كشف مسؤولون محليون لديارنا عن تصفية تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مئات المدنيين في ناحية تلعفر بمحافظة نينوى العراقية.
وتقع تلعفر تحت سيطرة داعش وهي محاصرة كلياً من قبل الجيش العراقي ووحدات الحشد الشعبي. وقد وردت تقارير عن اقتتال شرس بين عناصر التنظيم، علماً أن العديد منهم أتوا إلى المنطقة هاربين من الموصل المجاورة.
وبحسب الإعلام العراقي، فإن حالة الفوضى متفاقمة في صفوف داعش داخل تلعفر في أعقاب انقلاب داخلي قام به عدد من كبار القياديين النافذين ضد خصومهم في التنظيم.
وقال المسؤول المحلي حسن الأمين الذي طلب استخدام اسم مستعار حفاظاً على سلامة عائلته التي لا تزال محاصرة داخل المنطقة، إن "مسلحي داعش "أقدموا في الأسبوعين الماضيين على إعدام أعداد كبيرة من المدنيين من أهالي تلعفر".
وذكر إن "الأعداد تقدر حسب المعلومات التي حصلنا عليها بالمئات بينهم أطفال وربما نساء أيضاً".
وتابع لديارنا أن "التنظيم كان يحتجز هؤلاء الضحايا بعد فشلهم في الإفلات من قبضة عناصره، حيث كان البعض منهم على وشك الوصول للقوات الأمنية التي تتحصن في مناطق بالقرب من الجزء الشرقي من المدينة".
وأكد أن "الضحايا أغلبهم من المكون التركماني ومنهم مواطنون عرب من سكان قرى تابعة لتلعفر".
المكون التركماني مستهدف لمقاومته
ونقلت وسائل الإعلام العراقية أن داعش أعدمت أيضاً "آخر زعيم محلي" في تلعفر.
ووفق تقارير محلية، أحال التنظيم الضحايا إلى محكمته الشرعية المزعومة التي حكمت عليهم بالإعدام بتهمة "ترك أرض دولة الخلافة".
وقال الأمين إن "عمليات الإعدام نفذت رمياً بالرصاص"، لافتاً إلى قيام عناصر داعش أيضاً بالتنكيل بالضحايا عبر ربط جثثهم بأعمدة الكهرباء.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان وهو زعيم في الجبهة التركمانية العراقية إن داعش أعدمت 200 مدني بريء بين كبار وصغار في تلعفر وفي ناحيتي العيادية والمحلبية.
وأضاف لديارنا أن الضحايا اعتقلوا في سجون التنظيم بعد محاولتهم الهروب من تلعفر وطلب حماية القوات العراقية.
وأشار إلى أن "داعش استهدفت المجتمع التركماني نظراً للموقف الذي اتخذه ضد التنظيم"، قائلاً إن آلاف التركمانيين حملوا السلاح ضد داعش على جبهات قتال متعددة دعماً للقوات العراقية.
وتابع أن "التركمانيين قدموا أكثر من ألف شهيد في معارك لتحرير المدن من داعش في كل مناطق القتال وسيستمرون بالقتال حتى القضاء على التنظيم كلياً".
أعمال انتقامية مروعة
وذكر الأمين أن هذه الأعمال غير الإنسانية تأتي في إطار سعي داعش "لتضييق الحصار أكثر فأكثر على السكان واستخدامهم دروعاً بشرية".
وقال إن التنظيم أصدر سابقاً فتوى تسمح بقتل "أي شخص يحاول الهروب من المنطقة بغض النظر عن عمره أو جنسيته".
وأضاف أن "هذه المجازر المروعة جاءت أيضا كرد فعل انتقامي جراء الخسائر الثقيلة التي مني بها التنظيم في معارك تحرير المنطقة القديمة بالموصل".
وسبق للمرصد العراقي لحقوق الإنسان أن أعلن في بيان بتاريخ 7 تموز/يوليو أن "200 مدني من سكان حي القادسية بتلعفر أعدموا على يد عناصر داعش بعد احتجازهم أثناء محاولتهم الهرب من المدينة في عيد الفطر".
وأشار إلى أن "مسلحي التنظيم علقوا 17 جثة على أعمدة كهربائية قرب مديرية الشرطة والبوابة الشرقية للمدينة في انتهاك صارخ لكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وعبّر قبلان عن استنكاره الشديد للمجزرة التي قال إنها جاءت انتقاماً للروح البطولية التي أظهرها أهالي تلعفر الذين رفضوا داعش.
وطالب منظمة الامم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية بتوثيق الجريمة، كما دعا رئيس الوزراء حيدرالعبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة الى الإسراع في إنجاز عمليات تحرير المدينة.
مناشدات للإسراع في عملية التحرير
كذلك، طالب المرصد الحكومة العراقية بمنع حصول مزيد من الانتهاكات بحق المدنيين في المدينة حيث لا يزال نحو مائة ألف شخص عالقين.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أنه قبل سيطرة داعش على تلعفر في آب/أغسطس 2014، كانت المدينة تضم عدد سكان يبلغ نحو 200 ألف شخص.
بدوره، قال النائب البرلماني التركماني محمد تقي، إن القوات العراقية ستحرر تلعفر كاملة من قبضة التنظيم، وإن أهالي المدينة من السنة والشيعة سيتشاركون معاً في تحريرها "في مشهد وطني متاخي".
من جانبه، قال المحلل السياسي زياد العرار لديارنا إن تلعفر كانت محاصرة منذ مدة من جميع الجهات، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المعركة هناك أسهل مقارنة بباقي المعارك وذلك على الرغم من المقاومة المتوقعة.
واعتبر أن الملف الأهم في معركة تلعفر هو ملف مسك الأرض بعد التحرير وضبط زمام الأمور فيها.