على الرغم من الإطاحة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الموصل في تموز/يوليو الماضي، ما تزال المدينة القديمة مليئة بالأنقاض.
وبهدف تنظيف الشوارع وإعادة المدينة إلى حالتها السابقة، شكلت مجموعة من المتطوعين المحليين مبادرة أطلقوا عليها اسم "ثورة الدنابر".
وكلمة الدنابر ومفردها "دنبر"، هي كلمة عامية عراقية تعبر عن "الشاحنات القلابة"، تستخدم لنقل المواد التي تجمع من مواقع البناء. ويستخدمها المتطوعون حالياً لإزالة الأنقاض لأنها تسهل لهم عملية الدخول إلى أزقة المدينة الضيقة.
وقال الناشط المدني والمسؤول عن فريق تطوعي يسمى مثابرون للخير، بندر العكيدي، إن "مبادرتنا كانت في البداية مجرد مساهمة بسيطة من فريقنا لدعم الجهود البلدية الخاصة بتنظيف المدينة القديمة من الأنقاض".
وأضاف لديارنا: "ومن ثم تشجعنا على العمل أكثر بعد أن شهدنا على عودة الأهالي النازحين للأزقة التي قمنا بتنظيفها"، مشيراً إلى أنهم ما لبثوا أن شاركوهم في أعمال التنظيف.
وتابع أن "حجم المشاركة أخذ يتضاعف تدريجياً ليضم الآن مئات المتطوعين المحليين من مختلف الأعمار، والذين انخرطوا في فرق تنظيف تعمل في عدة أحياء بالموصل القديمة".
وأوضح العكيدي أن هذه العجلات أصبحت رمزاً للعمل التطوعي، علماً أنها لا تحمل في النقلة الواحدة سوى متراً مكعباً واحداً من الأنقاض، وهي كمية صغيرة مقارنة مع حجم الدمار الكبير الذي طال المدينة القديمة.
وذكر أنها باتت أساسية في عملية التنظيف بسبب قدرتها على دخول الأزقة الضيقة والتي تعجز عن دخولها عجلات الحمل الكبيرة التابعة للبلدية.
وأكد العكيدي أن المتطوعين تمكنوا حتى الآن من تنظيف أربعة أحياء، وهي المشاهدة، السرجخانة، الخزرج والفاروق.
وقال إن كمية الأنقاض التي رُفعت تعادل حمولة 15 ألف دنبر.
ولفت إلى أن "المتطوعين يعتمدون على إمكاناتهم الذاتية وعلى الدعم الذي يتلقونه من الناس الميسورين في تغطية متطلبات المبادرة".
وشدد على أن "هدفهم هو المساعدة على إزالة كل آثار الحرب وإعادة الحياة الطبيعية للأحياء المتضررة سريعاً"، مضيفاً أن أكبر عائقين أمام انجاز أعمالهم بالسرعة الممكنة هما المتفجرات والجثث المدفونة تحت الأنقاض.
المشاركة في تحمل الأعباء
من جهته، أشار مدير بلدية الموصل، عبد الستار الحبو، إلى أن المتطوعين "يساعدون في تحمل عبء المهام الملقاة على عاتق الحكومة المحلية، وهي مهام كبيرة تتطلب تعاوناً جماعياً لإنجازها".
وأضاف لديارنا: "نعمل سوية، هم يرفعون الأنقاض بالدنابر من الأزقة الضيقة إلى الشوارع والساحات المفتوحة لتتولى آلياتنا الكبيرة لاحقاً نقلها إلى خارج المدينة".
وذكر الحبو أن الحرب في الموصل "خلفت نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون متر مكعب من الأنقاض"، لافتاً إلى أنهم استطاعوا حتى اللحظة رفع أنقاض بحجم مليونين ونصف مليون متر مكعب من عدة مناطق وأحياء، أي بوزن ثلاثة ملايين و400 ألف طن.
ورفعت البلدية أيضاً 7500 عجلة محترقة بفعل المعارك، وهي بصدد تنفيذ حملة أخرى لرفع ثلاثة آلاف عجلة معطوبة أغلبها موجود في غربي الموصل.
وكشف عن خطة لإعادة تبليط الأرصفة وتأهيل الحدائق والساحات العامة، إضافة إلى رفع نحو 25 ألف قطعة خرسانة من الطرقات.