بالرغم من المخاطر التي يتعرض لها الهاربون من مناطق الأنبار الخاضعة لسيطرة ʼالدولة الإسلاميةʻ (داعش)، يشعر العديد من العائلات أن المحاولة تستحق العناء.
ومن الذين اختاروا الهروب، أبو محمد الذي يستخدم اسماً مستعاراً خوفاً على سلامته وهو من سكان القائم، وقد هرب من بلدته مع زوجته وشقيقه.
وقال أبو محمد إنه تمكن في نهاية شهر تموز/يوليو من إيصال عائلته إلى أقرب نقطة تفتيش للجيش العراقي في مدينة الرطبة، بعد المشي طوال يومين في طرقات وعرة.
وأوضح لديارنا أنه استعان بمهربين لمساعدته في التنقل عبر الصحراء "مقابل 300 دولار للفرد الواحد".
وأضاف "هذا المبلغ كان ثقيلاً علينا لأننا بلا عمل، لكن حاولنا تأمينه بأي طريقة للنجاة بأنفسنا ومهما كان الخطر".
وأضاف "عندما نجازف بأرواحنا، هذا أكبر دليل على الجحيم الذي نعيشه مع الإرهابيين. وتبطش داعش بالناس هناك [في القائم]، ومن لا يموت على يد عناصرها يموت جراء نقص الدواء والغذاء".
هروب الآلاف من المدن الحدودية
يُذكر أن آلاف السكان المقيمين في مدن القائم وعنه وراوه الحدودية غربي الأنبار، أجبروا على ترك منازلهم بسبب اضطهاد داعش التي سيطرت على المنطقة وحاصرت أهاليها.
وقال قائم مقام الرطبة، عماد مشعل الدليمي إن "نحو 20 ألف من هؤلاء السكان نجحوا خلال الشهور الثلاثة الماضية في الفرار من الإرهابيين بمساعدة مهربين رغم المجازفة وكلفة الهرب الباهظة عليهم".
وأوضح لديارنا "عندنا محطة مخصصة لاستقبال العائلات الهاربة حيث يقدم لهم أولا الإسعاف الفوري والطعام ومن ثم يجري نقلهم إلى مخيم في غرب الرمادي لإيوائهم ورعايتهم".
وذكر الدليمي أن النازحين يصلون إلى مركز القوات الأمنية بحال سيئة للغاية إذ يعانون من الإنهاك والخوف.
وتكون لدى العديد منهم قصص مأساوية كثيرة يروونها عن الحياة تحت حكم داعش.
وأشار إلى أن عدداً منهم يخبر عن تعرضه للسجن والجلد ولسرقة الممتلكات أو المنازل. ويروي آخرون كيف علقوا في مناطقهم ومُنعوا من المغادرة، حتى في ظل معاناتهم من الجوع أو المرض.
وتابع الدليمي "هذه الحياة المريرة تدفع بالأهالي للفرار في رحلة خطرة وشاقة، فالمجازفة عندهم هنا أفضل من البقاء بالجحيم".
وقال عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الأنبار إن "الأهالي الفارين عندما ينجحون بالعبور لبر الأمان يقولون نحن غير مصدقين أننا نجونا وكتب لنا عمر جديد".
'لا رحمة في قلوبهم'
وأشار في حديث لديارنا إلى أن هؤلاء الأشخاص قبل أن يتمكنوا من الهروب، "كانوا تحت وطأة أشخاص لا رحمة في قلوبهم".
وأوضح أن "الناس كانوا يقتاتون فقط على الماء والتمر والخبز اليابس ويموتون ببطء"، مضيفاً أن بعض من حاولوا الهروب لم ينجوا "وقامت داعش بإعدامهم بطرق بشعة".
وتوقع الفهدواي زيادة أعداد الهاربين من المنطقة مع وشوك انطلاق معركة تحرير غربي الأنبار من داعش.
وأشارت تقديرات المسؤولين المحليين إلى وجود نحو 60 ألف مدني محاصرين من قبل عناصر التنظيم في تلك المناطق التي صارت بمثابة إحدى الملاذات الأخيرة المتبقية لداعش بعد هزيمتها في الموصل.
أما عن أعداد عناصر التنظيم، فقال الخبير الأمني جاسم حنون إنه "من الصعب وضع أرقام دقيقة لكون مناطق سيطرتهم مفتوحة على الصحراء وعلى مدن سورية".
ولفت إلى تقديرات تتحدث عن وجود نحو ستة آلاف عنصر، بعضهم لاذوا بصحراء الأنبار هرباً من معارك تحرير صلاح الدين ونينوى.
وأوضح حنون أن "معاناة السكان المحاصرين مؤلمة جداً، فالتنظيم يتعامل معهم بقسوة وعنف مفرط، والناس الذين كانوا مخدوعين أدركوا حقيقة الإرهابيين وزيف ادعاءاتهم".