قال مسؤولون من قوات سوريا الديموقراطية لديارنا إن القوات تحضّر مدينة الرقة لمرحلة ما بعد التحرير، من خلال تدابير طويلة الأمد صُممت للحفاظ على الأمن.
وتشمل هذه التدابير تدريب قوى الأمن الداخلي وفرق إدارة حركة المرور لاستلام ملف الأمن وإنفاذ القوانين، فضلاً عن تطهير المدينة ومحيطها من الألغام والمتفجرات التي زرعها تنظيم داعش.
وقد أعلنت قوات سوريا الديموقراطية في 20 تشرين الثاني/أكتوبر، "فوزاً تاريخياً" على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة الرقة وتعهدت بتسليم السلطة إلى إدارة مدنية.
ولكن علّقت قوات سوريا الديموقراطية علمية تسليم السلطة إلى مجلس الرقة المدني، قائلةً إنه لا يزال من الضروري التخلص من الكثير من الذخائر قبل تسليم المدينة للمدنيين.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية طلال سلو، "بعد الانتهاء من عمليات المسح... سنسلم المدينة لمجلس الرقة المدني".
ومن جهته، قال محمود إسماعيل وهو قيادي في قوات سوريا الديموقراطية أصله من محافظة الرقة، إن "قوات سوريا الديموقراطية وعدت الأهالي وستوفي بوعدها من خلال تدريب وتجهيز الفرق الأمنية لإدارة المناطق المحررة، وهم بالكامل من أبناء المحافظة".
وأضاف إسماعيل للمشارق أن السكان أقبلوا بكثافة على الالتحاق بقوى الأمن الداخلي وإدارة المرور وغيرها من القطاعات الخدماتية.
وتابع "يرغبون بالمشاركة بصورة فعلية في عملية إعادة البناء وإعادة الأمور قدر المستطاع إلى سابق عهدها.
وذكر اسماعيل أن مسالة تسليم المهام إلى قوى الأمن الداخلي ستتأخر إلى حين الانتهاء من تطهير المدينة ومحيطها من الألغام والمفخخات.
وقال إن "المراكز الأمنية ستُجهز تزامناً مع عودة الأهالي إلى منازلهم وأملاكهم"، مشيراً إلى أن بعض المجموعات التابعة لقوى الأمن الداخلي موجودة حالياً عند مداخل المدينة إلى جانب عناصر قوات سوريا الديموقراطية.
الأمن 'بيد أبناء المنطقة'
وفي هذا السياق، قال عبدالله حيدر وهو من أهالي مدينة عين عيسى والتحق بقوى الأمن الداخلي بعد القتال في صفوف قوات سوريا الديموقراطية، إنه بعد الانتهاء من مرحلة إزالة الألغام، ستصبح المدينة بعهدة قوات الأمن الداخلي.
وأوضح لديارنا أن "الكليات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديموقراطية قامت بتدريب المئات من الشبان الذين تطوعوا للعمل في قوى الأمن الداخلي".
ولفت إلى أن عدداً كبيراً قد تخرج من هذه الكليات، وكان آخرهم 253 شاباً تخرجوا في عين عيسى.
وأشار حيدر إلى أنه "سيتم توزيع الخريجين الجدد على النقاط الأمنية في مدينة الرقة وريفها".
وقال إن معظم الخريجين من دورات قوى الأمن الداخلي التدريبية هم من أبناء محافظة الرقة، وهم مجهزين للقيام بعملهم.
وأكد على أنه "سيتم وضع أمن المنطقة بيد أبنائها".
وبدوره، قال فهيم درويش، 20 عاماً وهو من ريف الرقة، إنه تطوع في صفوف قوى الأمن الداخلي للمشاركة في حماية المناطق المحررة من داعش.
وتابع في حديث لديارنا أنه وزملاءه باتوا على يقين بأن عليهم حماية مناطقهم بأيديهم.
وشرح أنه "كان لقوات سوريا الديموقراطية الدور الأساسي بالتحرير وبمرحلة ما بعد التحرير، فهي لم تتخلَ عن أهالي الرقة سابقاً ولن تقوم بذلك الآن. فهي تقوم ومعها قوات الأسايش بتدريبنا وتجهيزنا للحفاظ على الأمن في المناطق المحررة".
ودرويش الذي أجبر على ترك المدرسة بسبب الحرب في سوريا، عبّر عن أمله بأن يسمح دوره في الحفاظ على الأمن في المدينة للأطفال السوريين بالتعلم بعيداً عن الجماعات المتطرفة والنزاعات.
الرقة مزروعة بالألغام
وفي هذا الإطار، قال مصطفى سيلان الذي ينتمي إلى فريق إزالة الألغام التابع لوحدات حماية الشعب الكردية، إن عدد الألغام والمتفجرات والأجسام المفخخة التي تركتها داعش في الرقة، هو الأكبر مقارنة بالمدن الأخرى التي سيطر عليها التنظيم.
وأضاف لديارنا، "لا مبالغة في قول إن كل مدخل للمدينة وكل من طرقاتها وأحيائها ومنازلها ومتاجرها مفخخ".
وتابع أن القدر الهائل من الدمار في المدينة يجعل من الصعب جداً البحث عن الألغام التي قد تكون تحت الأنقاض.
وأشار إلى أن "بعض الأماكن هي مناطق وقعت فيها أضرار كبيرة جداً، كورش العمل التي كانت يصنع فيها التنظيم العبوات الناسفة والألغام".
وأضاف أن وحدات قوات سوريا الديموقراطية عثرت على اثنين من ورش العمل هذه، الأول هو معمل لصنع العبوات الناسفة والألغام في ناحية التيار، والثاني هو معمل لتفخيخ السيارات في ناحية البدو.
وأكد أن المدنيين لن يعودوا إلى ديارهم إلا بعد استكمال مسح شامل لكل أنحاء المدينة وتنظيفها من المتفجرات.
وقال سيلان إن "الأعمال جارية عند مداخل المدينة وفي محيطها الخارجي، كما في بعض المباني الخدمية الأساسية التي لم تدمر خلال الحرب"، مضيفاً أن عمليات إزالة الألغام ستنتقل في ما بعد إلى وسط المدينة.
وأشار إلى أن بعض الألغام والعبوات الناسفة التي تركها التنظيم مزروعة تحت الأرض، فيما استخدم البعض الآخر لتفخيخ أبواب المنازل والأثاث والغسالات والبرادات والأفران.
وذكر أن بعض المتفجرات مزودة بأجهزة تفجير متطورة يتم تفعيلها باللمس أو بالهز، أما الأخرى، فموصولة بمواد كيميائية تتفاعل مع أي تغيير بدرجة الحرارة.
عاد بعض الأهالي
وقالت قوات سوريا الديموقراطية في بيان نشر عبر المواقع الإلكترونية يوم الأحد، 5 تشرين الثاني/نوفمبر، إن مئات الأهالي عادوا إلى المشلب في أقصى شرق الرقة.
وذكر المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية أن "القوات أعلمت المدنيين من أبناء المشلب أنهم يستطيعون العودة إلى منازلهم بعد انتهاء فرق إزالة الألغام من تطهير الحي بكامله من المتفجرات التي تركتها داعش بصورة عشوائية في منازل المدنيين".
وأشار إلى أن المشلب هي الناحية التي عاد إليها السكان منذ "تحرير المدينة من داعش"، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولكن تبقى قوات سوريا الديموقراطية في حالة تأهب عالية على أطراف الرقة من أجل منع المدنيين من الدخول إلى المدينة وتعريض أنفسهم للخطر، وفق ما ذكره قائد إحدى وحدات قوات سوريا الديموقراطية، غسان إبراهيم.
وأوضح لديارنا "للأسف، تجاهل بعض المدنيين التعليمات وحاولوا الدخول إلى منازلهم والنتيجة كانت مقتل تسعة منهم فور دخولهم المنزل، في انفجار كبير لعبوة ناسفة.
وأكد أن أهالي المدينة أصبحوا يدركون ضرورة الامتثال للتعليمات التي وجهتها لهم القوات المنتشرة في مختلف أنحاء المدينة.
وقال إبراهيم إن السكان يقدرون جهود قوات سوريا الديموقراطية "وهم مقتنعون بأن تأخير عودتهم إلى ملكياتهم ومنازلهم أمر ضروري جداً".
وتابع أن الألغام تسببت أيضاً بمقتل عدد من عناصر قوات سوريا الديموقراطية الذين شاركوا في عمليات المسح.
وذكر أن "الألغام في الرقة مخفية بالكامل، وبالتالي يصعب توقع مكانها".
وبدوره، قال صفيان الحلاني وهو من أبناء الرقة وكان يملك محلاً في المدينة ويقيم حالياً في عين عيسى، إنه لن يعود قبل أن يتم الإعلان عن خلو المدينة من المتفجرات.
وتابع في حديث لديارنا أن "الأخبار التي كانت ترد من المدن والمناطق المحررة من داعش توضح كيف أن التنظيم عمد إلى تفخيخ كل شيء لمجرد التسبب بإصابات".
وختم قائلاً "ليس من المنطقي أن ننجو من التنظيم وأن نصل إلى المناطق الآمنة للمخاطرة اليوم بحياتنا".