما لا تملكه شعوب المنطقة ، وفاقد الشئ لا يعطيه، الا نتاج ادمغة الغرب المستعمر.
الرد2 تعليق
كشف كلاسيكي للحقيقة. من الواضح جدًا أن مجموعات إسلامية مختلفة على الأرض لا تعرف إلا كيفية التطرق لمصالح المقاومة – حزب الله وإيران وروسيا - وليس إسرائيل أو الولايات المتحدة. إن دعايتكم مخزية وأنتم ستلعنون ويلقى بكم إلى جهنم.
الرد2 تعليق